&
أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة دراسة جديدة تحت عنوان المسنون في دولة الإمارات العربية المتحدة تناولت مجال رعاية المسنين في دولة الإمارات لما لهذه القضية من أبعاد اجتماعية وأخلاقية وانسانية تنعكس في مجملها على واقع المجتمع الإماراتي الذي أولى هذا المجال اهتماما
كبيرا وسخر الامكانيات المادية والبشرية لتلبية احتياجات هذه الفئة المهمة من فئات المجتمع·
ويؤكد مركز زايد للتنسيق والمتابعة في هذه الدراسة أنه انطلاقا من البعد المجتمعي والديني لقضية المسنين فقد سعى إلى اعداد هذه الدراسة والتي القى من خلالها الضوء على بعض جوانب قضية المسنين من خلال التعريف بمفهوم المسنين وأهمية رعايتهم ومشكلاتهم وواقع قضية المسنين في الإسلام والمواثيق الدولية إلى جانب القوانين الوضعية في دولة الإمارات والتعريف ببعض أشكال الرعاية المقدمة لهذه الفئة في المجالات كافة·
وتوضح الدراسة مفهوم الشيخوخة من الناحية البيولوجية التي تعتبر آخر مرحلة من مراحل النمو للانسان وأكدت أن أهمية رعاية المسنين تعد ضرورة تفرضها طبيعة العصر الحديث الذي يتميز بارتقاء متوسط الاعمار نتيجة التقدم الصحي مما أدى إلى تميز هذا القرن بظاهرة تزايد فئة المسنين بين سكان المجتمعات حيث أصبح قطاع المسنين يمثل قطاعا مهما في المجتمعات المدنية والانتقالية كمجتمعات الخليج العربي·
وتتطرق الدراسة بالبحث والتحليل الى مشكلات المسنين وأسبابها من النواحي الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية مشيرة إلى أن المشاكل الصحية للمسنين ترتبط بالضعف الصحي العام والضعف الجسمي وضعف الحواس وأن الحالة الصحية لكبار السن تتوقف على العديد من العوامل الاجتماعية والوراثية والمهنية والغذائية ·
وتشير ايضا إلى أن المشكلات النفسية ترتبط بمشكلات عدم التكيف مع الوضع الجديد للمسنين وتتضح الآثار النفسية والاخلاقية في ظل زيادة وقت الفراغ في مرحلة الشيخوخة والشعور الذاتي بعدم القيمة وعدم الجدوى في الحياة وكذلك الشعور بالعزلة والوحدة النفسية ·
وتتناول الدراسة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للمسنين وتنبه على أن نسبة المسنين الذين يتقدمون بطلب المساعدات الاقتصادية في تزايد مستمر بسبب معاناة المسن من نقص الموارد المالية نتيجة التقاعد الاجباري وتقول أن ما يزيد من حدة المشكلات الاجتماعية شعور المسن بالوحدة والعزلة عن حياة المجتمع بدءا من الشعور بحياة الحرمان من العلاقات العائلية التي كانت تؤلف جزءا كبيرا من نشاط المسن واهتماماته اليومية ·
وتشرح الدراسة الاحتياجات النفسية والاجتماعية للمسنين حيث أن الحاجات النفسية هي التي يحتاجها الفرد ليعيش في أمان مع نفسه والآخرين متحررا من كل الضغوط النفسية وأن الحاجات الاجتماعية هي التي يحتاجها الفرد ليكون علاقات اجتماعية سوية مع الأفراد ليعيش متوافقا مع المجتمع بقيمه ونظمه ومؤسساته ·
وتؤكد الدراسة أن الدين الإسلامي الحنيف قد حمى الاسرة والمجتمع العربي والإسلامي وأن المبادىء السامية التي جاء بها الإسلام ومن نظرته الانسانية انطلقت من نظم الرعاية الاجتماعية وتطورت في معناها ونظمها وبرامجها وفلسفتها بحيث تغطي حاجات الانسان في حالات الشيخوخة والعجز والمرض من الرجال والنساء تحقيقا لكرامة الانسان المسن وتحقيقا لشروط الكفاية المعيشية للمسنين طبقا لميزان العدالة والانصاف·
ولم تغفل الدراسة اهتمام المواثيق الدولية بكبار السن وأوضحت المبادىءالعامة التي نادت بها خطة عمل (فيينا) الدولية للشيخوخة والتي أكدت أن هدف التنمية هو تحسين رفاه السكان جميعا وأشراكهم فيها وهي أساس التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها بما يكفل ويعزز كرامة الانسان ويضمن الانصاف بين الفئات العمرية المختلفة في تقاسم موارد المجتمع وحقوقه ومسؤولياته بحسب قدرات الأفراد وأن يقدم لهم ما يحتاجون وكذلك اصدار الأمم المتحدة العديد من الوثائق التي تسعى إلى تقديم المبادىء وتحديد الأهداف والسياسات الكفيلة برعاية المسنين·
