ايلاف - طارق السعدي: منعت حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان استخدام الأفغان والأجانب للإنترنت، وكان الاستثناء الوحيد لهذا الحظر من نصيب مكتب الحكومة الذي يشرف عليه شخص موثوق به طبقا لمرسوم جديد.
وبالنسبة للأقسام الأخرى فسيكون عليها الحصول على تصريح خاص لاستخدام الإنترنت من مقر طالبان في مدينة قاندهار الجنوبية حيث اقمة اغلب زعماء الفصائل الاسلامية المقاتلة. وحذر المرسوم الجديد من عقاب المخالفين بحسب أحكام الشريعة الإسلامية.
وحتى الآن لم تعط طالبان أي سبب وراء الحظر الذي ستتولى تنفيذه وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ماعدا لوافترضنا وانطلاقا من السلوك الطالباني المعهود "انعدام الحشمة" على الشبكة والانفلاتات المفترضة أثناء استخدام الشبكة فيما قد يضر بمشاعر المسلمين أو يعلن عن "شيء" معادي للشريعة الاسلامية.

&
حظر الانترنت: خنق شبه كامل لحرية التعبير
ويقول المراقبون إن طالبان ربما تشعر أن استخدام الإنترنت سيفضي حتما إلى ارتكاب بعض المخالفات الأخرى مثل نشر صور الكائنات الحية المحظورة، وقد يكون السبب هو أن الإنترنت تفتح مجال الغواية أمام المؤمنين خاصة أنها تتيح المجال لمواقع إباحية، ويضيف المراقبون أن الحركة تخشى شأنها في ذلك شأن الأنظمة غير المنتخبة من احتكاك مواطنيها بالعالم الخارجي.
وتبقى الهيئة الحكومية وحدها المالكة لممارسة السلطة التقديرية على من تمنحه حقا استثنائيا في تصفح شبكة الانترنت أو تمنعه من ذلك.
ويعتبر المراقبون حظر الإنترنت في أفغانستان خطوة أخرى في سلسلة الحظر التي فرضتها حركة طالبان على التليفزيون والموسيقى والسينما واللغة الانجليزية وحلق الرجال لذقونهم ونقاب المراة وتعلم المعلوميات والصور المجسدة للكائنات الحية والباس غير المسلمين بلباس خاص...
ومن الجدير بالذكر هنا أن لدى طالبان ومؤيديها موقعهم الخاص على الإنترنت ولكن وجود هذا الموقع جزء من العلاقات العامة الموجهة إلى الخارج، كما أن المسؤولين يتصفحون الإنترنت من أجل متابعة ما يقوله الصحفيون عن الحركة.


الانترنت بافغانستان: شبح
وبالرغم من احتفالية هذا القرار المانع لاستخدام الويب بافغانستان فانه لن يؤثر على الوضعية العامة للانترنت بالبلاد التي انهكتها الحرب الدامية طيلة أكثر من 20 سنة وببنيتها التلفونية المخربة بشكل شبه تام.
اضافة الى أن معظم الأفغان لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت لأسباب اقتصادية، وليس لدى معظم السكان كهرباء أو خطوط تلفون أوأجهزة كمبيوتر، وليس في أفغانستان برمتها سوى بعض الخطوط المحدودة العدد المتصلة بالعالم الخارجي، ونتيجة لما سبق لاتتوفر على أي مزود خدمة بالانترنت.
وعليه فان المواطنين ال22مليون من الأفغان ليس بامكانهم اصلا الارتباط بالشبكة.
هذه الامور معلومة جدا بالنسبة للجميع ولذلك استحقت استغرابا عالميا وصل لحد الضحك من قرار طالبان اضافة الى ان علاقة طالبان بالانترنت لم تكن بالطيبة منذ وصولهم لسدة الحكم عام 1996 اذ بادروا مباشرة الى منع جزئي له في محافظات عدة.
وقد سبق ان صرح وكيل احمد متوكل "وزير خارجية" طالبان لوكالتهم الاعلامية بباكستان "أننا نريد اقامة نظام نستطيع من خلاله مراقبة كل المحتويات السيئة وغير الاخلاقية والمعادية للاسلام".
كما ان هذا المنع الجديد لا يقوم سوى باضافة ضغط آخر على القلة القليلة من الأفغانينن المالكة لخطزط تلفونية والذين تمكنوا في وقت ما من الارتباط بالشبكة عبر مزودي الخدمة الباكستانيين.
ومن بين هذه النخب الافغانية المرتبطة بالانترنت بعض الاصوات الافغانية المعارضة ومنظمات غير حكومية وصحف أجنبية لاترتبط بود دائم ومتصل مع حركة طالبان.
لكن في بلد لايتوفر على نظام بريدي كلاسيكي ولايحتفظ سوى بشبكة تلفونية بئيسة فان قرار المنع الذي شمل الانترنت كان قويا بالنسبة للمنظمات النشيطة داخل البلاد.

