&
اجرى الحوار: احمد نجيم
انتهت لتوها من حصة تدريبية على عمل مسرحي تحضره لبداية الموسم المقبل. كانت الابتسامة مرسومة على شفتيها كعادتها. الفنانة والمسرحية ثريا العلوي فتحت لـ"إيلاف" قلبها وتحدثت بلغة صريحة وعفوية.
تحدثت العلوي لـ"ايلاف" وكشفت لأول مرة عن سر صوفيتها وخوفها الشديد من الحسد. مسافرة بقرائها إلى&مرحلة الطفولة ومحاولاتها اليائسة بأن تصبح كاتبة وصولا الى&&مشوارها الفني.
كيف تشعرين عندما يقرر صحفي إجراء حوار معك؟
هناك من يصاب بالدهشة عند تسجيل حوار أو تصويره. الآن لم يعد لي مشكل في إنجاز حوارات.
كنت مدمنة على قراءة الروايات العربية والعالمية. بمعنى أنك كنت أقرب للرواية من التمثيل؟
هذا فخر أن أقرأ لروائيين عرب كبار.. لم أستطع أن أصبح روائية فاخترت التمثيل لتشخيص أبطال الروايات.

بمعنى مشاركة الكاتب؟
أشاركه في تحقيق ما كتب. هو كتب بقلمه وأنا أكتب بجسدي وبصوتي....أكمل الشخصيات.
أجعلها من لحم ودم.
لمن قرأت؟
قرأت لروايات وكتاب عرب وأجانب(مترجمة للغة العربية) وعندما اطلعنا على بعض الروايات بلغتها الأصلية زاد إنبهاراي بهذه الأعمال وبخاصة الأدب الروسي (الإخوة كارامازوف-الجريمة والعقاب....)
لم تكن لك محاولات كتابة؟
أظن أن كل فرد في مرحلة مراهقة يصاب بهلوسة وتظن أن باستطاعته الكتابة.
في أول سنة ثانوي، حاولت أن أكتب سيرتي الذاتية وقبلها كنت قد كتبت قصة قصيرة.
لم أرغب في كتابة يومياتي بل سيرة ذاتية وأنا بنت الخامسة عشر.لقد قرأت نصوصا روائية ونسيتها. قلت مع نفسي أن لا أقلد أي شخص.

بعد حصولك على الباكالوريا لم تنخرطي في قسم الآداب بالكلية؟
كنت أحب الأدب، لكن لم أفكر في متابعة دراستي الجامعية فيه. كنت ميالة إلى علم النفس والاجتماع. بمعنى تأثرك بالأدب الروسي من خلال تركيزه على علم النفس والاجتماع.
الجانب النفسي لتلك الشخصيات الغريبة والغرائبية كان يسحرني ويشدني إليه. فالرواية هي التي دفعتني للتعلق بالتكوين النفسي للشخصيات. فمن علم النفس اكتشفت التمثيل.
وكيف انخرطت في معهد المسرح، وهل سبق هذا الانخراط تجارب في المرحلة الثانوية من التعليم؟
لم تكن لي تجربة. وهذه أول مرة أصرح بها لشخص. في أول سنة من المرحلة الثانوية، كنت متفوقة في اللغة العربية وحتى في اللغات. وبمناسبة عيد العرش اختارتني أستاذة العربية لكتابة مسرحية. وكوني كنت قد حاولت الكتابة ساعدني على كتابة المسرحية. كتبت مسرحية عن الصحراء ولعبت فيها دور البطولة. أتذكر أنني كنت أختار العبارات البراقة والرنانة من قبيل "أنا من يقضي عشاقي في مداعبة البنادق". كانت هذه أهو محاولة للكتابة. بعد الباكالوريا، ولجت المعهد العالي للفن المسرحي بفضل زوجي نوفل البراوي، وقتها لم أكن أعلم أن المسرح يمثل ويدرس.
خلال سنوات الدراسة كنت مضطرة لقراءة المسرحيات وقللت من قراءة الروايات، وإن كنت أفضل الرواية على المسرح. كشكل أدبي فالرواية أجمل بكثير، قراءتها متعة، فيها اشتغال كبير على الوصف والفضاء والزمان.
اطلاعي على المسرح بدأت بالمسرح العبثي. هذا جعلني أميل لنوع معين من المسرح. هذا دون أن أغفل أنني اطلعت على المسرح اليوناني، لكنني وجدت نفسي في المسرح العبثي.
كتبت مسرحية عبثية"فندق العنكبوت لراحة النفوس" حاولت الاستفادة من كل ما قرأته. لكنني بعد فترة قلت مع نفسي أنه يجب احترام التخصص، لذا تركت الكتابة. أمثل وهذا ليس بالهين.
