حمزة الجواهري
&
&
&

سقط العشرات من أبناء العراق الأبرياء بين قتيل وجريح، من كل الأعمار وكلا الجنسين في كربلاء كما سقط من قبل الكثير من أبناء شعبنا بأعمال العنف المسلح الانتقامية على أيد مجرمين ومرتزقة وتجار دين، ويخرج علينا المذيع في إحدى الفضائيات العربية وهي مسيحية تعمل من لبنان ليعلن الخبر المتضمن العبارة التالية: كما وقد أستشهد جميع الذين قاموا بهذه الأعمال البطولية؟!!!!!!!!!
أي كفر هذا!؟ وأي استشهاد هذا!؟ وأي بطولة هذه التي تقتل بها طفلا وهو على صدر إمه!؟
إنها تلك الأعمال التي يسميها العرب بالمقاومة!!!!!!! عنزة حتى ولو طارت.
العنف المسلح لفلول البعث، مازال العرب يسموه مقاومة، فماذا يعني هذا؟
&إن تسميتها مقاومة يعني منحها صفة الشرعية القانونية والعرفية والأخلاقية.
&ويعني أيضا، إن ما يجري الآن من قتل للعراقيين على أيد مجرمين مرتزقة من العرب والقاعدة وفلول النظام يعني إنه عمل وطني لا غبار عليه ومن حق هؤلاء القتلة أن يعيثوا بأرض العراق فسادا ما شاء لهم ذلك.
&إن ترديد تسمية العنف المسلح الإجرامي في العراق بالمقاومة يعني عملية تشكيل ثابتة قومية قسرا ويجب أن لا يعترض عليها حتى الضحايا. ويعني أيضا تشكيل لغة خطاب معوج أفلج يلوي الحقائق لويا وفرضه على الناس& بحيث يصبح من المسلمات التي لا يجب أن يناقش بها أحدا، أي ""عنزة ولو طارت"".
إن الكلمة كما يقولون مسؤولية، ومن هم وراء هذا النهج وفرض هذه التسمية لأعمال الإرهاب والعنف المسلح على أرض الواقع، عليهم أن يتحملوا كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية والعرفية لما نتج وسينتج عن هذا العنف المسلح من جرائم ترتكب بحق أبناء شعبنا في العراق الجريح، وهذا ما يجب أيضا، أن نضعه نحن كعراقيين نصب أعيننا ونحاسب كل من ساهم بالجريمة بذبح أبناء شعبنا.
ما الدوافع وراء تسمية هذه الأعمال الإرهابية بالمقاومة؟
كون& العنف المسلح لفلول النظام ومن أنضم إليهم مرتبط بحالة الاحتلال، ولكن، بذات الوقت، اتفاق إرادة الشعب العراقي مع الأمريكان بشيئين أولهما إنهاء أخطر نظام دكتاتوري في تاريخ البشرية، وثانيهما إقامة نظام ديمقراطي في العراق، وهذان الهدفان هما تحديدا ما كان الشعب العراقي يناضل من أجلهما وقدم مئات الآلاف من الشهداء عبر أربعة عقود. ويبقى مسألة أخرى مهمة جدا وهي إنها حالة الاحتلال، وهذه مسؤولية الشعب العراقي بعد استتباب الأمن.
فلول النظام البعثي الدموية، بالتأكيد هي المتضرر الوحيد من هذا التغير، هذا بالإضافة إلى إنها سوف لن تجد لها مكانا في النظام الجديد، لأنها قد غرقت بالدم وفقدت امتيازات ما كانت تحلم بها. بالتأكيد إن هذه الفلول ستلجأ للعنف المسلح دفاعا عن نفسها وانتقاما من كل المستفيدين من هذا التغيير في العراق.
ما يتعلق بالعرب من دول الجوار بالخصوص، فإن أمر التغيير لا يروق لها لعدة أسباب، ولو أردنا أن ننصف العرب ونسقط كل الدوافع التي نعرفها ونختزلها بواحد فقط، فإن تسمية ""الإرهاب"" بأنه ""مقاومة"" يهدف إلى خلق حالة مزيفة من الرفض الشعبي للديمقراطية بشكل غير مباشر، وذلك من خلال بناء حاجز نفسي منيع بوجه أي مشروع ديمقراطي في المنطقة يمكن أن يهدد عروشهم ويطيح بأنظمتهم. لذا نجد إن الأجهزة الإعلامية مستميتة بخلق مثل هذه الحواجز النفسية، ولرفض عواصف التغيير في العراق والتي ينبغي لها أن تكون نبراسا يحتذى به في المنطقة برمتها.
الأنظمة العربية وأجهزتها الإعلامية تحاول ربط أي مشروع لبناء الديمقراطية بالأمريكان والاحتلال فقط، وكأن المقابر الجماعية في العراق كانت دون ما سبب، وإن العراقيين لم يكن لهم مشروع لبناء الديمقراطية. وهكذا أستغل الخائفون على عروشهم مسألة ارتباط الأمريكان بمثل هذا المشروع، فهو هو الطوطم العربي والمعضلة التي لا حل لها، بهذا يخلقون الحاجز النفسي بقبول الديمقراطية، ولا يهمهم قتل العراقيين الأبرياء مادام ذلك يحمي العروش التي أكلها العث وباتت خاوية على وشك الانهيار من ذات نفسها.
