تفتقت عقلية رجال الاستخبارات الداخلية البريطانية عن حيلة ذكية للايقاع بخصومهم في تنظيم "الجيش الجمهوري الايرلندي الحقيقي" الذي يؤرق منامهم بتفجيراته المفاجئة في العاصمة لندن وفي المقاطعات رغم مرور اربع سنوات على توقيع اتفاقية السلام الايرلندية التي يعارضها.
وشارك نحو 50 من رجال جهاز "ام آي فايف" في عملية معقدة استمرت اربعة اشهر، وركزت على فكرة ان قادة "الجمهوري الايرلندي الحقيقي" المنشق عن "الجيش الجمهوري الايرلندي" المشارك في عملية السلام، يتطلعون الى نظام صدام حسين لمساعدتهم لما يعرفون عنه كرهه لبريطانيا واميركا منذ قيادتهما حرب تحرير الكويت, وركزت الفكرة ايضا هذه المرة على اعتقال من يشكون في انهم يتولون قيادة التنظيم وليس انتظار ارتكاب احدهم جرما لاعتقاله.
ولاقت الفكرة هوى عند قادة "الجمهوري الحقيقي" لما يعتقدونه سلفا من ان العراق سيكون مستعدا لاســــنادهم كما حصل مع ليبـــيا في الســـبعينات والثمانينات، عندما دعمت "الجيــــش الجمهوري الايرلندي" بالمال والسلاح انتقاما من العــمل البريطاني المنتظم ضدها وبالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ووقع ثلاثة من اكبر قادة هذا التنظيم الانفصالي الشرس في قبضة الشرطة البريطانية بعد وقوعهم في الفخ الذي نصب لهم وقادهم الى مدينة سلوفاكية طمعا في تسلم كميات من الاسلحة ومليون جنيه استرليني من ممثلين للنظام العراقي.
وكشف صحيفة "صنداي تايمز" في خبرها الرئيسي امس، كيف نجح جهاز "ام آي فايف" بعد قيام رجال الاستخبارات البريطانية بتمثيل دور رجال امن عراقيين يرغبون في امداد التنظيم العسكري الايرلندي المعارض لعملية السلام في ايرلندا الشمالية بالاسلحة والمال واوردت ان العملية السرية شملت اجتماعات عدة مع قادة التنظيم الذي ظل ينفذ عمليات تفجير بعد اقرار اتفاقية السلام الايرلندية 1997.
وذكرت ان الاستخبارات استخدمت بعض عملائها من ذوي السحنة العربية للتمويه على الايرلنديين الشماليين، وان اللقاء الاخير الذي تم خلاله القبض عليهم رتب في بلدة بيستاني في سلوفاكيا التي يقصدها بعض العرب الاثرياء لقضاء العطلات, وتولت الشرطة السلوفاكية عملية الاعتقال بعد تسلمها طلب اعتقال دولي ضد الثلاثة باعتبارهم من الارهابين.
وتم تنفيذ المرحلة الاخيرة من العملية بعناية ودقة، كلفت اسابيع من الترتيب، وتوجه ثلاثة من قادة الحركة الكاثوليكية الانفصالية في ايرلندا الشمالية في سيارة مساء الخامس من الشهر الجاري الى مطعم في المدينة باعتباره مكان الموعد المحدد للقاء رجال الامن العراقيين، لكنهم وجدوا في انتظارهم قوة من الشرطة السلوفاكية التي احاطت بهم ونقلتهم الى سجن ليوبولد في تيرنافا القريبة,
ووجهت الى الثلاثة تهم عضوية جماعة ارهابية والحصول على معدات واموال بقصد استخدامها في الارهاب، وينتظر ان تكتمل اجراءات ترحيل الثلاثة الى بريطانيا في وقت قريب بعدما مثلت عملية اعتقالهم ضربة ناجحة من قبل الاستخبارات البريطانية.(الرأي العام)