&
ايلاف- نبيل شرف الدين: في الوقت الذي شهدت فيه الجزائر خلال الأسابيع الماضية تصعيداً جديداً في أعمال العنف التي أودت بحياة أكثر من خمسين شخصاً في مناطق مختلفة من البلاد على يد جماعات مسلحة، تؤكد& مصادر أمنية وإعلامية إنها تابعة للجماعة الإسلامية المسلحة بقياة عنتر زوابري، والجماعة السلفية للدعوة والقتال بزعامة حسن حطاب ، حيث تم اغتيال مواطنين رمياً بالرصاص في حواجز مزيفة أقامتها تلك الجماعات بشرق وغرب الجزائر. وتقول مصادر أمنية جزائرية: إن عدد الضحايا منذ بداية شهر حزيران (يونيو) وصل إلى 200 ضحية أغلبهم عسكريون اغتيلوا في حواجز مزيفة وكمائن، بينما وصل عدد القتلى منذ شهر تموز (يوليو) إلى أكثر من 52 ضحية، معظمهم مدنيون اغتيلوا رمياً بالرصاص.
من جهة أخرى أصدرت الجبهة الإسلامية الجزائرية للإنقاذ (الهيئة التنفيذية بالخارج) بياناً أوضحت فيه موقفها من مؤتمر مزمع عقده ، وقد جاء في البيان تلقت "إيلاف" نسخة منه. ورأى البيان أن& التحضير للمؤتمر "يجب أن يتم بعد مشورة موسعة داخل كل الأطر الشرعية و الرسمية للجبهة، مشاركة كل الإطارات القيادية في انتخاب اللجنة التي تكلف بالتحضير له، أن يكون أعضاؤها من إطارات الحزب الثابتة، أن تهيئ الظروف الأمنية و التنظيمية اللازمة.. أن يخصص المؤتمر لتقييم مختلف المراحل والسياسات السابقة.. أن يعقد المؤتمر داخل ".
أما عن موقف الهيئة من المؤتمر فاعتبره البيان "محاولة لإقصاء الأطر الشرعية و الرسمية للجبهة و الالتفاف على قيادتها ".
واورد البيان اقتراحا عن البديل جاء ت فيه دعوة لكل الأطر الشرعية و الرسمية و كل الإطارات المسؤولة في الجبهة للعمل على توفير الظروف لتحضير مؤتمر تمثيلي شرعي للجبهة.
&كذلك دعوة إلى العمل لحل مخلفات الأزمة والعمل لدفع السلطة لتمكين الجبهة& من العمل السياسي و الدعوى و الخيري.
المجازر المتجولة
وكان الوضع الأمني قد شهد استقراراً نسبياً تزامن مع الاضطرابات الشعبية التي شهدتها منطقة القبائل "البربر" باستثناء بعض العمليات التي نفذتها جماعة حطاب ضد العسكريين. ولعل القراءة الأولى لتجدد أعمال العنف بصورة أوسع تفسح المجال أمام تأويلات موضوعية تأتي لتؤكد أنَّ الجماعات المسلحة مازالت قادرة على خلط الأوراق في المشهد الجزائري رغم الضربات القاسية التي تلقتها على يد قوات الجيش بعد عمليات عسكرية واسعة قامت بها هذه الأخيرة بغرب الجزائر وشرقها، وأدت حسب مصادر إعلامية إلى مقتل أكثر من 60 مسلحاً. وإذا كانت خلفيات هذا التصعيد ما زالت مجهولة إلى الآن، فإن بعض المحللين والملاحظين يرجعونها إلى أسباب عدة أبرزها:
-استغلال الاضطرابات الشعبية الأخيرة من طرف مختلف التنظيمات المسلحة لتجديد قواعدها، وإعادة هيكلتها بما يسمح لها بإعادة الانتشار واسترجاع القوة.
- محاولة استرجاع المبادرة في صنع الحدث الإعلامي بعد أن تدحرجت تهديدات الجماعات المسلحة وبياناتها إلى مراتب متأخرة في اهتمامات المواطن الجزائري.
- استغلال ضعف اليقظة لدى السكان للقيام بعمليات دموية تعيد الاعتبار للجماعات المسلحة التي لم تعد تجد خوفاً في قلوب الناس من وجودها بعد تقليص نشاطها الإرهابي.
- وتعتقد أوساط ملاحظة أن عودة أعمال العنف تزامنت مع حديث رئيس الجمهورية عن المصالحة الوطنية، ما يعني ارتباط الفعل الإرهابي بالصراعات الموجوة في هرم السلطة، وتوظيف الجماعات المسلحة للمحافظة على نسق التوترات التي ميَّزت الشارع الجزائري منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية الشعبية قبل شهرين. على صعيد آخر، دعت شخصيات فكرية وأكاديمية عربية في نداء من أجل احترام الحق في الاختلاف إلى الاعتراف بعدالة مطلب الأمازيغية الذي رفعه المتظاهرون بين مطالب اجتماعية أخرى في الجزائر، وقال النداء الذي وُزِّع في لندن وحصلت (إيلاف) على نسخة منه أن "مخاطر انفجار هذه المطالب في مواجهات دامية تتطلب من المثقفين الذين يتميزون بالعقل والخيال أن يلعبوا دور محطة الإنذار المبكر التي تتبنى الاعتراف بمطالب الخصوصيات في مجتمعاتنا" ودعا الموقعون على النداء إلى قيم العيش المشتركة وطرح جميع الأسئلة المركزية التي أجّل طرحها حتى الآن.
من جهة أخرى عقدت جمعية نداء الأمة أول اجتماع لها حضرته لأول مرة شخصيات قيادية من جبهة الإنقاذ وحركة النهضة وحركة حمس (حماس) سابقا" إلى جانب شخصيات إسلامية ووطنية أخرى، بهدف مبادرة مشتركة للخروج من الأزمة، ووضع حد نهائي لها، ويعتقد أن يكون لهذه المبادرة تأثير خاص في توجيه الأوضاع إلى التهدئة وعودة جبهة الإنقاذ إلى النشاط السياسي، ويعتقد بعض المحللين أن هذا الاجتماع الذي حضرته أعداد هائلة من أنصار جبهة الإنقاذ، جاء رداً على تجمع مماثل دعت إليه القوى الوطنية تساند الرئيس بوتفليقة الذي تحدث بإصرار عن المصالحة الوطنية .