هذا هو الذي دفعك للعمل في المسرح والسينما والتلفزيون، وجعل الجمهور المغربي يحبك. بكل هذا الرصيد هل تشعرين أنك "نجمة"؟
أشكر حب الجمهور المغربي للفنان. وأنا أشعر بامتنان. لكنني ضد كل أشكال النجومية. أولا فالنجومية لا وجود لها في المغرب، ولا يجب تضخيم الأشياء، فالناس يحبونني وأحبهم. ربما بهذا الحب علاقة بظهوري في مسلسلات تلفزيونية رمضانية أوقات الذروة. لكن نجمة بمعناها الأمريكي أو المصري لا وجود لها في المغرب.
حتى وإن وجد نظام صنع النجوم فسأكون ضده. وضد أن أصبح نجمة.
لماذا؟
لا أدري. أحب أن أعيش حياة عادية وأن لا أثير انتباه الشارع وفي الأماكن العمومية. أحب أن أعيش داخلي وأن أرتاح مع أناس محدودي العدد وفي مجتمع ضيق. لا أحب أن يقتحم عالمي.
تؤمنين بالله وتحافظين على الصلوات. هذا يجعلك أقرب إلى صوفية. ألهذا علاقة بصد حسادك كي لا ينالون منك؟
يبدو أنك تحريت علي جيدا. إنني مؤمنة متعبدة. كنت متحجبة حتى سن 16.
أنا حريصة على شعائري الدينية، فقبل الأقدام على أي عمل أقرأ المتعودتين والفاتحة وقبل النوم أشهد (بضم الألف وكسر الهاء) وقبل أداء كل دور تلفزيوني أو سينمائي أو مسرحي أقرأ الفاتحة 12 مرة، إنني أدخل في حالة صوفية عند قراءتها.
تظنين أن الفنان يحتاج للصوفية؟
أظن أن الإنسان يحتاج للحالة الصوفية. فميزته عن الحيوان هي تلك العلاقة التي ينسجها مع الله. هي لحظة التوحد تلك.
&هناك من يعتقد أن المبدع كلما تقرب من الله كلما حد من حريته؟
أبدا. أنا لست متفقة. إن العلاقة بالمقدس ضرورية للإنسان. لنأخذ على سبيل المثال شخصيتي، أحس بعدم توازن رهيب على
مستوى شخصيتي. أحس بخوف لا أعرف مصدره. أحس بقوى شريرة تطاردني...أقول مع نفسي إن من يحميني من هذه القوى الشريرة هو الله سبحانه وتعالى. دون الاعتقاد بالله أغدو لا متوازنة.. قد أجن. لذا من الضروري توحدي بالله وبشكل يومي. إن مسألة الإيمان بالنسبة لي مسألة وجودية "أكون أو لا أكون". كينونتي موجودة من خلال الله. هذا بالإضافة إلى خوفي من العين والحسد.
هل خوفك من العين له ارتباط بانتمائه الإثني أو الطبقي(أمازيغية)؟
قد يكون ذلك صحيحا. فأبي وأمي كانا يخشيان الحسد. وهذا لا علاقة له بالانتماء الطبقي، بل بالمعتقدات التي تربيت عليها. في بيتنا هناك خوف من العين. هذا هو سر ارتباطنا بالله. أؤكد لك أننا لا نمارس أي شكل من أشكال الشعوذة والسحر. فعائلتي تدخل في علاقة توحد مع الله باستثناء زوجي.

جمالك وخفة دمك تجعلك محط إعجاب الكثير من الشباب، كيف تتعاملين مع معجبيك؟
لا أدري إن كان لدي معجبين كثر. ولم أعش يوما مشكلا مع بعض هؤلاء.
ألا يضايقك اسم عرفت به في المغرب وأصبح الكل يناديك به؟
(تقاطع) إنه يضايقني. تريد أن تقول لي "حمامة".
لماذا؟
لا أعرف.
لكن جمهورك يناديك "حمامة".
أعرف أن الجمهور يناديني بهذا الاسم وبحسن نية وحب. عشت بعض الحالات يطلب مني المعجبون بأن أقول لهم أنني "حمامة". فقد جاءت عندي سيدة أكثر من مرة إلى الفندق وطلبت من أن أقول لبنتها الصغيرة إن اسمي "حمامة".
