قدر تقرير اقتصادي حجم الاستثمارات المتوقعة في قطاع الاتصالات بالدول العربية حتى عام 2003 بنحو 15 مليار دولار مشيرا إلى أن شركات الاتصالات الوطنية ستضخ استثمارات قيمتها 9 مليارات دولار من صافي إيرادات التشغيل، بينما يتولى القطاع الخاص في الدول العربية توفير 6 مليارات دولار.
كما ستطرح عدة دول عربية في مقدمتها مصر ولبنان والمغرب جزءاً من أسهم الاتصالات الحكومية في أسواق المال المحلية والعالمية فضلا عن فتح تراخيص إضافية جديدة لعدد من شركات القطاع الخاص لتقديم خدمات الهاتف النقال والنداء الآلي وكبائن الإتصالات.
وأشار التقرير الذي أعدته المجموعة المالية المصرية هيرمس إلى إرتفاع إجمالي قيمة الاستثمارات السنوية للدول العربية في قطاع الإتصالات من 15 مليار دولار عام 1990 إلى حوالي 25 مليار دولار عام 1998 ثم 34 مليارات دولار العام الماضي بمعدل زيادة يتجاوز 7% سنويا، موضحا أن الزيادة السكانية حالت دون إرتفاع متوسط حصة الفرد من الإستثمارات بنفس المستوى حيث قفز من 75 دولارات للفرد عام 1991 إلى نحو 115 دولاراً العام الماضي، كما تفاوت مستوى الاستثمار في قطاع الإتصالات من دولة لأخرى حيث تأتي كل من دولة الامارات العربية المتحدة والبحرين في المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات بمتوسط 100 دولار سنويا لكل مواطن مقابل 105 دولارات لكل مواطن في كل من السعودية والجزائر والمغرب والأردن بينما يصل متوسط الاستثمار لكل مواطن في الدول الصناعية لنحو 90 دولاراً سنويا.
ورصد التقرير عدة مشاريع عالمية للإتصالات الدولية إنضمت لها العديد من الدول العربية لتطوير مستوى خدمة الإتصالات الوطنية أبرزها الكيبل البحري «فلاج» الذي دخل الخدمة عام 1998 بمشاركة كل من السعودية والامارات والأردن ويتكون من كيبل آلياف ضوئية بطول 27 ألف كيلو متر يبدأ من إنجلترا ويمر عبر المحيط الهندي والبحرين المتوسط والأحمر وينتهي في اليابان وتبلغ تكلفته 2 مليار دولار وسعته 600 ألف دائرة هاتفية، فضلا عن الكيبل سيمويه 3 الذي تشارك فيه كل من مصر والمغرب وجيبوتي وتبلغ تكلفته 13 مليار دولار سعته250 ألف قناة هاتفية ودخل الخدمة في منتصف عام 1999 ويتجاوز طوله 37 ألف كيلو متر ويبدأ من ألمانيا وينتهي في سنغافورة.
وأكد التقرير حسب البيان الاماراتية أن حجم الاستثمارات البينية العربية المتاحة في مجال الإتصالات يتجاوز 10 مليارات دولار خاصة في ضوء الاهتمام العربي البالغ بتطوير وتحديث قطاعات الإتصالات الوطنية بها باعتبارها أكثر قطاعات البنية التحتية تاثيرا في جهود التنمية والإصلاح الاقتصادي بمعظم الدول العربية، موضحا أن هذا الاهتمام أدى لتضاعف متوسط الكثافة السكانية المستخدمة للهواتف الثابتة في الوطن العربي خلال السنوات العشر الأخيرة من 33 خط لكل 100 مواطن عام 1990 إلى 71 خطاً لكل 100 مواطن عام 1999 علاوة على إضافة نحو مليون خط هاتف محمول بالدول العربية إلى جانب 115 ألف جهاز هاتف عام الأمر الذي ساهم بصورة مباشرة في إرتفاع عدد المشتركين في الشبكات الثابتة بالدول العربية إلى 194 مليون مشترك عام 1999 مقابل 28مليون مشترك عام 1980 ونحو 78 مليون مشترك عام 1990 بنسبة نمو تجاوزت 108% خلال عقد التسعينات مما شكل عبئا ماليا وإداريا كبيرا على الحكومات العربية في توفير الخدمات الهاتفية المطلوبة.
وذكر التقرير أن جزءاً كبيراً من الزيادة في الخطوط خلال عقد التسعينات تركز في أربع دول عربية وهي السعودية ومصر وسوريا والمغرب حيث أضافت مصر نحو 36 مليون خط مقابل 17 مليون خط للسعودية و12مليون خط للمغرب ثم 12 مليون خط لسوريا، كما قامت العديد من الدول العربية خلال الفترة نفسها بتحديث شبكات الهاتف عن طريق تحويلها من النظام التماثلي إلى الرقمي، فبالإضافة إلى كل من الامارات والبحرين وجيبوتي وقطر التي كانت جميع خطوطها تعمل بالنظام الرقمي منذ عام 1990 فقد قامت كل من تونس وعمان ولبنان والمغرب وموريتانيا واليمن بتحويل كامل الخطوط إلى النظام الرقمي قبل نهاية العام الماضي، وكذلك خطت الدول العربية الأخرى خطوات كبيرة في هذا المجال حيث رفعت السودان نسبة الخطوط الرقمية إلى إجمالي عدد الخطوط من 15% إلى 91% كما زادت النسبة في الأردن من 62% إلى 95% وكذا في الجزائر من 25% إلى 62% وفي سوريا إلى 92% مقابل 32% قبل عدة سنوات.
