- ملك إسرائيل عار .. والهدوء هو صمت اليائسين
- شارون يتميز بإدارة سيئة بعيدة عن الواقع ونبض الشارع


لنعد جرد الموجودات: حكومة من 28 وزيرا، الركود يتعمق، آلاف المصانع تنهار، نسبة البطالة ترتفع علي الدوام، المشاكل الامنية تشتد وتقترب من كل بيت في اسرائيل. السلام آخذ بالابتعاد الي ما وراء جبال الظلام، السياح لا يأتون، لا يوجد مياه، وبعد قليل ستبدأ المشاكل مع الكهرباء. يدور الحديث بالطبع عن قائمة جزئية فقط ولكن يجب ان نتوقف لانه ثمة حد ايضا لقدرتنا علي الاحتمال، ولكن من الممكن القول انه منذ سنوات طويلة لم نكن في وضع اصعب من هذا الوضع، الخطير وعديم الامل.
وهنا، ويا للعجب، كلما تفاقم الوضع كلما ازدادت شعبية ارييل شارون. في كل استطلاع يجري يحصل علي نسب دعم لم تعرف لها مثيل لدي رؤساء حكومات سابقين. كان من الممكن ان تثير طريقته في ادارة شؤون الدولة الاحتجاج الكبير لو استخدمها رئيس حكومة آخر.
من السهل توقع ماذا كانوا سيفعلون لنتنياهو او باراك لو كانا رفعا عدد اعضاء الحكومة الي 28 وزيرا، نصفهم لا ضرورة لهم، زد علي ذلك 14 نائب وزير معظمهم بلا ضرورة.
من السهل ايضا توقع كيف كانوا سيهاجمون كل وزير مالية آخر لو كان الوضع الاقتصادي سيئا مثلما هو اليوم. كل خطوة يقوم بها شارون وحكومته تمر تقريبا بدون أي اعتراض. من يذكر الان تأييده لقانون طال والتراجع عن هذا الدعم بعد ان انتخب رئيس حكومة. من يذكر وعوده، التي لم تنفذ، لجنود الاحتياط.
من يذكر اساس كل الوعود بشأن قدرته علي جلب السلام والامن. لقد نسينا كل شيء. نسينا دوره في حرب لبنان، دوره في رسم خارطة المستوطنات التي اعدت قصدا من أجل استحالة التوصل الي تسوية سلمية مرتبطة بتنازلات اقليمية. حتي تصريحه الغريب قبل عدة ايام والذي جاء فيه ان اسرائيل وجدت الرد علي العنف كدنا ننساه. شارون هو ملك اسرائيل ورغم ان الملك عار لم نجد حتي طفلا واحدا يشير الي هذه الحقيقة.
اذن ماذا يحصل هنا؟ هل حقا الهدوء العام الذي يكتنف ادارته السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية ينبع من الاعجاب بهذا الرجل وسياسته والاصح اللا ـ سياسية؟ ليس مؤكدا.
هذا الهدوء هو صمت اليائسين اكثر منه موافقة. ثمة الكثير جدا من الاسرائيليين فقدوا الامل بتحسن الامور. ان الطاقة التي ميزت الشعب الاسرائيلي حتي قبل نصف عام تبددت كأنها لم تكن. لا توجد قوة، لا يخرجون الي الشوارع، لا يصرخون، حتي لا يتوقعون تعبيرا ما. والقوة القليلة التي بقيت توجه نحو حماية العائلة، الاطفال الحياة. يحاولون تركيز وحشر المخاوف ويهربون الي أبعد مكان ممكن.
يستطيع شارون ومقربوه الادعاء حتى يوم غد ان الوقت يعمل لصالحنا وأننا نعرف إلى اين نسير. الجمهور، بشكل عام، لا يقبل هذا الادعاء. ولكن ولما لم يكن له بضاعة بديلة في الافق، فانه يوافق علي مصيره ويصمت وينطوي داخل نفسه. اذا كان هذا ما تريده قيادة الدولة الراهنة، فقد حققت مرادها. ولكن يجب ان لا يتحدثوا عن مناعة الشعب، هذه ليست مناعة، انها يأس.
للوهلة الاولي هذا وضع مريح للقيادة. انها تستطيع فعل ما تشاء. وهي تفعل ايضا. ان البلادة مثل تلك التي تجلت في قرار زيادة اعضاء الحكومة الـ 28 وزيرا، تميز السلطة الواثقة من نفسها كثيرا. ولكن الاختبار ليس بذلك. الاختبار هو الاستعداد للتجند لصراع أصعب، اذا حان الوقت ونأمل ان لا يحين.
لو كان شارون ومقربوه يقرؤون ويسمعون المزاج العام السائد وسط جنود الاحتياط مثلا لكانوا يفهمون ان الهدوء اليوم هو المؤشر الذي ينذر بالسوء. لو كانوا يُصغون الي العاطلين عن العمل او الي رجال اعمال صغار وكبار يقاتلون من اجل لقمة الخبز لكانوا يعرفون انه من اجل الانتصار في الحرب، وليس في المعركة، عليهم ان ينفثوا الامل بالشعب. لقد اعلن ربع الجمهور الاسرائيلي انهم يفكر بمغادرة البلاد. هذا المعطي ايضا ورد في الاستطلاع.
يائيل باز ميلماد
(معاريف) ـ 23/8/2001