كل محاولة لتحليل الوضع السياسي الحالي& في الجزائر تنطلق من حقيقة ما يمكن تسميته بـ" الانفجار الشبابي" حيث ان اعمار المشاركين في تظاهرة الخميس في العاصمة الجزائرية تراوحت بين الخامسة عشرة والعشرين وهو ما اضفى على الحدث بعدا اكثر خطورة.
وعلى كل المتابعين للوضع في الجزائر ان يدركوا ان 36% من سكان الجزائر البلغ عددهم 31 مليون نسمة اعمارهم دون الخامسة عشرة، وكانوا في دور الحضانة عندما اندلعت المواجهات مع النظام في تشريت الاول(اكتوبر) 1988. لقد نشأوا في مجتمع يعيش ازمة دائمة. انهم ضحايا عدم
ثورة على الواقع
&الاستقرار والعنف "المنظم"، وضحايا دولة تقف على حافة الهاوية وبيئة مشبعة بالعنف الاصولي. هذا الشباب يريد فقط: ان يعمل، ان يدرس، ان يستهلك، ان يخلق. باختصار يريد ان يكون مثل شباب باريس ومرسيليا ومدريد وبرشلونة وروما وميلان وفرانكفورت. انه يتفاعل مع هؤلاء الشباب عبر التلفزيون. ينظر الى اوروبا كحلم. وغدت الهجرة بوابة الخلاص الوحيدة من الواقع الماسوي.
وفي المقابل نجد سلطة مصابة بالترهل ومتهمة بممارسة ابشع انواع القمع والفتك والفساد. ازلام السلطة يهيمنون على مراكز القرار السياسي والاقتصادي في البلاد منذ سنوات طويلة. واهم من ذلك تلك الآراء البائدة التي يتسلحون بها في مواجهة ثورة شبابية عارمة. والمعلومات الواردة حول تظاهرة الخميس الماضي تشير الى محاولة السلطات استخدام "الورقة الاتنية" لاجهاض التحرك الشعبي. وجرى الحديث بشكل واسع عن معارضة اهالي الجزائر العاصمة لما قام به المتظاهرون القادمون اليها من بعيد من اعمال شغب احتجاجا على ممارسات السلطة في منطقة القبائل. ولم يعد خافيا علىاحد ان بعض دوائر السلطة تخطط لتحويل كل احتجاج سياسي او اقتصادي او اجتماعي الى خلاف اتني.
وبعد تصاعد موجة الاحتجاج في الاسابيع الاخيرة في منطقة القبائل، اخرج الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من جعبته "الورقة القديمة الجديدة" وتحدث عن& "مؤامرة خارجية" وعن ارادة خارجية للنيل من الجزائر وتشجيع الانفصال في منطقة القبائل.
هل هذا كل ما لدى بوتفليقة، الذي تميز بصراحته ووضوحه، ان يقوله لمئات الالاف من الشباب الغاضبين؟ اين الخطاب الواقعي والمتزن واين هي الاجراءات العملية لتخفيف الاحتقان؟ واخيرا اين المشروع السياسي الذي يرتقي الى ما تختزنه الجزائر من طاقات بشرية وثروات طبيعية وغنى التنوع المجتمعي؟
(عن "لوموند" الفرنسية)&&