باريس -&شهد اليوم الثاني من زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى باريس ادانة من طرف رئيس بلدية باريس برتران ديلانوي لمعاداة السامية تلاها حادث احتجاج بحضور الرئيس السوري في مقر البلدية. وعلق الاسد على الاحتجاج بالقول " هذا يظهر اننا بلد تسامح" فيما قلل احد اعضاء الوفد السوري من اهمية حادث البلدية.
وقال ديلانوي في كلمة القاها لدى استقباله بشار الاسد في مقر البلدية "لأن الثقة المتبادلة تولد من الاحترام المطلق للكرامة الانسانية، ادين بشدة وعلانية كل ما يسيء الى هذه الكرامة مهما كان شكل الاساءة ومصدرها: العنصرية، معاداة السامية ونفي وانكار التاريخ". واضاف& "قناعتي تتمثل في ان لجميع شعوب الشرق الاوسط الحق في ان يعيشوا في امان حياتهم اليومية، امان لا يمكن تحقيق اي تقدم دائم من دونه".
واستمع بشار الاسد الذي كان جالسا في منصة الشرف بصمت لكلمة رئيس بلدية باريس ولكن عندما وقف ليلقي كلمته رفع اعضاء من اليمين في مجلس بلدية باريس كانوا جالسين في المقاعد الامامية، لافتات كتب عليها "الاسد معادي للسامية". وهتف عضو اخر "لا تنسوا دم سفيرنا لا تنسوا دراكار" في اشارة الى السفير الفرنسي لوي دولامار الذي اغتيل في بيروت سنة 1981 ولبناية دراكار التي كانت مقر جنود& فرنسيين من قوات الفصل ببيروت التي تعرضت لاعتداء خلف 58 قتيلا في 23 تشرين الاول(اكتوبر) 1983.
وقام جهاز الامن بابعاد المحتجين على الفور ولكن الحاضرين واصلوا الاحتجاج. واخذ المدعوون السوريون يرددون بصوت عال (وذلك لاول مرة في بلدية باريس) باللغة العربية "بالروح بالدم نفديك يا بشار". وعندها اعلن الاسد "ان هذا يظهر للعالم كله اننا بلد تسامح" مشيرا بذلك الى انه لم يرد على اتهامه من قبل المحتجين.
وقال عضو في الوفد السوري المرافق للرئيس بشار الاسد ساعيا الى تهدئة الوضع ان حادث بلدية باريس "لا اهمية له".
وكان الرئيس الاسد اثار ضجة في اسرائيل ولدى المنظمات اليهودية عندما اتهم اليهود من دون ان يسميهم باضطهاد السيد المسيح والتآمر على النبي محمد. وقال الاسد "كلنا يعرف الكثير عن معاناة السيد المسيح على يد الذين وقفوا ضد المبادىء الالهية والانسانية والقيم التي نادى بها وعلى راسها العدالة والمساواة بين البشر"، كما اشار كذلك الى تامر اليهود "للغدر" بالنبي محمد.
واعلن الاسد قبل التوجه الى باريس ان هذه التصريحات فهمت خطا ولكنه لم يتمكن من تهدئة غضب الجالية اليهودية الفرنسية وهي اكبر جالية في اوروبا والتي نظمت الاثنين تظاهرات ضد زيارة بشار الى باريس.
واجتمع رئيس الوزراء الفرنسي اليوم& بالرئيس السوري في جلسة عمل تلتها مادبة غداء. ودعا ليونيل جوسبان امام الرئيس السوري الى تغليب "روح الوئام والتسامح والتفاهم المتبادل" فى الشرق الاوسط من اجل "العودة الى حوار السلام".
وفي خطاب القاه خلال مأدبة عشاء اقامها على شرف الرئيس السوري مساء الاثنين اعتبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك "ان السلام لن يحل في هذه المنطقة من العالم، مهد ديانات الكتاب الثلاث الا في ظل الاحترام المتبادل بين كل الطوائف والمذاهب". وناقض شيراك بذلك ضمنيا تصريحات الرئيس الاسد خلال زيارة البابا يوحنا بولس الثاني مطلع ايار(مايو) الى دمشق.
