&
بيروت- توجه الاربعاء اربعة وزراء، من المستنكرين حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف المعارضة المسيحية المناهضة لسوريا والتجاوزات التي رافقتها، الى سردينيا (ايطاليا) حيث يمضي رئيس الحكومة رفيق الحريري اجازة، للتشاور معه.
واوضحت اوساط الحريري ان وزراء كتلة الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط الثلاثة وهم وزيرا الاعلام والمهجرين غازي العريضي ومروان حمادة ووزير الدولة فؤاد السعد، اضافة الى وزير المالية المقرب من الحريري فؤاد السنيورة، توجهوا الى سردينيا (ايطاليا) "للتشاور" مع رئيس الحكومة في تطورات الاوضاع. ولم تعط المصادر اي تفاصيل اضافية.
وشن العريضي الثلاثاء هجوما واسعا وعنيفا في قضية التوقيفات وما تلاها من عمليات اخلاء سبيل مشددا على ضرورة محاكمة المسؤولين عنها (الاجهزة الامنية التي تتمتع بدعم رئيس الجمهورية اميل لحود)، قائلا "لن نسكت عن ذلك".
واعتبرت صحيفة النهار الاربعاء ان حدة اللهجة التي استخدمها العريضي في مؤتمره الصحافي تشير الى "تفاقم الانقسام الحكومي" وقالت ان اخر ظواهر هذا الانقسام "مؤتمر العريضي الذي بدا معه نصف الحكومة يرشق نصفها الاخر على خلفية الانقسام حول التدابير الامنية الاخيرة".
وكان مجلس الوزراء اكد في جلسته العادية الاخيرة التي ترأسها الخميس الماضي الحريري وتغيب عنها لحود وستة من الوزراء المقربين منه، على ضرورة محاسبة المسؤولين عن التوقيفات.
غداة هذه الجلسة اجتمع الحريري في دمشق بالرئيس السوري بشار الاسد في زيارة ادرجها محللون سياسيون في اطار الوساطات الرامية الى "ازالة التوتر" في العلاقات بين المسؤولين اللبنانيين. ثم غادر الحريري بيروت في اجازة عائلية تستمر عشرة ايام تنتهي الاحد المقبل.
من ناحيتها اشارت صحيفة السفير الاربعاء الى "القلق" الذي اثاره غياب الحريري في اجازة في هذه الفترة الحرجة.
وكتبت السفير في احدى تعليقاتها: "مقلق الرئيس الحريري في اجازته، وفي صمته، والاسئلة تتكاثر في غيابه حول حقيقة موقفه وموقعه من كل ما يجري".
وكان جنبلاط، حليف الحريري اعتبر الخميس الماضي ان الحكومة اللبنانية "ستنفجر عاجلا ام اجلا" بعد "الانقلاب الابيض" الذي قامت به "الاجهزة الامنية والقضائية التي تخضع لوصاية رئيس الجمهورية".
وقال جنبلاط "نحن لا نريد تفجير الحكومة اليوم لكن انفجارها سيأتي عاجلا ام اجلا".
يذكر ان الحريري الذي اكد ان التوقيفات التي تمت خلال زيارته الرسمية الى باكستان جاءت من دون معرفته سمح في جلسة سابقة لمجلس الوزراء بتغطية هذه التوقيفات تجنبا لوقوع ازمة سياسية. وللاسباب نفسها وافق الحريري على تصويت نواب كتلته البرلمانية لصالح تعديل قانون المحاكمات الجزائية كما اراده الرئيس اميل لحود مؤكدا علانية بانه يقوم بذلك "من دون قناعة".
وشملت حملة الاعتقالات التي نفذتها الاجهزة الامنية بين 5 و8 آب/اغسطس الجاري نحو 200 ناشط مسيحي في ابرز ثلاث حركات سياسية مسيحية معارضة هي حزب القوات اللبنانية المنحلة والتيار الوطني الحر (العماد ميشال عون الذي يقيم في منفاه في باريس) وحزب الوطنيين الاحرار (برئاسة دوري شمعون).
وتم ليل الاثنين الافراج بكفالة عن 75 من المعتقلين، ولم يبق سوى خمسة اشخاص موقوفين واربعة ملاحقين امام القضاء العسكري بتهمة "الاتصال مع العدو" الاسرائيلي وشخص خامس لا يزال يستجوب في مقر وزارة الدفاع.
واثارت حملة التوقيفات، التي وصفتها نقابة المحامين بانها غير مشروعة، استنكار رئيس الحكومة رفيق الحريري خاصة وانها تمت بدون علمه. كما اثارت اساليب الاجهزة الامنية في قمع التظاهرات وتنفيذ التوقيفات غضب المعارضة وعلى رأسها وليد جنبلاط، التي رأت فيها اتجاها نحو "عسكرة النظام".
واصدر مكتب الاعلام التابع للحريري بيانا افاد فيه ان الوزراء حمادة والعريضي والسعد "وضعوا رئيس الوزراء في اجواء اللقاء" الثلاثاء بين الرئيس السوري بشار الاسد ووليد جنبلاط.
واضاف البيان ان الحريري استعرض مع السنيورة "الخطوات التي انجزت لاعداد مشروع موازنة العام 2002".
وجاء في البيان ان الحريري "سيترأس عند الخامسة عصر الثلاثاء المقبل في مكتبه في السراي اجتماعا للهيئة العليا للخصخصة" في محاولة لوقف الشائعات السارية حول "اعتكاف" رئيس الوزراء.
وكان الرئيس السوري اعلن "دعمه المطلق" لنظيره اللبناني اميل لحود والجيش اللبناني. واستقبل بعد عشرة ايام الحريري.
وتمارس سوريا نفوذا كبيرا في لبنان حيث تنشر قوات صخمة. ويطالب الناشطون المسيحيون بوقف تدخل دمشق في لبنان وانسحاب القوات السورية.(أ ف ب)