إنهم يعترفون إن من مصلحة أمريكا أن يكون في العراق نظام ديمقراطي، لذا صارت الديمقراطية في الإعلام العربي تعني أمريكا، وتعني العداء للإسلام والعروبة، وغير ممكنة التطبيق في المنطقة العربية والإسلامية، وهي في النتيجة الشر المستطير الذي ما بعده شر.
ويجب أن لا ننسى إن هذه الأنواع من المشاركة بالجريمة، هو مشاركة عن سابق قصد وترصد،. وإن اختيار العرب لهذا الأسلوب الأفلج لمعالجة مصائبهم والإبقاء على عروشهم، ما هو إلا إيغالا بالجريمة التي يقترفوها يوميا بحق شعوبهم ويساهمون، بذات الوقت، بإكمال ما لم يستطع أن يكمله صدام ونظامه الدموي من تدمير للعراق والعراقيين.&
إذا كان العراقي اليوم في ضعف منه لما عانى وما فعلت به قوى الشر، فإنه سيشتد ساعده غدا، وأول ما سيفعله شعبنا هو محاسبة كل من ساهم بجريمة ضده، وكل من سولت له نفسه الخسيسة للنيل من شعبنا، وسيكون الحساب عسيرا جدا.
من هم المسؤولين؟
إن صدام وفلوله وفلول القاعدة والمرتزقة العرب من الانتحاريين الذين يغرر بهم وتدفعهم منظمات عربية يقودها ساسة معروفين مقابل أموال تدفع لهم كانت قد نهبت من العراق قبل سقوط نظام البعث من قبل صدام وجلاوزته.
فلول النظام البعثي ومرتزقة عرب وإسلاميون وحدهم من وراء جميع أعمال العنف المسلح في العراق وليس الشعب العراقي كما يحلوا لهم أن يدعون، فليس هناك من يشارك بهذه الأعمال من الأكراد وهم يشكلون ما نسبته 20% من الشعب، ولا الشيعة يشاركون بها والذين يشكلون 60% من الشعب، ولا التركمان الذين يشكلون 5% يشاركون، ولا الناطقين بالسريانية الذين يشكلون 3% من الشعب يشاركون بها، ولا ثلاثة أرباع السنة العرب من العراقيين يشاركون بهذه الأعمال الإجرامية. إي ما يقرب من 98% من أبناء العراق يقفون ضد هذه الأعمال الإرهابية سواء بالسر أو بالعلن. فقط 2% من الشعب العراقي يساهمون بمثل هذه الأعمال، وليس الشعب العراقي كما يدعون، ولا السنة العرب كما يحاولن أن يقولون، وما التحركات السياسية التي تسمى سنية، ما هي إلا تنظيمات بعثية تشكلت كشكل آخر لرفض التغيير، فعلى سبيل المثال لجنة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي التي يرأسها مزهر الدليمي البعثي الذي كان حتى يوم سقوط النظام يعمل مع المخابرات العراقية سيئة الصيت، فكيف لرجل استخبارات معروف جدا تأريخه وما كان يمارسه من قتل وتعذيب وكل أنواع الإرهاب، أن يتحول في ليلة وضحاها إلى حمل وديع يدافع عن حقوق الشعب!!؟؟؟
اثنان بالمائة فقط من المجرمين العراقيين يسمونهم بالشعب العراقي! إن هذا الخطاب ليس جزافا، فه يعرفون تماما من يقف وراء هذه الأعمال، ولكن لغاية، بل غايات، في نفوسهم المريضة، كما أسلفنا.
المأزق الحالي
المال وتسهيلات وتدخلات دول الجوار من وراء استمرار العنف المسلح في العراق، ولكن بعد سقوط الجرذ صدام بأيدى التحالف والتأكد من إدارته للإرهاب، ومعرفة من يعاونه بذلك، فإنهم اليوم يواجهون مأزقا كبيرا للاستمرار، وإن هذا المأزق، هو ما يفسر اشتداد الضربات الجبانة لأبناء الشعب في الفترة الأخيرة، لأنهم فقدوا توازنهم، وفي الأيام القريبة القادمة، وبعد أن تنقطع عنهم مصادر التمويل، والملاحقة لهم، ستكون لياليهم حالكة السواد، وسوف لا يحصد العرب سوى سواد الوجه، والدم العراقي الذي يلطخ أيديهم، والخيبة المريرة لمن يجلس على عروشهم التي لا شك منهارة في القريب العاجل، الواحد تلو الآخر.
كلمة أخيرة:
يجب أن نذكر بما أسلفنا، إن من يسمي ""أعمال العنف المسلح"" في العراق ""بالمقومة""، و""التنظيمات السياسية البعثية الجديدة"" على إنها ""معارضة"" عراقية، إن عليه أن يتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية من إطلاق هذه المسميات جزافا وذلك لأبعادها الخطيرة على أمن العراقي ومستقبله.
وكما نعرف إن اللحم العراقي مر، كما العلقم.