واعتبر السكرتير الاول للحزب الاشتراكي الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم& انه كان يتعين على الرئيس جاك شيراك ان يدين "بقوة اكبر" مما فعل مساء& الاثنين التصريحات المعادية لليهود التي ادلى بها الرئيس السوري.
ولم تكن الحكومة الفرنسية ممثلة بقوة خلال مادبة العشاء مساء الاثنين باستثناء رئيس الوزراء ليونيل جوسبان ووزير الخارجية هوبير فيدرين والوزيرة المنتدبة للسياحة ميشيل دوميسين.
وقال الرئيس السوري في الكلمة التي القاها في حفل الاستقبال في قصر الاليزيه "نحن نعطي الاولوية في هذه المسيرة لنهوض اقتصادي مبني على الاستخدام الامثل لموارد البلاد اضافة الى تطوير مؤسساتنا التعليمية بغية استنهاض قدرات المجتمع وموارده البشرية لتشارك في المسيرة". واكد شيراك من جهته على دعم فرنسا "لعملية التحديث والانفتاح" التي يريد القيام بها والتي "ستكون محط انظار الاسرة الدولية" مضيفا "ان فرنسا قدرت الدعوة الى الاصلاحات التي سمعتها في دمشق يوم توليكم السلطة".
وعلى الصعيد الاقتصادي اعلن اليوم عن تشكيل مجلس اعمال فرنسي سوري في ختام اجتماع عقد بين الرئيس السوري وحوالى عشرين من ارباب العمل الفرنسيين في باريس. وتراس وفد حركة الشركات الفرنسية (اتحاد ارباب العمل الفرنسيين) رئيسها ارنست انطوان سيليير وعقد الاجتماع بطلب من الجانب السوري، حسب ما افادت مصادر الحركة.
وسيترأس مجلس الاعمال الذي لم يعلن نظامه بعد، من الجانب الفرنسي تيري دو بوسي العضو في لجنة سوريا في الحركة والمساعد السابق لوزير الخارجية والمستشار الحالي لرئيس شركة "فيفندي يونيفيرسل" جان ماري ميسييه.
ويشارك الحركة في المجلس الاتحاد السوري لغرف التجارة والصناعة.
وبحث ارباب العمل الفرنسيون مع الرئيس السوري في مشكلات عدة تتعلق بالاصلاحات الاقتصادية الجارية في سوريا وخصوصا فتح القطاع المصرفي المحلي امام المنافسة وتامين بيئة قضائية وادارية ملائمة للاستثمارات الاجنبية والاصلاح الضرائبي وازالة العوائق الجمركية. وافادت مصادر الحركة ان "المباحثات جرت في اجواء ودية وقد استطاع ارباب العمل الفرنسيون ان يجروا حوارا منفتحا وبناء مع الرئيس الاسد الذي رد بنفسه على كل سؤال طرح". واضافت "لقد ابدى الرئيس الاسد وعيا للمشكلات التي تواجهها بلاده ولمس ارباب العمل الفرنسيون نيته تحديث" الاقتصاد السوري. وتناولت المباحثات ايضا المشاريع السورية في مجال الطاقة (النفط خصوصا) والمياه (البنى التحتية والشبكات) والنقل والسياحة.
يشار الى ان فرنسا هي ثاني اكبر زبون لسوريا بعد ايطاليا ورابع اكبر مزود لها بعد المانيا وايطاليا واوكرانيا، بحسب ارقام الحركة. وارتفع حجم الواردات الفرنسية من سوريا عام 2000 الى 4،2 مليار فرنك (370 مليون يورو) كما ارتفعت صادراتها الى 9،2 مليار فرنك (440 مليون يورو) ما يجعل الميزان التجاري بين البلدين يميل بنسبة طفيفة لصالح فرنسا.
الجدير ذكره& ان الاستثمارات الفرنسية المباشرة في سوريا بسيطة جدا. (ا ف ب)
&