منور غياض ال ربيعات
&
&
&
يبدو ان لا فرق بين الاحتلال الامريكي للعراق والتحريرالامريكي له، فالنتيجة واحده، فقد اصبح الانسان العراقي كالمستجير من الرمضاء بالنار، عام مضى من عمر العراق والعراقيين، والنتجة هي النتيجة، القتل والترويع والمعاناة. عام مضى والقاتل لايدري لماذا قتل، والمقتول من قتله. والقاتل القادم من اعالي البحار يقتل ولا يدري من يقتله ولا اسم القتيل ولا التهمة التي قتل المقتول بسببها. انه القتل المجاني، والموت المجاني، انه الزمن المجاني للموت، و المفتوح بلا حساب، انه نهايات القيم الانسانية والمثل النبيلة، انه الجنون الامريكي والمثل الامريكي الذي كان يحتذى وبداء يتحطم، انه الاحتلال الامريكي، والديمقراطية الامريكية، والحرية الامريكية المنشودة، والهمبرغر الامريكي انه الزمن الامريكي.
سعى القراقيون للخلاص من حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فوقع العراقيون بحكم الرئيس الامريكي جورج بوش، الاول كان القتل السري والمعتقلات والسجون والمقابر الجماعية، كما يشاع، والاخر قتل بالطائرات والمدفعية والقنابل العنقودية والمقابر الجماعية كما نرى، وكما تبثه قنوات التلفزة الفضائية، الاول ارسل الكيماوي على قرية ( حلبتشة) الكردية بسبب تمرد الكرد على السلطة المركزية في بغداد، وبوش قصف الفلوجة بالطائرات والدبابات والاهالي والمستشفات دون رحمة، بحجة ان على المدينة ان تسلم اربعة مسلحين متهمين بالتمثيل بجثث القتلى الامريكيين في الطريق السريع بين بغداد وعمان.
اذن لا فرق بين الحكمين في النتيجة، ولا فرق بين المجزرتين الفلوجة وحلبتشة في الامعان بالقتل، الا ان الاجرام الاخير اكثر وقاحة وعدم رحمه، لان الاحتلال الامريكي جاء كما ادعى لتخليص الناس من حكم صدام حسين، ولهذا لم يقاومه الناس، اما الان فاعتقد جازما ان كل من صدق كذبة الامريكان وانطلت علية بداء يفيق، وخصوصا الجانب الشيعي من المعادلة الذي صمت عام كامل يراقب الاوضاع متفائلا بزوال حكم البعث الذي كان يناصبه العداء، وعندما كشر المحتل عن ا نيابه ظهر - جيش المهدي وحركة الصدر- الذي ايقن ان الاحتلال الامريكي جاء ليسكن لا ليرحل، وان الحرية الممنوحة لهم هي حرية احتلال، وانها لا تختلف كثيرا عن حرية صدام.

الايام القادمة حبلى بالمفاجاءات، وان لم يعي الاحتلال الامريكي الدرس العراقي الجديد، فانه سيكون نسخة محسنة عن مستنقع عراقي جديد منسوخ عن فيتنام اخرى، ستدرسه اكاديميات الحرب العسكرية في العالم عن الدخول في بلدان لتغيير انظمتها وعدم القدرة على الخروج منها، كما الحال الان في العراق، البقاء في العراق كارثه امريكية، والخروج من العراق، كارثة امريكية، البقاء مكلف ماديا ومعنويا وعسكريا وخسائر لا تحصى، والخروج يعني اقتتال داخلي لفراغ كبير في السلطة لم يستطع مجلس الحكم المؤقت ملئه في العراق.
ماساة اميركا الان في العراق، وماساة الامريكيين الاهالي على اولادهم في العراق، لا تقل حدة عن ماساة العراق والعراقيين الذين يحاولون تجنيب اولادهم وزوجاتهم مئاسي الحرب. فلا تقل ماساة المحتل عن المحتل، فالكثير من كارهي صدام اخذوا الترحم على ايامه، فان بقيت امريكا تدور في العراق في نفس الحلقة المفرغة التي تدور بها الان، فان بذور فناء القوة العظمي في العالم بدات تظهر في وجهها التجاعيد.

محلل سياسي اردني
واستاذ جامعي