تكشف نشرات صدرت أخيرا وتتضمن بعض أسرار الوكالة الوطنية للأمن الأميركية أن هذه الهيئة الاستخباراتية الغامضة تواجه صعوبات في اختراق أسرار التقنيات الحديثة مثل الاتصالات بالألياف البصرية. كما تكشف عن أن اسرائيل قصفت احدى سفن هذه الوكالة في البحر المتوسط في العام 1967 في خطوة أرادت من خلالها اخفاء مجزرة تتعلق بأسرى حرب مصريين في سيناء.
ويروي كتاب جديد يحمل عنوان <<هيئة الأسرار: التفاصيل السرية للوكالة الوطنية للأمن>> للصحافي جيمس بامفورد، والذي يلقى رواجا كبيرا، تاريخ هذه الوكالة بعد أن كشف الغربيون رموز الشيفرة اليابانية والالمانية للاتصالات قبل العام 1945 ثم مواجهة الاتحاد السوفياتي حتى السباق الحالي على صنع أجهزة كومبيوتر تتمتع بقدرة هائلة.
وتحاول الوكالة الوطنية للأمن التي لا تملك حق مراقبة المواطنين الاميركيين، التنصت على مجمل الاتصالات الحساسة في العالم وتفكيك رموزها بفضل أسطول الطائرات والسفن وأقمار التجسس الاصطناعية ومحطات التنصت العديدة التي تملكها.
ويعمل في الوكالة (احدى 13 هيئة تشكل عالم الاستخبارات في الولايات المتحدة) التي تبلغ ميزانيتها 3،7 مليارات دولار حوالى 38 ألف شخص أي أكثر من عدد العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي مجتمعين، في مقر واحد في فورت ميد (ميريلاند شرق الولايات المتحدة)، حسبما ذكر بامفورد الذي أضاف أنها <<تضم من علماء اللغة والرياضيات واجهزة الكمبيوتر العملاقة أكثر من أي مكان آخر في العالم>>.
وفي أحد الأبنية الهائلة للوكالة التي يطلق عليها <<كريبتو سيتي>> شمالي واشنطن توجد لوحة تحمل أسماء 152 قتيلا من عملاء الوكالة استنادا الى موقع الوكالة الالكتروني على شبكة الانترنت. وقال بامفورد إن بين هؤلاء القتلى طيارين للتجسس أسقط السوفيات طائراتهم خلال الحرب الباردة.
لكن المؤلف الذي يستند الى لقاءات أجراها مع مسؤولين سابقين مؤخرا يعبر عن صدمته لموت 34 بحارا في السفينة <<ليبرتي>> التابعة للوكالة نفسها عندما قصفتها اسرائيل من قبيل <<الخطأ>> في البحر المتوسط لعدة ساعات في العام 1967.
ويقول بامفورد إنه <<لم يجر أي تحقيق جاد حول هذه المجزرة المتعمدة التي تكتمت عليها ادارة الرئيس جونسون>>، معبرا عن شكوكه في أن اسرائيل أرادت اخفاء مجزرة تتعلق بأسرى حرب مصريين في سيناء. ويطالب بامفورد بتحقيق رسمي وخصوصا بنشر تسجيلات طائرة من طراز <<اي بي 3>> كانت تحلق في المنطقة.
ومن بين المعلومات التي كشفها بامفورد <<عمليات نورثوودز>> أو مشروع هيئة الاركان الاميركية التي نسبت للزعيم الكوبي فيدل كاسترو شن هجمات ارهابية على الولايات المتحدة لتبرير عملية غزو كوبا في بداية الستينات.
وتثير الوكالة الوطنية للأمن شكوكا قوية للبرلمان الاوروبي في قيامه بعمليات تجسس صناعي وخاص ولا سيما على برنامجه <<ايشيلون>>. ويقول بامفورد إن <<التنصت>> لحساب الانغلو ساكسون مقبول شرط ألا تنتقل الأسرار الى <<الخصوم الاميركيين>>.
ولبامفورد كتاب سابق عن الوكالة بعنوان <<قصر الالغاز>> تعرض بسببه للملاحقة منذ عشرين عاما الا أنه تمكن هذه المرة من التحدث مع المسؤولين فيها. ويرى بامفورد أن من بين الأسباب التي تبرر برأيه وصوله الى هؤلاء المسؤولين <<أن الوكالة تحتاج الى صورة عامة لأنها تتنافس مع وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي على الميزانيات نفسها>> التي تراجعت.
ويضيف أن هذه الوكالة <<تواجه مشاكل والكثيرون يتساءلون هل أصبحت صماء؟>>. ويشير هذا الصحافي مع متخصصين آخرين الى أن الوكالة تجد صعوبة في التكيف مع انتهاء الحرب الباردة في مواجهة وسائل تشفير خاصة تزداد تعقيدا وفي الوقت الذي أصبحت فيه الاتصالات رقمية أكثر من شفهية.(صحيفة السفير)