بيروت -نسرين عز الدين : لم تكن تلك الفتاة تعلم أن عملية زرع العيون التي تتحضر للخضوع لها لن تعطيها النور فقط و إنما ستطل من خلالها على حياة ثانية بكل ما فيها من صور وأشكال .
ولم يأخذ الأمر أكثر من "فتحة عين" حتى انتقلت إلى معالم عالم مختلف تماما يجسد حياة لإنسان آخر أمتلك تلك العيون في يوم من الأيام .
عندها بدأ صراع بين حياة سابقة تختبئ في مكان ما في "العيون" و أخرى تستعد للانطلاق من خلالها .
.. ربما بالغ المخرج قليلا في معالجة موضوع& و هب الأعضاء و المضاعفات التي يتعرض لها المتلقون و ذلك عبر رؤية& خاصة أراد إبرازها& .&&
و ما لا يمكن إنكاره أن موضوع وهب الأعضاء لطالما شكل مادة دسمة للجدل حول جدواه و القيمةالأخلاقية& التي تحملها في طياتها ، و لكنها في الفترة الأخيرة تحولت و في معظم الدول إلى تجارة "جشعة" .
السوق السوداء
ظهرت في مصر مؤخرا سوق سوداء للتجارة بقرنيات العين ، و ذلك بسبب النقص الحاد
في هذه الأنسجة . و بدأ النقص يتفاقم بعد رفض الأطباء نزع قرنيات المرضى اثر حملة صحفية اتهمتهم بسرقة أعضاء الموتى . و في الوقت الذي ينتظر فيه حوالي ربع مليون مريض دورهم لإجراء عملية الزراعة ، يستمر بنكي العيون بالإغلاق .
و لدواعي أخلاقية و دينية بدأ معظم أقارب المتوفين إلى عدم الإقبال على التبرع بقرنيات أقاربهم .
الكلية ب 300 دولار
يمكن شراء الكلية في العراق ب 300 دولار في سوق خاصة لها ، و تعد تجارة الكلى من التجاراتالمربحة .& و إن كان البعض استغل حاجة العراقيين إلى المال بطريقة بشعة ، إلا أن بيع الكلىلا يقتصر عليهم فقط و إنما تطال قسما كبيرا من الفلسطينيين الذين يتبعون الأسلوب نفسهمن اجل الحصول على& مدخول إضافي .
و لا عجب إن الكثيرين من العرب يذهبون إلى العراق للعلاج بسبب انخفاض التكاليف و سهولة الحصول على العضو المطلوب على الرغم من شح الأدوية و المعدات الطبية .
إلا أن هذا الأمر لم يعد بالسهولة نفسها إذ أن الحكومة العراقية تتبع& إجراءات متشددة للحد من بيع الأعضاء .
خنازير للاستخدام البشري
.. بعد استنساخ النعجة " دولي " تسارعت وتيرة العمل " الاستنساخي "& بقصد الاستفادة منها لمنفعة الإنسان .
فالخنازير المستنسخة& يتم تحضيرها لتلبية الطلبات المتوقعة على أعضائها إذا تم إقرار استخدامها في عمليات زراعة الأعضاء للإنسان .& من المرجح أن يكون هذا هو الحل ، على المدى القصير ، للمشكلة العالمية المتمثلة في نقص الأعضاء البشرية اللازمة لزراعتها في أجسام المرضى الذين يحتاجون إليها .
و يرجع سبب تفضيل استخدام أعضاء الخنزير في عمليات الزراعة المستقبلية إلى كبر رحمها و تماثل حجم أعضائها مع أعضاء الإنسان .
يملك .. لا يملك الحق
في وقت لا يملك الإنسان أدنى سيطرة على " روحه " يستمر بسيطرته على جسده ، إلا أن حقه أو عدمه بالتصرف به لا تزال موضع نقاش . في وقت تعتبر بعض الفئات& أن التسليم جدلا بحق الإنسان بالتصرف بها تمنحه الملكية المطلقة على أعضائه و بالتالي إلحاق الأذى و التشوه بالجسم . في المقابل يشكل مصدر الأعضاء ، بالنسبة لمن يدعم عملية الوهب ، أمرا بالغ الأهمية . (إنسان متوف أو حي ) .
على الرغم من أن الدراسات تشير إلى أن معظم الأعضاء التي يتم زراعتها تأتي من المتوفين ، لكنها مختلفة تماما في العالم الإسلامي . إذ يتم الاعتماد على الأحياء ،& و في بعض الأحيان على استيرادها من الخارج .
على سبيل المثال قامت الكويت باستيراد 226 كلية ،عقب افتتاح مركز لزرع الأعضاء ، 168 منها من أحياء مقابل 58 من الأموات .
وللزرع حسنات
بعيدا عن المناقشات حول& أخلاقية& وهب الأعضاء أو عدمها ، يبقى أمر واحد ثابت و هو أن عضو " إضافي "& في جسم يمكنه الاستغناء عنه ، قادر على إعطاء الأمل بحياة افضل لمن فقده .
بخاصة و أن الدراسات كشفت مؤخرا أن معدل حياة الأشخاص الذين يعيشون بكلى زرعت في أجسادهم بعد نقلها من آخرين قد تضاعف خلال العقد الماضي .
إذ تبين إن معدل "نصف الحياة " بالنسبة للذين نقلت لهم في الفترة ما بين 88 و 96 ارتفع من 13 إلى 22 عاما .
و انتقل معدل احتمال& حياة الأشخاص الحاملين لأعضاء مستخرجة من جثث الموتى من 8 إلى 14 عاما .
و يتم العمل حاليا على أدوية تساعد الجسم على تقبل الأعضاء الجديدة ،& إضافة إلى تطوير تقنيات جديدة لا تعتمد على استخدام العقاقير التي تترك في معظم الأحيان آثار جانبية .
و أجريت مؤخرا أول عملية& ناجحة لزرع الكبد و نخاع العظم لشاب ايرلندي يبلغ الثامنة عشر من عمره .
فبعد فقدان الأمل بنجاته و بدء العد العكسي باتجاه موت محتم استطاعت عملية الزراعة أن تعيد أملا لإنسان قد أن يفقده باكرا جدا و قبل أوانه ..

&