وفي تناولها لقضية رعاية المسنين في دولة الإمارات العربية المتحدة تقول الدراسة أنه انطلاقا من النظرة الانسانية إلى كبار السن فقد أطلقت الدولة قانون الرعاية الاجتماعية للمسنين بهدف توفير الحياة الاسرية الكريمة لهم بحيث يحس المسن بالسعادة والاطمئنان بين أبنائه وأهله مشيرة إلى ان المادة (15) من دستور دولة الإمارات تنص على أن الاسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والاخلاق وحب الوطن ويكفل القانون كيانها ويصونها ويحميها من الانحراف كما نصت المادة (16 ) على أن يشمل المجتمع رعاية الطفولة والأمومة ويحمي القصر وغيرهم من الاشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم لسبب من الاسباب كالمرض أو العجز أو الشيخوخة أو البطالة الاجبارية · وتضيف الدراسة أن رعاية المسنين في دولة الإمارات لم تكن مهمة تختص بها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والمؤسسات التابعة لها فحسب بل أن هذه المهمة تدخل ضمن اهتمام العديد من الجهات الاخرى وخاصة وزارة الصحة والجمعيات ذات النفع العام والجمعيات النسائية في الدولة وأوضحت بالجداول والأرقام ملامح الوضع الديموغرافي للمسنين في دولة الإمارات وتوزيعهم في الدولة حسب فئات العمر والنوع وموقع المسنين في قوة العمل في كل إمارة ·
وتشير بهذا الصدد إلى أن نسبة المسنين ستشهد تصاعدا ملحوظا في الأعوام القادمة حيث سترتفع نسبتهم بين السكان المواطنين إلى 2ر16 في المئة في العام 2010 والى 4ر19 في المئة العام 2025 حسب تقديرات الامم المتحدة وقالت أن تحسن الظروف الصحية المعيشية وظروف العمل أدى إلى زيادة نسبة معدلات البقاء على الحياة لكبار السن حتى أصبح متوسط العمر الإماراتي من أعلى المعدلات في العالم إذ بلغ 74,4 سنة في عام 1995 وأن هذا المعدل يتجاوز متوسط العمر في بعض البلدان الصناعية بموجب تقرير الامم المتحدة عن التنمية البشرية لعام 1998 ·
وتتناول الدراسة كذلك الجهود والبرامج والخدمات التي تقدمها دولة الإمارات لرعاية المسنين في مجال الرعاية الاجتماعية والاسرية والمؤسسية حيث اهتمت دولة الإمارات بتوفير الخدمة المؤسسية الحكومية أو شبه الحكومية لرعاية المسنين وتوفير كافة الخدمات التي تلبي احتياجاتهم ·
وتوضح الدراسة بالجداول والارقام الطاقة الاستيعابية لمؤسسات رعاية المسنين بدولة الإمارات وعلى رأسها دار رعاية المسنين باعتبارها مؤسسة اجتماعية لرعاية كبار السن والترفيه عنهم وشغل أوقات فراغهم وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم وهم في أسرهم الطبيعية لاشعارهم بالراحة والطمأنينة والامان في مرحلة الشيخوخة· كما تشير إلى اهتمام دولة الإمارات بالضمان الاجتماعي للمسنين باصدارها القانون الاتحادي رقم ( 6 ) لسنة 1977 الخاص بالضمان الاجتماعي الذي نص في مادته الثالثة على أن يستحق المسنون الذين جاوز سنهم الستين عاما اعانة اجتماعية ووثقت بالأرقام تطور توزيع الاعانات حسب المبالغ التي تحصل عليها كل فئة ·
وتشدد الدراسة على أهمية دور المدرسة في احترام وتقدير ورعاية المسنين في المجتمع وتقول أن التربية بعملياتها وأهدافها ومؤسساتها المختلفة لها دور بارز في الاهتمام بالمسنين وطرق رعايتهم وتحقيق كافة متطلباتهم وأن التسليم بأهمية موضوع الشيخوخة كحقيقة يوجب على التربية العمل على تهيئة دورها واعادة تخطيطها وصياغتها لتكون أكثر ارتباطا بواقع حياة المسنين ومشكلاتهم ومتطلباتهم ·
وتوصي دراسة مركز زايد للتنسيق والمتابعة ضرورة وضع استراتيجية لرعاية المسنين يراعى فيها البعد المستقبلي في التخطيط والتطوير وتلتزم خلالها بالاهتمام بتربية النشء على احترام كبار السن وحسن معاملتهم والتأكيد على دور الأسرة في رعاية كبار السن والعمل على تشجيع الاستفادة منهم وتوفير الخدمات المعاونة لهم عند الكبر وأعطائهم فرصا للعمل في أي مجال لهم القدرة على القيام به · وتوصي بضرورة اهتمام وسائل الإعلام وخاصة المسموعة والمرئية بتقديم برامج تهدف إلى التوعية بمشاكل وهموم المسنين وكيفية توفير متطلباتهم(الاتحاد الإماراتية) ·
&