&
مقديشو- بعد عام على تسلم رئيس الحكومة الانتقالية عبدي قاسم صلاد حسن السلطة في مقديشو لا تزال الصومال غارقة اكثر من اي وقت مضى في العنف والفوضى اللذين امتدا الى مقاطعتي الشمال، بونتلاند وجمهورية ارض الصومال بعدما كانتا بمنأى عن الاضطرابات نسبيا حتى الان. وقد عين رئيس السلطة الانتقالية عام 2000 اثر مؤتمر المصالحة الذي نظم في جيبوتي ودعمته المجموعة الدولية الراغبة في وضع حد لعقد من الفوضى في هذا البلد، لكنه لم يتمكن من فرض نفسه في مواجهة مختلف زعماء الفصائل الذين يتقاسمون السلطة في البلاد.
طفلة صومالية من جيل الحرب

والخميس الماضي دشن رئيس الوزراء علي خليف القلايدة في القسم الشمالي من مقديشو مقر الحكومة الوطنية الانتقالية التي كان يجتمع اعضاؤها في فنادق حتى الان.
لكن هناك مناطق كبرى من العاصمة والقسم الاكبر من الاراضي الوطنية لا تزال خارجة عن سلطة الحكومة الانتقالية والشرطة التابعة لها.
وفي وسط وجنوب البلاد انضمت بعض الميليشيات الى السلطات الجديدة من خلال تقديم "دعم لوجستي" لكن هذه التحالفات بقيت هشة وبدون اي تاثير فعلي على مساعي احلال سلام دائم كما يعتبر الخبراء.
والرئيس صلاد الذي وصل منتصرا الى مقديشو في 30 اب/اغسطس 2000 بعد عشرة اعوام على سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري وضع نفسه في مواجهة اتحاد لابرز زعماء الفصائل الصومالية التي تتحارب من اجل السيطرة على الاراضي والموارد.
فقد اطلق قادة الحرب هؤلاء والمسؤولين الاقليميين جبهة موحدة في اذار/مارس في اديس ابابا تتمثل بالمجلس الصومالي للمصالحة والاصلاح الذي يدعو الى تشكيل حكومة مصالحة فعلية ولا يعتبر الحكومة الوطنية الانتقالية الا كفصيل بين الفصائل الاخرى.
وقد اوقعت المعارك بين الميليشيات المتحالفة مع الحكومة الوطنية الانتقالية ومناصري المجلس الصومالي للمصالحة والاصلاح اكثر من 200 قتيل والاف النازحين في تموز/يوليو الماضي في جنوب البلاد.
وفي مقديشو نفسها فان عودة المغتربين التي اعتبرت بمثابة دليل على "تطبيع" الوضع تلقت ضربة مع خطف بريطانيين اثنين تابعين للامم المتحدة في اذار/مارس الماضي خلال هجوم على مكاتب منظمة "اطباء بلا حدود" الانسانية.
كما ان رجال الاعمال في العاصمة الذين يعتبرون عموما من مناصري الحكومة الوطنية الانتقالية لم يتخلوا هم ايضا عن ميليشياتهم المجهزة بالاسلحة الثقيلة لتامين حمايتهم.
وبعد ان كانت الاضطرابات محصورة لفترة طويلة في جنوب ووسط البلاد فقد امتدت لتطاول الكيانين المستقلين في الشمال المعلنين من جانب واحد: جمهورية ارض الصومال (شمال غرب) وبونتلاند (شمال شرق) واللذين لا يعترف قادتهما بالحكومة الوطنية الانتقالية.
لكن عددا من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الوطنية الانتقالية يتحدرون من هاتين المقاطعتين ويرغبون في ان تتولى فيها السلطة ادارات مؤيدة للسلطة الجديدة في مقديشو.
فوزير الخارجية الصومالي اسماعيل محمود هورة بوبا هو منافس لرئيس "جمهورية ارض الصومال" محمد ابراهيم ايغال. اما وزير المياه والموارد المعدنية حسن ابشير فرح فكان يتولى من جهته حقيبة الداخلية في بونتلاند قبل ان ينشق عن الرئيس عبد الاله يوسف احمد. اما رئيس الوزراء في الحكومة الوطنية الانتقالية القلايدة فهو يتحدر من "جمهورية ارض الصومال".
وفي موازاة هذه الدعوات من اجل تغيير قيادات هاتين المقاطعتين في الشمال فان الصراعات الداخلية على السلطة ظهرت فيها جليا منذ شهر.
ففي "جمهورية ارض الصومال" المقاطعة الصومالية التي كانت خاضعة للسلطة البريطانية سابقا واعلنت استقلالها من جانب واحد في 1991 يواجه ابراهيم ايغال معارضة من زعماء قبائل تقليديين. وادى اعتقالهم منذ مطلع الاسبوع الى تنظيم تظاهرة تطالب بالافراج عنهم ثم الى تظاهرة مضادة تطالب بادانتهم.
وفي بونتلاند التي انفصلت عام 1998 عن بقية اراضي الصومال يواجه الرئيس عبد الله يوسف احتجاجا على سلطته من قبل الرئيس السابق للمحكمة العليا يوسف نجار نور الذي اقيل في حزيران/يونيو.
ويعتبر رئيس الوزراء الصومالي ان هذه الانتفاضات تظهر ان سكان هاتين المقاطعتين يعارضون "الديكتاتورية ويؤيدون انبثاق صومال موحدة". (أ ف ب)