&
بغداد -&كريم صاحب: اكتشفت بعثة عراقية للتنقيب عن الآثار في مدينة نمرود الاثرية الاشورية، معبدا وتمثالين لاسدين مجنحين نادرين وموشورا كبيرا يحمل كتابات مسمارية قد تغير الكثير من المعلومات عن عهد احد اشهر ملوك الاشوريين، اشور ناصر بال.
ويتناوب حوالي سبعين العمل في منطقة من التلال تبعد حوالي 35 كيلومترا جنوب مدينة الموصل (شمال) لاكتشاف اجزاء من المدينة الاثرية التي بنيت في القرن التاسع قبل الميلاد في عهد أشور ناصر بال الثاني (883-859 ق.م).
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية جابر خليل ابراهيم ان البعثة الاثرية العراقية التي بدأت العمل في الموقع منذ حوالي خمسة اشهر اكتشفت "وحدات بنائية" اهمها معبد وتمثالان لأسدين مجنحين.
واوضح انها المرة الثانية التي يتم فيها اكتشاف تماثيل لاسود مجنحة، منذ ان عثرت بعثة بريطانية في 1850 على اسدين من هذا النوع في الموقع نفسه "احدهما موجود اليوم في المتحف البريطاني والثاني يعرض في متحف الموصل" التي تبعد 400 كلم شمال بغداد.
واشار ابراهيم الى ان تماثيل هائلة لثيران مجنحة تكتشف عادة في هذا الموقع، كان الاشوريون يضعونها على مداخل معابدهم وقصورهم.
من جهته، قال مدير بعثة التنقيب في نمرود مزاحم محمود حسين ان كلا من الاسدين المكتشفين في الموقع يبلغ خمسة امتار، موضحا ان الاجزاء السفلية منها "واضحة المعالم".
لكن الرأس البشري الذي يحمله كل من التمثالين اصيبا باضرار لقربهما من سطح الارض وتأثرهما بالعوامل الطبيعية، على حد قوله.
واشار ابراهيم الى ان "نقوشا وكتابات مسمارية تشير قراءتها الى ان تاريخ صنع التمثالين اللذين اكتشفا مؤخرا يعود الى عهد اشور ناصر بال الثاني". اما حسين فاوضح لوكالة فرانس برس ان هذه الكتابات المسمارية تزيد على 120 سطرا.
واضاف حسين ان "الملك اشور ناصر بال الثاني كان قد أمر ببناء الاسود عند مداخل القصور والمعابد لاعتقاده بانها ستكون الحارس الامين والرادع الذي يمنع الارواح الشريرة من دخولها".
وتابع ابراهيم ان "البناء الآخر الذي تم اكتشافه من قبل البعثة العراقية هو معبد مكرس لعبادة عشتار، الهة الحب والحرب في الحضارة الاشورية".
كما اكتشفت البعثة الواحا تحمل كتابات مسمارية يعكف مختصون على دراستها حاليا. وقال ابراهيم ان احد الالواح يروي قصة "حفل كبير اقامه اشور ناصر بال الثاني لتدشين نمرود ودعا اليه اكثر من ستين الف شخص اقاموا في المدينة عشرة ايام".
واضاف ان الكتابات المنقوشة تتضمن "تفاصيل عن هؤلاء المدعوين الذين كان بينهم حكام وسفراء وملوك وتفاصيل حتى عن الاطباق التي قدمت في الحفل".
من جهته، قال حسين ان "المعبد يضم قاعة كبيرة تلي المدخل مباشرة يزيد طولها على عشرين مترا يفضي مدخل في وسط جدارها الغربي الى ساحة كبيرة بلطت ارضيتها بالآجر بقياساته الاشورية المعروفة (44 في 45 سنتيمترا)".
ويحمل قسم من هذه البلاطات كتابات مسمارية نقشت على وجهها السفلي، لاسم الملك آشور ناصر بال الثاني وابنه الملك شلمنصر الذي حكم نمرود بعد وفاة والده.
واضاف ان من بين الاكتشافات موشورا من الفخار بحجم كبير عليه نصوص مسمارية كثيرة تتضمن معلومات "قد تحدث تغييرا في ما كنا نعرفه" عن عصر اشور ناصر بال الثاني بعد ترجمتها.
واكد مدير بعثة التنقيب العراقية ان نمرود التي تغطي حوالي مئة دونم هي اغنى العواصم الاشورية في كنوزها"، مشيرا الى "الثيران المجنحة والالواح الجدارية وكنوز المدافن الملكية ومن بينها الذهب الذي يقدر وزنه بحوالي سبعين كيلوغراما".
وما زال ظاهرا الكثير من آثار نمرود التي اشتهرت بقصورها المهيبة وتماثيلها الحجرية وواجهات ابنيتها وجدرانها المرمرية التي تزين قاعاتها الملكية، الى جانب قبورها وكنوزها وعاجياتها وكتاباتها المسمارية.
وكانت بعثة بريطانية عملت بشكل متقطع في نمرود بين 1845 و1963. وتقوم بعثات اثرية اخرى بعمليات للتنقيب عن الآثار في المدينة الاشورية الثانية وهي اشور التي تقع جنوب الموصل وتبعد ثمانين كيلومترا عن نمرود.(أ.ف.ب.)