رغم تأكيد المعلومات القليلة التي تسربت من المحادثات الكويتية-السورية أمس أنها تطرقت الى "الازمة في العلاقات العراقية الكويتية" والى العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة على العراق ، وما أوحاه تمديد الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد أمس زيارته للكويت الى اليوم من تكهنات في هذا الشأن، الا أن الكويت سارعت، سواء على لسان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، أو على لسان وزير الاعلام الشيخ أحمد الفهد، الى نفي ما تردد عن وجود مبادرة سورية في شأن هذه العلاقة، والى التأكيد على أن أي وساطة بين البلدين لم تطرح خلال المحادثات، حاصرة أي امكانية لتحرك في هذا الاتجاه بالعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، في اطار تكليف القمة العربية اياه متابعة الملف.
وسألت "الرأي العام" مساء أمس الشيخ صباح هل ثمة مبادرة سورية في شأن العلاقة بين الكويت والعراق، فأجاب: "أبداً, ليس هناك أي مبادرات تخص الكويت والعراق ولا توجد أي مبادرة سورية بشأن العراق", وأضاف " الرئيس الاسد أكد خلال محادثاته معنا اليوم (أمس) على عمق العلاقات الثنائية والاقتصادية بين سورية والكويت فقط", وعما اذا كان الانفتاح السوري على العراق يؤثر على علاقة دمشق بالكويت، قال: "قلت 50 مرة وأكرر ان لا علاقة لهذا الموضوع بالعلاقات السورية-الكويتية, موضوع التقارب اقتصادي بحت وليس سياسيا والموضوع الاقتصادي يختلف كليا عن الموضوع السياسي", وتساءل موضحاً: "لماذا يحلل ذلك (التقارب الاقتصادي مع العراق) للاردن ومصر وتركيا ولا يحلل لاخواننا في سورية؟ كما للمصريين والاردنيين والأتراك الحق في ذلك، فالاشقاء في سورية أيضاً لهم الحق نفسه", وعن سبب تمديد زيارة الأسد قال: "انه لدليل على العلاقة الوطيدة ونحن سعداء بهذا التمديد".
أما وزير الإعلام أحمد الفهد فقال في حديث الى برنامج "حوار العمر" بثته أمس قناة "ال, بي, سي" ان جدول الأعمال بين الجانبين السوري والكويتي لم يتضمن بند الوساطة.
وأوضح ان قمة عمان العربية "ناطت بجلالة الملك عبدالله الثاني إجراء اتصالات لبلورة موقف تقاربي" في ما يتعلق بالورقة التي رفضها العراق "وأعتقد ان من اللباقة الديبلوماسية ان نترك هذا الموضوع له".
وأكد الفهد ان الكويت غير منزعجة على الاطلاق من التبادل التجاري بين العراق وسورية، "فالقيادات السياسية لا تتأثر بهذه العلاقات التجارية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحق والمبادئ، بل نحن حريصون على ان تكبر دائرة التبادل التجاري بين العراق والدول العربية".
وأعلن العراق امس ايضا عدم علمه بأي مبادرة سورية للوساطة بين بغداد والكويت.
وكان الجانب الاقتصادي، محور اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بوفد غرفة التجارة والصناعة، بحضور وزير الاقتصاد السوري محمد العمادي, وقال النائب الثاني لرئيس غرفة التجارة والصناعة هلال مشاري المطيري لـ "الرأي العام" ان النقاش مع الجانب السوري تركز على الاجراءات والسياسات الجديدة التي تبناها الرئيس الاسد للاصلاح والتطوير الاقتصادي، ومنها قانون الاستثمار الاجنبي وخصوصا قانون البنوك الاجنبية والسماح للقطاع الخاص بافتتاح بنوك خاصة, وتم الاتفاق على آلية منظمة لافادة الكوادر السورية من النظم المصرفية والخبرات الكويتية، وعلى تدريب الكوادر السورية بالتنسيق مع بنك الكويت المركزي، وعدد من البنوك الكويتية وخصوصا في ما يتعلق في شأن الرقابة المصرفية.
في موازاة ذلك، كان لافتاً تعاطي جامعة الدول العربية بجدية، للمرة الأولى، مع اقتراح العراق تشكيل لجنة عربية لمتابعة موضوع من سماهم نظام بغداد "المفقودين العراقيين والكويتيين"، اذ أعلنت أن "مشاورات" ستجرى في شأنه, وقال الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى انه سيجري مشاورات مع عدد من المسؤولين في الدول العربية قبل اتخاذ قرار في شأن اقتراح العراق, واضاف ان "الجامعة العربية وزعت رسالة العراق كوثيقة رسمية على الدول العربية بناء على طلبه، اما شكل التحرك اللازم فسيتم تحديده في ضوء المشاورات التي ستتم مع الدول العربية".
وامتنع موسى عن التعليق على رفض عربي سابق لاقتراحات عراقية مماثلة والاصرار على عدم التعامل مع هذا الملف سوى من خلال الامم المتحدة قائلا "نحن نتعامل الان مع رسالة عراقية طلب منا توزيعها على الدول العربية واعتبارها وثيقة رسمية".
لكن مصادر ديبلوماسية عربية رفيعة المستوى لاحظت ان "هذا الاقتراح العراقي ليس بجديد بل يتم طرحه من قبل العراق كلما كانت هناك ضغوط من مجلس الامن على العراق لبحث قضية الاسرى الكويتيين المحتجزين في العراق منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990".
وذكرت بان السعودية والكويت اكدتا مرارا ان التعامل مع قضية الاسرى والمفقودين لابد ان يتم وفق قرارات مجلس الامن الذي كلف الصليب الاحمر الدولي بمتابعة هذا الملف الانساني وتم تشكيل لجنة ثلاثية واخرى فنية فرعية اجتمعت لمدة سنوات ثم قاطعها العراق منذ نهاية 1998.
وبرر وزير الخارجية العراقي ناجي الحديثي في تصريحه لتلفزيون "الجزيرة" عدم تعاون بلاده مع المنسق الخاص لقضية الاسرى والمفقودين الكويتيين فورنتسوف بالانتقائية التي نص عليها قرار تعيين المنسق الخاص وعدم شمولها المفقودين العراقيين في الكويت.
وشدد على انه "لم يعد يوجد اي اسير كويتي في العراق بعد شهر مارس عام 1991"، وهناك وزير كويتي هو رئيس لجنة المفقودين الكويتيين سالم الصباح سبق له ان قال ان العراق اطلق خمسة آلاف اسير كويتي خلال صفحة الغدر والخيانة في الجنوب (الانتفاضة الشعبية في جنوب العراق بعد انتهاء حرب تحرير الكويت)".
وقال الحديثي ان البحث في قضية المفقودين مضن ويتم بصبر واخلاص وفي اطار انساني، معتبرا "اللجنة الدولية للصليب الاحمر المنوط بها ذلك وليس جهة اخرى".(الرأي العام الكويتية)