وعلى الرغم من إدراك الحكومات العربية - حسبما أورد التقرير - لأهمية تطوير شبكات الإتصالات كجزء من جهودها لرفع معدلات نمو عملية التنمية الاقتصادية إلا أن معدلات الإنتشار لخطوط التليفونات الثابتة مازالت منخفضة حيث تبلغ 55% من إجمالي السكان مقارنة بمتوسط عالمي يتجاوز 134% غير أنه من المتوقع حدوث نمو سريع في خطوط التليفونات الثابتة بالعديد من الدول العربية منها مصر وسوريا ولبنان والمغرب وكذا دول التعاون الخليجي إلا أن معدلات النمو في ستكون أبطأ من التي شهدتها الدول نفسها خلال السنوات الأخيرة معللا التطور المتوقع الذي تعتزم دول عربية عديدة تدشينها في مجال خصخصة شبكات الهاتف الثابت ودخول القطاع الخاص للإستثمار في هذا المجال خاصة في مصر والأردن والمغرب ولبنان.
وأضاف تقرير المجموعة المالية هيرمس أن مؤشر جودة الخدمات المقدمة والتي تقاس بعدد الاعطال التي تشهدها الشبكة ترتفع بمعدل يصل إلى حوالي 10% في معظم الدول العربية وأن الدول التي تمتلك شبكات إتصالات رقمية لديها مستوى أعلى من الجودة موضحا أن دول مجلس التعاون الخليجي تقدم أعلى جودة في هذا المجال حيث تحتل دولة الامارات العربية المتحدة الصدارة في هذا المجال كما استطاعت دول شمال افريقيا خاصة مصر والمغرب تحسين جودة خدماتها بشكل واضح خلال العقد الماضي، وقسم التقرير الدول العربية من حيث تطور قطاعات الإتصالات بها إلى فرعين أولهما يضم دول الخليج ولبنان ويبلغ إنتشار التليفونات الثابتة بها حوالي 208% بزيادة 74% عن المتوسط العالمي، والقسم الثاني يضم الدول العربية الأخرى بمتوسط إنتشار يتراوح بين 82% و55%.
وحذر التقرير من إنخفاض حاد في إيرادات شركات الإتصالات العربية خلال الاعوام القليلة المقبلة بسبب الضغوط التي تواجهها لخفض رسوم المكالمات الدولية التي تستحوذ على نحو 45% من إجمالي الإيرادات التي تحققها شركات الإتصالات العربية مقابل 10% للمتوسط العالمي وتأتي هذه الضغوط من منظمة الإتصالات الفيدرالية الأمريكية التي تسعى لخفض رسوم خدمة الإتصالات الدولية المقدمة من شركات الإتصالات بالدول العربية والتي تستخدم شبكات الشركات الأمريكية المسيطرة على هذا السوق.
وأرجع التقرير السبب وراء ذلك إلى حاجة مقدمي خدمات المكالمات الدولية الأمريكية للاحتفاظ بوضعهم التنافسي في سوق المكالمات الدولية، موضحا أن شركات الإتصالات العربية تفرض رسوما تتراوح ما بين 65و88 سنتا أمريكيا للدقيقة بينما تسعى منظمة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية إلى خفض هذه الرسوم لتتراوح بين 29 سنتا، معتبرا أن إعتماد عدد كبير من مؤسسات الإتصالات في الدول العربية على إيرادات الإتصالات الدولية يشكل خطورة كبيرة خاصة في ضوء التوقعات التي تؤكد تراجع تلك الإيرادات خلال الأعوام المقبلة نتيجة إنتشار استخدام شبكة الإنترنت وخدمات (الكولباك) الأمر الذي سيشكل عبئا على الحكومات العربية لتوفير العملات الأجنبية لاقتناء معدات الإتصالات الحديثة لمواكبة التطور السريع والمستمر في هذا القطاع.
وتوقع التقرير حسب المصدر ذاته أن تواجه جميع الدول العربية الموقعة على الإتفاقية العامة لتحرير تجارة الخدمات منافسة حادة في قطاع الإتصالات لديها بحلول عام 2003 مشددا على أن العلاج الأمثل لذلك التحدي يتمثل في العمل سريعا على طرح خدمات جديدة، ومتطورة خاصة في الدول غير الخليجية التي مازالت شركات الاتصالات العربية في حاجة ماسة للإصلاحات التنظيمية، وفيما يتعلق بمشكلة تراجع الإيرادات المتوقع لمؤسسات الإتصالات العربية طرح التقرير خيارين أولهما سرعة العمل على تطوير مصادر الإيرادات عبر تحديث الخدمات المقدمة وأبرزها خدمات المعلومات، والخيار الثاني يتمثل في العمل قدر الإمكان على رفع قيمة رسوم المكالمات المحلية لدعم الإيرادات.