شكل العراق الحاضر الغائب في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لغزا كبيرا أمام المؤتمر الوزاري الاستثنائي للمنظمة واصبح قراره في التعامل مع اتفاق النفط مقابل الغذاء الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي ويجدد دوريا كل ستة اشهر الموجه أو المؤثر بالنسبة للقرار الذي تتخذه "أوبك" بشأن معدل إنتاجها وذلك في إطار سعيها للمحافظة على توازن السوق النفطية العالمية وحرصها على تماسك أسعار النفط واستمرارها في مستوى مقبول بين 22 و 28 دولارا للبرميل.
فقد شكل العراق منذ قراره الصادر في 30 أيار (مايو) الماضي والمطبق في الرابع من حزيران (يونيو) وقف صادراته النفطية احتجاجا على قرار مجلس الأمن بتمديد اتفاق النفط مقابل الغذاء مدة شهر واحد بدلا من ستة اشهر ليتاح للدول الأعضاء في المجلس مزيد من الوقت لدراسة مشروع العقوبات الذكية التي تريد الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا فرضها على العراق بموافقة دولية لغزا أمام "أوبك".
وكان السؤال في المؤتمر الطارئ الذي عقد في الخامس من حزيران (يونيو) الماضي هو: هل سيكون العراق جادا في وقف صادراته وهل سيستمر في تجميد الصادرات أم سيعود عن هذا القرار وكيف سيكون تأثير القرار العراقي على السوق البترولية والأسعار في الحالتين رغم كون العراق خارج اتفاق نظام الحصص في "أوبك" منذ عام 1990.
هذه الأسئلة التي يشكل كل منها لغزا هاما له تأثير بالغ على توازن السوق البترولية والأسعار دفع وزراء "أوبك" إلى عدم اتخاذ أي قرار والاتفاق على عقد اجتماع طارئ استثنائي أخر بعد شهر أي الثلاثاء في الثالث من تموز (يوليو) الحالي للتعامل مع الموقف العراقي في عودة صادراته النفطية والمقدرة ب2.3 مليون برميل يوميا، إلى السوق أو استمراره في تجميدها لشهر أخر أو أكثر في ضوء قرار مجلس الأمن من مشروع العقوبات الذكية التي تتبناه واشنطن ولندن والمشروع البديل الذي قدمته موسكو في هذا الشأن.
وقد بدا واضحا أمام "أوبك" منذ نحو أسبوعين قبل انعقاد المؤتمر الوزاري الاستثنائي لمنظمة "أوبك" وحتى الساعات التي شهدت وصول الوزراء إلى فيينا استعدادا لحضور المؤتمر ان وقف صادرات العراق لنفطه الخام لم يسبب خللا في توازن السوق النفطية حيث المخزونات العالمية من النفط مرتفعة والأسعار خسرت حوالي ثلاثة دولارات للبرميل لكنها بقيت مقبولة كونها تقع ضمن النطاق السعري الذي حددته "أوبك" بين 22 و 28 دولارا للبرميل.
ولذلك أعطى معظم وزراء النفط في دول أوبك تأكيدات بأنه "لا حاجة لتغيير سقف الإنتاج" وظهرت بعض الدعوات بان لا حاجة أصلا لعقد المؤتمر الاستثنائي للمنظمة أو اقتصارها على "جلسة يتيمة" يقول الوزراء في ختامها "اتفقنا على عدم تغيير سقف الإنتاج" بانتظار الاجتماع العادي في أيلول سبتمبر المقبل.
غير ان وزير النفط السعودي على النعيمى فاجأ الصحفيين عند وصوله إلى فيينا بقوله "نحن لدينا اجتماع هام غدا" وبدأت التساؤلات لماذا يكون الاجتماع هاما والنتيجة معروفة مسبقا بعدم تغيير سقف الإنتاج في "أوبك" وإبقائه عند مستوى 24.2 مليون برميل يوميا.
وتأتى إشارات من نيويورك لتجيب على هذه التساؤلات مفادها ان الولايات المتحدة الأميركية قد توافق على تحديد العمل باتفاق النفط مقابل الغذاء لمدة ستة اشهر اعتبارا من أول حزيران (يونيو) الماضي وهذا يعنى حسب ما هو معلن مسبقا في بغداد ان العراق سيعود إلى استئناف صادراته النفطية كالمعتاد.
هذا الأمر أعاد خلط وترتيب الأوراق أمام "أوبك" لان عودة النفط العراقي إلى السوق رسميا بمعدل 2.2 مليون برميل سيشكل ضغطا كبيرا على أسعار النفط التي تماسكت نسبيا في الأيام الأخيرة في ضوء ما ذكر عن "أوبك" أنها لن تزيد إنتاجها وبدأت دول "أوبك" بوزرائها الموجودين في فيينا تتعامل مع هذه المسألة بإهتمام وقلق على الأسعار وبدأت تفكر في تخفيض الإنتاج بدلا من تجميده أو زيادته فيما العراق خفض تمثيله في هذا المؤتمر ليرأسه صدام حسن مدير مؤسسة تسويق البترول العراقية ويبقى عامر محمد رشيد وزير النفط العراقي في بغداد تاركا "أوبك" تنتظر قرار مجلس الأمن وقرار بغداد بشأن اتفاق النفط مقابل الغذاء علها تتمكن من حل اللغز العراقي.
(وكالة أنباء الإمارات)