&
القاهرة - قدم مسرحيون مجريون رؤية جديدة لرائعة شكسبير "روميو وجولييت" تميزت بجماليتها التجريبية البصرية والصوتية وتناغم عناصر العمل مجتمعة، وذلك في حفل افتتاح الدورة 13 لمهرجان القاهرة التجريبي مساء امس السبت في المسرح الكبير في دار الاوبرا المصرية.
وعرضت فرقة "مسرح اتلانتس" المجرية مسرحية "روميو وجولييت" برؤية جديدة للمخرج آدم هورغاس حول خلالها ارضية المسرح الخشبية الى ارضية من قماش شبه دائرية مشدودة من اطرافها بزوايا منحنية ترتفع تدريجيا باتجاه خلفية المسرح.
وبقي العدد الاساسي من الممثلين المشاركين في العرض تحت قطعة القماش لتحريكها من الاسفل وتشكيلها بصور مختلفة من خلال رفعها باجسادهم وايديهم.
وتحولت الارضية القماشية من خلال حركة الممثلين والضوء الى بحر ونهر وبيت للعنكبوت وسياج وشرفة تطل منها جولييت على روميو اضافة الى جبال ومقاعد واشجار وجماجم تصعد من عتمة المقابر وحصان جامح واماكن مخيفة.
وتناغمت قطعة القماش في كل حركاتها مع مكونات العرض لتقدم دورا بطوليا في العرض المسرحي لممثلين مجهولين بشكل اختصر ادوارهم.
ورغم عدم فهم الجمهور للغة العرض المجري، فان الموسيقى التي استخدمت اضافة الى حركة الاضاءة والوانها المتعددة وحركات الممثلين التي جسدت الاحداث الرئيسية للمسرحية استطاعت نقل الخط الدرامي الى الانسان العادي، خصوصا وان "روميو وجولييت" باتت جزءا من التراث الانساني.
ويتميز التجريب في هذا العرض باختصار عناصر الديكور الكلاسيكية من خلال قطعة القماش والاستعاضة عن بعض الشخصيات والعناصر الفاعلة في المسرحية فضلا عن طريقة سقوط الضوء والوانه المختلفة عليها.
وجاءت محاولة المخرج تقديم صورة بصرية لعلاقة الحب عبر رموز الطبيعة التي اعتمدت على التشكيل مستندة الى مجموعة من الدلالات التي تعتمد على ذاكرة المشاهد.
الا ان التاثير الصوتي لمن يجهل اللغة كان عاجزا لدى بعض الممثلين عن ملاحقة البنية البصرية فجاء صوت من ادى دور الكاهن باردا وخارجا عن النص الدرامي، الامر الذي ينطبق على الفتاة التي قامت بدور جولييت حيث لم توفق بالاستفادة من صوتها رغم انها راقصة جيدة تميزت باندفاع جسدها في فضاء التشكيل المسرحي.
لكن صوتيات الموسيقى المرافقة للعمل كانت مثيرة ومتميزة كونها نبهت المشاهد الى ابرز نقاط الذروة، وخصوصا الموسيقى الدينية الكنسية التي صورت الصراع بين الخير والشر بين الفضيلة والانحلال.
وبنى المخرج عمله على اساس التطهير الروحي للمشاهد والتذكير بالكنيسة كرمز للفضيلة مستخدما الموسيقى الحديثة في ذروة الصراع تعبيرا عن الشر من خلال حركات الممثلين بالرقصات المعبرة التي اثرت على مجمل مسار العمل، وبشكل اساسي في اطار الصراع النفسي والاجتماعي.
واكمل المخرج المؤثرات الصوتية التي عبرت عن الطهرانية او الشر في الوان الملابس التي تميزت بالابيض النقي بما له من دلالات اضافة الى تغير الالوان بسبب انعكاسات الاضاءة التي شاركت في بناء صورة وخط العرض المسرحي الدرامي.
وارتدت احدى الممثلات ثيابا حمراء وقناعا احمر اللون لتذكير المشاهد بالهة الموت في الاساطير القديمة كرمز للشر المميت مما يوحي بان هذه الاستخدامات للون لم تكن بريئة بقدر ما هي اسقاط سياسي يعلي من شأن العودة للكنيسة كرمز للطهرانية وادانة الشيوعية التي حكمت المجر زهاء نصف قرن.
وتضمن القسم الاول من حفل الافتتاح تقديم عرض راقص لبعض الشخصيات المسرحية العالمية (مثل اوديب وايزيس..) وتعريف الحضور باعضاء لجنة الاختيار الدولية للعروض المشاركة برئاسة الرئيسة الفخرية لمركز المسرح العالمي الاميركية مارثا كوانييه.
وتضم اللجنة الدولية للتحكيم برئاسة استاذ المسرح الاميركي فيليب ارنولت، ومن العرب، مديرة المسرح القومي المصري السابقة الفنانة سميحة ايوب والمخرجة المسرحية والسينمائية الجزائرية حميدة آيت الحاج.
يذكر ان 14 دولة عربية تشارك في الدورة الحالية للمهرجان وتتمثل في المسابقة الرسمية ب 18، من اصل 38 عرضا، خلال ايام الدورة التي تستمر حتى 11 ايلول/سبتمبر الحالي. (أ ف ب)