أطفال الانتفاضة
بيروت : ريما زهار : لم يترك الحصار الإسرائيلي لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة في فلسطين خلال الانتفاضة الأخيرة كما في الانتفاضات السابقة لم يترك قطاعاً واحداً من قطاعات الحياة دون أن يفتك به أو يصيبه بأضرار شديدة، الطفولة والتعليم من القطاعات الفلسطينية التي لحق بها دمار واسع النطاق ابتداءً من استهداف أطفال المدارس وقنصهم في الرؤوس والصدور، وحرمانهم من الوصول إليها بسبب تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية وتعريضهم لآثار نفسية مدمرة إلى حرمانهم من الحصول على الغذاء اللازم، وتشتيت طاقاتهم وقدراتهم الذهنية على المتابعة والتركيز حتى لمن يتعلمون منهم حروف الهجاء، وذلك دون أدنى حقوق للإنسان في بداية قرن جديد وألفية جديدة.
صحفي غربي
قال صحفي غربي شاهد عن كثب حال أطفال فلسطين في ظل الاحتلال وسياسة الإغلاق والحصار قال: إن حياة أطفال فلسطين الذين آمنوا بطروحات إحلال السلام وبنوا آمالاً على تحقيق مستقبل آمن مليء بالكرامة والحرية والحياة الأفضل، بناء على ما رافق ولحق مؤتمر (مدريد) من خطابات وتصريحات واتفاقيات، إن حياتهم تعود خطوات إلى حيث باتت تشبه تلك التي عاشها ذووهم إبان الهجرة الأولى التي سبقت تأسيس إسرائيل ونزوح عام 67 الأمر الذي يهدد بعواقب وخيمة، ويؤدي إلى شعور عميق بالغبن والقهر واستلاب الكرامة وبالتالي إلى شعور عميق بحب الانتقام والقتال دفاعاً عن النفس..
مسافة من المخاطر
فبين منزل طفل ومقعد دراسة مسافة من المخاطر تواجه أي طالب فلسطيني في طريقه إلى مدرسته: حاجز عسكري، جندي إسرائيلي أو رصاصات 62 طالباً على مقعد دراسة استشهدوا منذ بداية الانتفاضة وحتى منتصف شهر شباط، وأصيب نحو 2000 آخرين خلال مواجهات أو جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم بالضرب أو خلال مداهمة للمدارس، أو أثناء القصف الذي طال منازلهم أو المدارس.
يقول د. نعيم أبو الحمص (وكيل وزارة التعليم الفلسطينية):" كان هناك هجوم على عدة مدارس القوات العسكرية كما حصل في (اللبان) كما حصل في (الحوارة)، كما حصل في (الخضر)، كما حصل في (طولكرم) حصلت هذه الأمور.. القوات الإسرائيلية تقوم بإحاطة المدرسة بالعسكريين،أو الدخول إلى داخل المدرسة وضرب الطلبة.
مدرسة الذكور

طفل فلسطيني مع أمه

مدرسة ذكور المحمدية الأساسية في الخليل، واحدة من نحو 20 مدرسة تعرضت للقصف الإسرائيلي ، عشرات الطلبة يحاولون أن يتابعوا تعليمهم كالمعتاد، لكنهم لم يعتادوا بعد غياب زميلهم (معاذ أبو هدوان)
ابن الثانية عشر الذي استشهد في أول يوم من هذا العام متأثراً بإصابته بشظية من جراء القصف الإسرائيلي دخلت في مقدمة رأسه واستقرت في الدماغ.
مدرسة أخرى
مدرسة أخرى في مدينة أخرى، لكن الواقع واحد، 40 طالبة في المدرسة الوطنية للكفيفات الواقعة في مدينة (البيرة) كن تتأهبن للذهاب إلى فراشهن عندما سقطت قذيفة على إحدى جدران المدرسة التي يبتن فيها فألحقت أضرار بالغة في المبنى وأصابت الفتيات برعب شديد.
الحصار
وفي مواجهة العملية التعليمية تقف مشكلة باتت معروفة للجميع تسمى الحصار وتصبح أكبر بالنسبة للأطفال الذين يعيشون في بعض القرى ويضطرون لقطع مسافات طويلة من أجل الوصول إلى مدارسهم.
وتحت مسمى الحصار والإغلاقات تصدر مزيد من الأوامر العسكرية، تكون في محصلتها إغلاق مدارس وتعطيل المسيرة التعليمية.
وتعتبر مدينة الخليل مثالاً حياً لبعض ما يواجهه الفلسطينيون في ظل اتفاقيات أبقت الاحتلال في عقر دارهم، هنا يعيش المستوطنون اليهود في قلب المدينة بحماية جيش الاحتلال وآلاف الفلسطينيين لا ينعمون برفع حظر التجول عنهم إلا ما ندر.
أربعين مدرسة في الجزء المحتل من مدينة الخليل وعند نقاط التماس يدرس فيها 15.000 طالب لم ينتظموا في دراستهم بشكل متواصل منذ بدء الانتفاضة .
قوات الاحتلال
ولا تقف قوات الاحتلال عند أي حد للحفاظ على أمن مستوطنيها، حيث قامت بتحويل ثلاث مدارس إلى ثكنات عسكرية نصبت فيها آلياتها وأسلحتها، نظراً لموقعها الاستراتيجي المطل على مدينة الخليل، وهذه هي إحدى المدارس في مدينة الخليل التي وضع الاحتلال يده عليها ليحولها من صرح تعليمي إلى ثكنة عسكرية تطلق الدبابات نيران رشاشاتها منها، ففي هذا البلد ليست المواجهة مع الاحتلال وحدها التي تعتبر نضال، فلقمة العيش تحتاج إلى نضال، وزيارة قريب تحتاج إلى نضال، وجلوس طفل على مقعد الدراسة يحتاج إلى نضال...