&
&
&

حذر صندوق النقد الدولي، في "بيان ختامي" لبعثته من ان الاوضاع في لبنان باتت بالغة الهشاشة ازاء خسارة او حتى اهتزاز الثقة، بسبب تراجع النمو الفعلي للناتج المحلي القائم في السنوات الماضية وضعف القدرة التنافسية وتنامي عجز المالية العامة وارتفاع نسبة الدين العام الى مستويات استثنائية تاريخية ووفقا للمعايير الدولية.
واشار الى ان استمرار تراجع معدل نمو الودائع المصرفية ادى الى تراجع قدرة المصارف التجارية على تغطية الحاجات التمويلية للحكومة محليا، وهذه الاتجاهات ازدادت سوءا في الاشهر الخمسة الاولى من العام 2001، اذ ان المعطيات تظهر تسارعا في وتيرة الدولرة وتنقيدا لعجز المالية العامة، وتآكلا في احتياطي مصرف لبنان الخارجي الذي خسر خلال شهري نيسان وأيار 500 مليون دولار، اي حوالى 10 في المئة من مستوى الاحتياطي الصافي في شهر اذار، و1،1 مليار دولار من الاحتياطي الاجمالي، اي حوالى نصف مستوى هذا الاحتياطي في شهر اذار.
ويقدر البيان عجز المالية العامة في هذا العام بحوالى 5800 مليار ليرة، اي حوالى 8،22 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، ويبدي قلقه من ان حاجات تمويل الحكومة وهي بحدود 6300 مليار ليرة تفوق المستويات في السنوات السابقة، وهناك تحد في النصف الثاني من هذا العام يتمثل بالحاجة الى تمويل حوالى 4200 مليار ليرة اي ضعفي الحاجات الممولة في النصف الاول.
ويتوقع ان يرتفع الدين العام الاجمالي الى 176 في المئة من الناتج المحلي نهاية هذا العام.
وقد تسلمت السلطات اللبنانية "البيان" بعد مناقشات استمرت لمدة اسبوعين انتهت في 11 تموز الجاري. وتنشر "السفير" ترجمته الحرفية وهو بمثابة تقرير تمهيدي للتقرير الاساسي الذي سيصدر بين تشرين الثاني وكانون الاول المقبلين بموجب المادة الرابعة من نظام الصندوق.
وعلق وزير الاقتصاد والتجارة باسل فليحان في حديث ل "السفير" على نتائج استطلاعات البعثة، ونفى أن تكون الارقام الواردة في بيانها تمثل الارقام الحكومية، بل "بنيت على فرضيات ترتكز على تقديرات محددة لنمو الكتلة النقدية، ولا تأخذ في الحسبان التدفقات الخارجية وعائدات الخصخصة والمساعدات والهبات التي يمكن أن تحصل عليها الحكومة". ورأى أن استبعاد هذه العوامل دفع البعثة للاعتقاد بأن الكتلة النقدية لن تنمو الا بمعدلات تتراوح ما بين 5 و6 في المئة، والتالي فإن نمو الودائع المصرفية سيتراجع، وستتراجع معه القدرة غير المحدودة للمصارف التجارية على تمويل حاجات الدولة.
ولفت فليحان الى أن بعثة صندوق النقد اعتبرت أن نمو الكتلة النقدية يحدد ميزان المدفوعات (عجزا أو فائضا) في حين أن الحالة اللبنانية تؤكد أن ميزان المدفوعات هو الذي يحدد نمو الكتلة النقدية نظرا لأهمية الاقتصاد اللبناني في الخارج.
ووضع فليحان "البيان الختامي" للبعثة في خانة الايجابية "كونه يؤشر الى تغير في نظرة الصندوق الى الاوضاع في لبنان من التشاؤم الى التفاؤل باعتبار أنه كان يقدر النمو في عامي 2001 و2002 بنسبة صفر، وطور الآن تقديراته الى توقع نمو فعلي بنسبة 5،1 في المئة هذا العام وصولا الى 5،4 في المئة في السنوات اللاحقة".
سابا
ويقول الوزير الأسبق الدكتور الياس سابا ردا على سؤال ل "السفير" حول رأيه بالبيان إن هناك بعض الملاحظات الاساسية الأولية أبرزها:
1 لا يتناسب الكلام في "البيان" مع الارقام الواردة في الجداول، وبالتالي يشتم منه أن الحكومة مارست ضغوطا معينة لكي يأتي الكلام أنعم من الأرقام.
2 يركز دائما على ما تقوله الحكومة وليس على رأي بعثة الصندوق الذي يظهر بين وقت وآخر ليشكك بصحة التوقعات الرسمية اللبنانية، ومع ذلك فإنه حتى ولو اعتبرت بعثة صندوق النقد ان التوقعات الرسمية قد صحت أو تحققت فإن نسبة الدين العام الى الناتج المحلي في العام 2006 ستكون في حدود 170 في المئة، وهذه النسبة هي كما كانت في الشهر الماضي، وهي كما يقول عنها، الأعلى تاريخيا وبين البلدان.
4 يفهم من كلام الحكومة وتوقعاتها ان الضريبة على القيمة المضافة التي تبدأ في العام 2002، ستضاف ضمن مصادر التمويل المتوقعة للعام المقبل الى عائدات الرسوم الجمركية مما يبدي عدم رغبة في تخفيض الرسوم الجمركية التي يفترض أن تحل ضريبة القيمة المضافة مكانها.
نحاس
ويتفق الخبير المالي شربل نحاس مع ملاحظات سابا معتبرا "انه إذا كان الكذب على الرساميل شطارة، فإن الكذب على الناس جريمة"، فبعثة صندوق النقد تشكك حتى بأرقام الحكومة المرفقة بالتقرير، علما بأن هذه الأرقام في غاية السلبية وتؤشر في حال الالتزام بها إلى إجراءات ضريبية واقتصادية ذات طابع انكماشي على عكس ما تزعم الحكومة، إذ انها تتوقع اقتطاعات ضريبية عالية وزيادة في الأسعار (5% في العام 2002) واستقرارا في التسليفات المصرفية وتجميدا للأجور الإسمية، وتحافظ على المستويات السلبية للمؤشرات المالية والنقدية ولا سيما على صعيد العجز والمديونية.
وقال نحاس إنه إذا كان هناك ثقب في السفينة كما يتردد فالأجدى عدم المراهنة على نجارين غير مؤهلين، وإنما يجب توزيع "فواشات" على المواطنين لحمايتهم من الغرق عبر السعي لضمان مدخراتهم وقدراتهم الشرائية .
&