كيف تتعاملين مع الموقف؟
أقول أنه لا يجب أن أجرح الفتاة الصغيرة. لا يهمها أن اسمي ثريا العلوي. ما يهمها هو ما علق في ذهنها من اسم لإحدى الشخصيات التي لعبتها. من جانبي أتعامل مع الموقف بعاطفة، لكنني في نفس الوقت أقول مع نفسي أنني لست كذلك فأنا "ثريا"
هل تريدين أن ينمحي هذا الاسم من ذاكرة الناس؟
أتمنى أن أشتغل في عمل آخر يلقى النجاح وأن ينسى الجمهور "حمامة". ما يثيرني هو أن هذا الاسم يسجنني كي أقوم بدور آخر. إذا نجحت في شخصية حمامة فهذا يعني أن "ثريا" اشتغلت جيدا. أحتاج لفرصة لأثبت ذاتي في أدوار أخرى.
هل تنتقين الأعمال الفنية على قلتها عندما تقدم لك عروض عمل؟
في ظل قلة الإنتاج والاختيار، الحمد لله أختار أعمالي الفنية.
كثير من الفنانين والفنانات يعانون البطالة، في حين أنت دائمة الحضور؟
هناك من يعتقد العكس.
لأنه لا يشاهد سوى التلفزيون
المسرح شكل بديلا للعمل. لم أتلق عروضا للعمل في أفلام سينمائية، ومن الصدف أن يكون آخر فيلم لعبت فيه هو الفيلم الذي حاز على عدة جوائز محلية ودولية وحقق ثاني أكثر إيرادات في تاريخ السينما المغربية(نساء ونساء).
هل لهذا علاقة بالمخرجين المغاربة؟
في نظرك، بم تفسر هذا.
في التلفزيون عندي اقتراحات لكنني أدقق في الأعمال المقدمة لي. فالتلفزيون سلاح ذو حدين بالنسبة للفنان. أشتغل كثير في الآونة الأخيرة في المسرح. فهذه السنة مثلت في مسرحيتين. االعمل مع المخرج نوفل البرواي ممتع، لأنه مخرج مالك لرؤية وتصور فني. مسرحية هذه السنة تتضمن رؤية المخرج بناءا على نص لكاتب مسرحي كبير وهو يوسف فاضل الذي نعتز به(مسرحية بوعودة). ما أتأسف له هو غياب هذا العلم عن مهرجان مكناس للمسرح الوطني في دورته الأخيرة على الرغم ن برمجة مسابقة أحسن نص. ومسرحية هذه السنة قوبلت بارتياح من قبل الصحافة المغربية. ونتدرب الآن على مسرحية أخرى مع نفس المخرج والكاتب في إطار شراكة فنية مع هولندا وسيتكفل بالسينوغرافيا الطيب الصديقي.
لننتقل إلى موضوع آخر. كامرأة كيف ترين وضع المرأة المغربية؟
عندما نتحدث عن المرأة فيجب أن نحدد من هي. إنها تشبه الجمهور. قد تجالس نساء وتقول إن وضعية المرأة المغربية بخير ولا تعاني أية مشكلة، في الوقت نفسه قد تجد نساء محرومات من أبسط الحقوق. إنه تناقض صارخ.
الجميل هو أن النساء المتحررات هن من يدافع على النساء المحرومات.
هل وضع الفنان في المغرب يشبه وضع المرأة؟
يجب على الفنان أن يحب نفسه أكثر مما هو عليه واقع الحال. يجب أن يحمي نفسه كي يعيش إنسانا أولا. عندما نطلع على ظروف العمل نجدها غير مناسبة. وعلى نقابة الفنانين أن تقوم بمجهودات للدفاع عن الفنان.
هل الفنان يحتاج إلى نقابة؟
النقابة شكل حضاري للدفاع على مطالبنا. يتم اختيار أعضائها بطرق ديمقراطية.
بمعنى أنك تحبين السياسة؟
أنا لا أحبها ولا أحب ممارسيها.
في نظرك، لماذا يضطر الفنان للزواج بفنانة؟
نفس سبب زواج خباز بخبازة أو طبيب بطبيبة...مسألة حب وعواطف. زوجي بالمخرج نوفل البراوي خضع لما قلته الحب والتفاهم.
لحظات السعادة في حياة ثريا العلوي
تلك التي قضيتها مع عائلتي. فأنا امرأة شديدة الارتباط بالعائلة.
وأتعس اللحظات؟
حتى عندما أتذكرها أرغب في نسيانها. أحب أن أنساها.
&
مثلت في فيلم أمازيغي هل له علاقة بالانتماء الإثني أو السياسي؟
ظهرت في فيلم واحد. مثلت فيه لأنني أمازيغية فقط ولا دخل للسياسي في الأمر.