&
للمرة الثانية في غضون ستة اشهر، أقدمت الحكومة المصرية على خفض الجنية مقابل الدولار أملا في القضاء على السوق السوداء وإنهاء نقص السيولة في الورقة الخضراء، وهما من ابرز مظاهر الأزمة الاقتصادية
المشهد المصري: الكثير من الامل القليل من الامكانيات AP
التي تعصف بالبلاد منذ زهاء عامين.
واعلن المصرف المركزي يوم الأحد عن خفض الجنيه المصري بنسبة 6% مقابل الدولار الذي ارتفع من 3.90 جنيهات إلى 4.15.
وأتاح المصرف المركزي هامشا خلال التعامل بنسبة 3% بينما لم تتعد نسبته سابقا 1.5%.
وفي أول محاولة له لتطبيق سعر واقعي وإنهاء السوق السوداء، حدد المصرف المركزي أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي سعر الصرف ب 3.85 جنيهات بعد ان كان بحدود 3.40 جنيهات لأعوام طويلة.
وقال أحد العاملين في شركة "اي اف جي هيرميس" المالية ان سعر "الجنيه كان اكبر من قيمته الفعلية وخاضعا لضغوط منذ عامين لكنه بات اكثر واقعية حاليا لان العرض والطلب هما في المستوى ذاته تقريبا".
واضاف ان هذا الإجراء سيؤدي إلى اختفاء السوق السوداء حيث يباع الدولار بين 4.18 و 4.20جنيهات إذا ما "باعت المصارف دولارات" وامتنعت عن فرض قيود على العملة كما يحصل حاليا.
وترفض المصارف في مصر، ومنذ اشهر عدة، بيع الدولار أو أنها تبيعه بكميات قليلة للغاية وخصوصا للزبائن المسافرين إلى الخارج.
ومن جهتها، اعتبرت صحيفة "العالم اليوم" الاقتصادية ان سعر الصرف الجديد يوجه "ضربة قوية للسوق السوداء إذ يعرب يعلن اقتصاديون عن اعتقاهم بان هذا الإجراء سيحقق استقرار سوق النقد".
وبدوره، رأى محلل اقتصادي أخر ان "خفض العملة جاء متأخرا ولم يتم شرح أسبابه للناس الذين سيعتقدون بأنه لن يكون هناك شيء ليأكلوه".
واضاف الخبير رافضا ذكر اسمه ان "القرار سيمنح كمية من الأوكسجين للصادرات لكنه ليس كافيا لجذب الاستثمارات الأجنبية".
ورأى ان الأمر "يختصر بمسالة الثقة في سياسة حكومة" رئيس الوزراء عاطف عبيد.
وكان الرئيس المصري حسني مبارك اقر، وللمرة الأولى في نيسان (أبريل) من العام 2000، بوجود أزمة اقتصادية لكن الخبراء يكررون منذ عامين التشخيص ذاته وهو النقص في الصادرات وارتفاع النفقات في الموازنة وضعف الاستثمارات الأجنبية وهروب رؤوس الأموال وذلك رغم التطور الإيجابي في بعض القطاعات وخصوصا السياحة التي تعتبر مصدر الدخل الأول في البلاد(4.3 مليار دولار العام 2000).
ويشير الخبراء إلى الغموض في السياسات والنظم الاقتصادية وخصوصا برنامج الخصخصة الذي يتعثر منذ انطلاقته العام 1991.
ويخضع القطاع المصرفي بنسبة الثلثين لسيطرة أربعة من مصارف القطاع العام والتي تتأجل خصخصتها من سنة إلى أخرى.
واعتبر النائب عن حزب الوفد المعارض والصناعي منير عبد النور ان "السياسة الاقتصادية تتميز بانعدام الدقة المالية وفي الموازنة إضافة إلى غياب التنسيق بين مختلف نواحي سياسة الحكومة".
وكان عبد النور قد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية في حزيران (يونيو) الماضي ان "الحكومة أطلقت مشاريع ضخمة طويلة المدى من دون دراسة مالية" في إشارة إلى مشروع توشكى للري والمنطقة الصناعية الجديدة في بور سعيد.
&ولمواجهة أزمة السيولة النقدية، بذلت الحكومة جهودا لتحديد الواردات وخصوصا عبر التدقيق في عمليات الصرف ووضع عراقيل جمركية وبدأت باستهلاك احتياطيها من العملات الأجنبية منذ عامين. وبالتالي، تراجع مستوى الاحتياطي النقدي من 19.8 مليار دولار أواخر العام 1998 إلى 16.6 أواخر العام 1999 قبل ان يتدنى إلى 14.4 مليار أواخر العام 2000 ويستقر على 14.1 في آذار (مارس)من العام الحالي.
(أ ف ب - ميشال سايان)