&
ايلاف - طارق السعدي: يحاول المسؤولون التونسيون وبشكل رسمي احكام نظم الرقابة على شبكة الانترنت. وبالرغم من التقنيات المتطورة لادراك هذا المسعى فان ضياء خافتة من الحريات بدات تشع من سماء الويب التونسي القاتمة تعرض الرقابة لهزائم متتالية.
ففي تونس لا بد من ابراز لبطاقة الهوية للانخراط في خدمات&أحد نوادي&الانترنت. ويمنع&على المستخدم&نسخ أي نص مباشرة من الويب وحفظه على قرص او طبعه من دون طلب ترخيص بذلك. كذلك شاشات الكمبيوترات من الضرورة أن تكون متاحة للجميع حتى من خارج نوادي الانترنت.. واخيرا على النوادي تلك&ان تحمل شعارا حمرويا: رمز الحزب الحاكم.

الصورة جابت الانترنت وتمثل عملية اعتقال سرية
ولا يتردد التونسيون اليوم ولاسيما الشباب منهم في اللعب بالنار مع السلطة المتجهمة الوجه. اذ اصبح تبادل عناوين "البروكسي" ومحطات الايواء المتمركزة خارج البلاد اللعبة المفضلة اليهم لتضليل اعين الرقيب التونسي على الويب.
وعلى المستوى الرسمي جدا لاوجود للرقابة على الويب، اذ "لايخضع أي موقع تونسي للرقابة" و"ان المواقع التي لاتظهر بتونس فلأسباب تقنية
صرفة ولاعلاقة لذلك بالحريات العامة" كما تؤكد ذلك الوكالة الحكومية التونسية الخاصة بالانترنت والتي تمارس ابويتها على هذا القطاع الحساس.
ولو صدقنا الرواية الرسمية فان عشرات المواقع تعاني بشكل يومي ولمدة تصل الآن الى السنين من مشاكل تقنية صرفة. والغريب ان هذه المواقع بالذات لاتعاني أية مشاكل "تقنية" على الحدود المجاورة لتونس على سبيل المثال.
ومن الصدف الغريبة أن اصحاب هذه المواقع المغضوب عليهم معارضون تونسيون اومواقع تخص صحفا اجنبية تنتقد النظام التونسي بشكل مباشر او لمنظمات غير حكومية وحقوقية تزعج نظام الرئيس.
كما أصبح من المعلوم بتونس المعاناة التي تعيشها مواقع ايواء الصفحات الشخصية ومواقع البريد الالكتروني المجانية حيث توضع العراقيل أمامها حتى لاتقدم خدماتها بشكل مباشر للمستخدمين التونسيين للانترنت.
والسر في ذلك هو احتكار المشهد الانترنيتي التونسي من قبل مزودين للخدمة الموجهة للافراد هما: "بلانيت" المسيرة من قبل ابنة الرئيس بن علي نفسه و"غلوبال نيت" التي يديرها احد أقرباء الرئيس أيضا.
يقول احد الاساتذة التونسيين الخبير بواقع الويب التونسي لمصدر غربي "أن السلطات التونسية هيكلت اجهزة الرقابة قبل السماح بالانترنت في تونس"، فعلى حد قوله فان "مئات من الموظفين الحكوميين التابعين لاجهزة الاستعلامات العامة يتابعون بشكل يومي المراسلات الالكترونية لمواطنيهم ويترصدون مرادفاتها "الخطرة" الموضوعة قبلا في انظمة معلوماتية سوداء".
لذلك فان منظمة صحافيين بلاحدود تضع النظام التونسي ضمن لائحة "أعداء الانترنت" بعد الصين وافغانستان.
فتونس تبدو يتيمة من الداخل على المستوى الاعلامي اذالصحف المتناثرة على الاكشاك هي من قبل المسموح به فقط، والتلفزة الحكومية تكاد تصير ذات موضوع وحيد معلوم..
وحده الانترنت اذن - رفقة محطة فضائية - فبالرغم من خضوعه منذ 1997 لقانون الصحافة الرهيب يمارس الشغب على النظام التونسي.
ولأن هذا الاخير لايستطيع املاء اوامره على القنوات والمواقع الاجنبية فانه يتحرش من غير خجل بمواطنيه الذين ينتقدون النظام على الويب.
تقول الصحفية الالكترونية الشهيرة سهام بن سدرين" بفضل الانترنت أصبحت لدينا فرصة رائعة للتعبير عن انفسنا وهو مايعتبره النظام غير مقبول".
وسهام بن سدرين كما هو معلوم مناضلة تونسية لاتكل ولاتمل من الدفاع عن الاوضاع الحقوقية بالبلاد وقد التجات الى حرية الويب لاصدار صحيفتها المصادرة "كلمة" في دجنبر 2000، والتي تم التشويش عليها بعد أسبوع من صدورها على الويب التونسي.
نفس الامر يتعلق بمدير "قوس الكرامة" الصحيفة الشهرية التي اطلقت لها موقعا على الشبكة، حيث تعرض لمضايقات وتعنيف جسدي كادأن ينهي حتفه.
فتونس التي تقدم نفسها للعالم بوصفها دولة المتعة والبياض تعيش على ايقاع صمت رهيب للحريات العامة لاينفس من بؤسه سوى الويب العالمي.
فالانترنت وحده استطاع الصمود الى الآن امام هذه الوضعية من خلال اصدار وتبادل الاعلانات والمناشير الاخبارية بل وصور الاعتقالات السرية (انظر الصور المرفقة بالمقال).