&
مقاومة الكترونية
حسب مصور فوتوغرافي ايطالي سبق له ان عايش الاحداث الافغانية من الداخل عام 2000 فان مسعود زعيم المعارضة المسلحة كان يملك عنوانا الكترونيا وكان يطلع على بريده الالكتروني من حين لآخر انطلاقا من هاتفه الخلوي.
ومن بين الفعاليات المعارضة لطالبان والنشيطة على الانترنت قبل قرار الحظر جمعية "رايا" (Revolutionary Association of the Women of Afghanistan) والتي اطلقت لها موقعا حركيا ونضاليا على الشبكة انطلاقا من باكستان مقر هجرتها.
وحسب احد المسؤولين عن موقع رايا قال " ان حركة طالبان مجرمة وستقوم بكل ما في وسعها لمنع استخدام الانترنت لأنهم يخافون لدرجة الموت من انكشاف صورتهم الحقيقية امام العالم بوصفهم تيوقراطيين اميين قتلة".
وبالفعل فان الانترنت اصبح يوما بعد يوم الفضاء المفضل لمئات الآلاف من اللاجئين الأفغان عبر العالم من اجل التعبير عن اوضاعهم.
وفي هذا الاطار مكنت منظمة نسائية غير حكومية متواجدة بكاليفورنيا (Afghan Womens Mission) موقع رايا من حملة تضامن لاقتناء الآليات المعلوميات اللازمة لمواصلة أنشطته في ظروف سليمة.

&
طالبان تتعرض للاختراق
الرسالة التي نشرها المخترق بموقع طالبان.كوم
على الرغم من عداء طالبان للانترنت فانهم يستغلونه كوسيلة للتبشير بافكارهم ونمادج حياتهم وذلك من خلال مواقع رسمية لهم.
وقد تعرض احدهم (taleban.com) مباشرة بعد قرار الحظر الى اختراق كامل من قبل هاكر يحمل اسم (RyDer) حيث وضع مكان الصفحة الرئيسية للموقع الجملة التالية:
"لماذا تمنعون الانترنت؟ ليس لدي اي عداء مع المسلمين لكن لن تكونوا بفعلتكم هذه سوى اغبياء".
وتشتهر هذه الطريقة بين الهاكرز تحت اسم "المسح" وهي طريقة سهلة للغاية لكن تمكنهم من تسريب بيانات ورسائل.
وبعد توصل (RyDer) بعشرات الرسائل المستنكرة من مسلمين بالولايات المتحدة اجابهم بالصفحة ذاتها بالنص التالي:
"ياجماعة البرابرة! ماذا تفعلون بالولايات المتحدة؟ تسمون انفسكم مجاهدين لكن تخفون مؤخراتكم ببلدان اخرى. حرروا أفغانستان اذن!".
كما يتوصل موقع رايا السابق الذكر هو الآخر بسلسلة من الرسائل الالكترونية المهددة، بل ان طالبان صممت موقعين على الشبكة لمهاجمة نساء جمعية (رايا) لكن سرعان ما تم سحبهما بعد سلسلة من الاستنكارات من جماعات معادية لطالبان عبر العالم.
لقد سبق أن أصدرت طالبان قرارا طريفا -بل ان كل قراراتها "مسلية"- امرت فيه بمنع النساء من استخدام احمر الشفاه ولم تفكر يوما ما في وقف سيل الدماء الأكثر احمرارا من الشفاه.
كما ان طالبان -على حد تعبير احد الزملاء- كان عليها عوضا من استضافة "بن لادن" أن تستضيف علماء في الكمبيوتر والصناعة والاقتصاد والزراعة.