نابلس- ماجدة البطش: يروي "اسعد عيسى" (29 عاما) المحتجز في سجن الاستخبارات الفلسطينية في مدينة نابلس (الضفة الغربية) بتهمة التعامل مع الاجهزة الاسرائيليية كيف انتمى الى "غرفة العصافير" المتعاونين مع اسرائيل قبل ان يحط رحاله في سجن السلطة الفلسطينية. وتابع "اسعد" وهو الاسم الذي اطلقه السجين على نفسه "انا من منطقة الاغوار واعتقلت عام 91 من قبل المخابرات الاسرائيلية بتهمة العضوية& في الجبهة الشعبية والقيام بنشاطات خلال الانتفاضة الاولى" 1987 - 1993.
واضاف "كان عمري 19 عاما واثناء التحقيق معي ساومني المحقق وعرض علي تخفيض& مدة محكوميتي التي قال انها ستكون عدة سنوات اذا انا تعاملت معهم وسيمنحني راتبا شهريا ووافقت وبدات العمل في "غرفة العصافير".
وغرفة العصافير هي غرف& للعملاء الذين يقومون بتمثيل الادوار الوطنية وهي بمثابة "طعم" للمعتقلين الفلسطينيين الذين لا يقومون بالاعتراف عند المحقق الاسرائيلي. ويدلي المعتقل الفلسطيني باقواله فيها ظانا انه بين رفاقه السجناء المناهضين للمحتلين ويطلق الفلسطينيون على هذه الغرف ب "غرف العار".
وقال اسعد "كنت امثل دور امام في غرف "العصافير" وفي بعض الاحيان كنت جاويش الغرفة. وكنا نتلقى المعتقل الفلسطيني الذي ترسله المخابرات بعد تحقيق مضن ولم يعترف عندهم نطمئنه ونقنعه بتقديم تقرير بكل نشاطاته بخط يده ونحن نقدمه بدورنا للمخابرات واذا رفض الكتابة كنا نقوم بضربه واتهامه بالعمالة".
واكد اسعد انه عمل "كعصفور" متعاون في سجن الظاهرية قضاء الخليل وامضى مدة سنة ونصف السنة وبعدها خرج من السجن وعمل مع والده بالزراعة لمدة عامين الا انه مل وتذكر انه لم يحصل على راتبه من المخابرات الاسرائيليية لقاء تعاونه معهم فتوجه الى مركز الشرطة الاسرائيلي في القدس والذي يطلق عليه اسم "المسكوبية" للمطالبة باتعابه.
وقال بتحسر "تخيلوا، لقد اعطوني مبلغ 950 شيكل اي ما يقارب (250 دولارا) مقابل سنة ونصف عمل".
وتابع "وهناك طلبت منهم العمل مرة ثانية كعصفور ولكن باجر يومي مقداره 250 شيكلا يوميا اي (60 دولارا) مع تزويدي ببيت في اشدود تدفع المخابرات اجرته".
واكمل " كنت اذهب الى سجن عسقلان داخل اسرائيل صباح كل يوم أحد واداوم في غرف العصافير واعمل لمدة خمسة ايام كعميل اقوم خلالها باستدراج المعتقلين وفي نهاية الاسبوع اقضي يومي الجمعة والسبت في بيتي في اشدود وعلى شاطىء البحر".
واشار اسعد انه في عام 97 اصيب ب"حال اكتئاب وصراع نفسي" وقرر ترك العمل مع المخابرات الاسرائيلية الا انه تعرض " للتحقيق والتعذيب لمدة 23 يوما بدون نوم& بتهمة علاقته مع جهات فلسطينية الا ان الاسرائيليين اقتنعوا بقصته". وبعد ان عرض على اطباء نفسيين اعيدت له هويته وترك الى حال سبيله.
واختتم اسعد "عملت كعامل& في احد مخازن الدواجن في اسرائيل بنفس الراتب وقبل سنتين راجعت الامن الوقائي الفلسطيني وقلت لهم باني عملت متعاونا في غرفة العصافير واطلق سراحي بنفس اليوم وانا الان بانتظار ان يطلق سراحي لاني عملت وتوقفت".
ويعتقد الكثيرون من الفلسطينيين ان المتعاونين "اخذوا مجدهم" في عهد السلطة الفلسطينية التي لم تمس ايا منهم بسبب اتفاقية اوسلو (1993) حول الحكم الذاتي الفلسطيني التي تمنع& السلطة من اعتقال المتعاونين مع اسرائيل قبل قدوم السلطة.
وقد منحت اسرائيل عدة الاف& من المتعاونين جوازات سفر او هويات اسرائيليية مما اتاح لهؤلاء الاستمرار في نشاطاتهم السابقة داخل اراضي السلطة الفلسطينية دون تعرضهم لملاحقة لان هناك شقا في اتفاقية اوسلو يحظر على السلطة الفلسطينية اعتقال حاملي بطاقة الهوية او جواز السفر الاسرائيلي.
وقال مدير مخابرات محافظة نابلس طلال دويكات ان هدف المخابرات الاسرائيلية "خفض الروح المعنوية للشعب الفلسطيني وضرب قيمه".
واضاف" اننا نستقبل ونرحب باي فلسطيني يتعرض للابتزاز او التهديد من قبل المخابرات الاسرائيلية" مؤكدا "سوف نحميه ونساعده". اما من يتورط بالتعامل ولا يتراجع "فهذا شان اخر" على حد قول دويكات.
لكن الشارع الفلسطيني يزداد استياءه يوما بعد يوم من جراء عدم تنفيذ عقوبات اعدام او اعتقالات مكثفة في صفوف المتعاونين مع اجهزة الامن الاسرائيلية خصوصا ان حالات الاغتيال تزداد ويتضاعف عدد الضحايا الفلسطينيين.(أ ف ب)