طاكريز !
"طاكريز" كلمة باللهجة التونسية تعني قمة القلق والغضب من الوضع. وهي في الوقت نفسه تجربة شباب تونسيين للتحايل على الرقيب. فمن خلال موقعهم يتعرضون لطابوهات الاوضاع بتونس: الجنس والدين والرئيس بن علي.
وبعد نجاح الموقع الذي يعرف حجيج اكثر من& 2000 زائر يوميا واجراء العديدمن الحوارات مع الصحافة العالمية باسماء مستعارة، تعيش تجربة طاكريز اليوم أرق الرقابة وخوف الانتقام من اعضائها المتواجدين بداخل التراب التونسي.
ورغم هذا المنع الممنهج للموافع المناضلة من على الويب التونسي فان الشباب لايترددون ولو للحظات القاء نظرة خاطفة على موقع "طاكريز" على سبيل المثال.
&
التدخل لحماية الانترنت التونسي

وبعد، فان شبكة الإنترنت تمنح مستخدميها قدرات هائلة لممارسة حقهم في التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونشرها بغض النظر عن الحدود الدولية. ولذا، بات من اللازم توفير الحماية الكاملة للاتصالات المباشرة بتونس عن طريق الانترنت بموجب الضمانات الدولية التي تكفل الحق في حرية التعبير.
وقد أخذ استخدام الإنترنت ينتشر بسرعة في بلدان شمال أفريقيا بعد بداية بطيئة، حتى باتت جميع بلدان المنطقة، باستثناء ليبيا، تسمح لأبناء شعوبها بالدخول على شبكة الإنترنت عن طريق شركات محلية. وفي منطقة كهذه اتبعت الكثير من السلطات منهجاً حذراً في التعامل مع هذا الوسيط الرائع لتبادل المعلومات على نحو يتفادى رقابة الدولة.
وقد لجأت الحكومات المغاربية إلى طرق شتى لتقييد حرية تدفق المعلومات عبر الشبكة كاستعمال برنامج وسيط (Proxy Server) لاعتراض سبيل المعلومات من بين المصدر والمستقبل لغربلتها ومنع استقبال مواد معينة.
لكن تونس "تميزت" بسنها لأكثر القوانين المنظمة لاستخدام الإنترنت تفصيلاً في المنطقة، وقد أُعد في جانبه الأكبر على نحو يضمن ألا تفلت الاتصالات عبر الشبكة من القيود الصارمة التي تفرضها الحكومة على حق مواطنيها في ممارسة حرية النقد والتعبير عبر أجهزة الإعلام الأخرى.
وحسب العديد من المنظمات الحقوقية العالمية فان معظم البلدان التي لم تصدر قوانين خاصة بالإنترنت، كان للقيود المفروضة بحكم القانون أو الواقع على حرية القول والصحافة أثر هائل على المواد المتداولة عبر الشبكة، خاصة في المنتديات العامة مثل النشرات المفتوحة أو حجرات الدردشة.
وحسب منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" فان الحكومة التونسيه تنتهك سرية مراسلات مواطنيها عن طريق نظم مراقبة البريد الإلكتروني.
ومن حسن الحظ أن الانترنت أوجد بعض المفارقات الظاهرية حتى في تونس نفسها حيث أصبحت العديد من الصحف أو المقالات التي منعتها الرقابة تأخذ طريقها بسرعة إلى شبكة الإنترنت، وبات بوسع مستخدميها الاطلاع عليها وإرسالها إلى غيرهم دون أن تكون لذلك أي عواقب لكن بواسطة تقنيات تمت الاشاره اليها في بداية هذا المقال.
ان تونس الرسمية تعد العالم بتنظيم اوسكارات الويب وب3ملايين انترنوت تونسي عام 2004 (ثلث سكان البلد)، لكن كيف؟ وبأي شروط؟ بل عن أي "انترنت" يتحدثون؟...