&
القاهرة- ضحى خالد: ولدت أسمهان في الماء وتحديدا على متن إحدى السفن المتجهة إلى ميناء بيروت، وماتت في ماء ترعة المنصورة في دلتا مصر.. وبين الماء والماء جرت أحداث كثيرة وغامضة في حياتها.
الآن وبعد 57 عاماً على لغز رحيلها، تقوم أسرتها بإصلاح وترميم مقبرتها في مدافن البساتين بعد أن تعرضت المقبرة لحريق غامض إثر مشاجرة نشبت بين بعض الباعة في منطقة المقابر، وفجأة اشتعلت النيران في المقبرة، دون أن يعرف أحد من هو الفاعل، وما دوافعه.
ويتفق المؤرخون على أن السياسة هي التي قتلت اسمهان، والبعض لفق موتها بخبر مفاده ان غيرة ام كلثوم من نجاحاتها هي التي قتلتها، ودبرت لها محاولة الاغتيال، إلا أن الثابت ان أسمهان لعبت على تناقضات السياسة انذاك ولم تكن تعرف عواقب مثل هذه الأمور جيداً.
فمنذ بدايتها الاولى ظهرت اسمهان الاطرش بمظهر ساحر كأميرة من جبل الدروز في سورية. كان جمالها الارستقراطي الرفيع هو الذي دفع بأحد الجنرالات البريطانيين المرموقين لأن يكتب عنها فقال "كانت وستبقى دائما بالنسبة لي أجمل امرأة رأيتها في حياتي.. عيناها الواسعتان الخضراوان مثل لون بحر عليك ان تقطعه لكي تصل الى الفردوس".
النقاد والعارفون بشؤون تلك المرحلة، خاصة ما يتعلق بأسمهان يؤكدون أن شخصيتها الفريدة وجاذبيتها الأخاذة هما اللذان قادا كثيرا من الناس إلى الاعتقاد بأنها ولا شك تعمل جاسوسة لصالح الحلفاء وفي الوقت نفسه لصالح الأتراك، وفي الحقيقة ان الذي يشي بمثل هذا الاعتقاد هو طريقة حياتها الخاصة والغريبة ثم الاساطير التي كانت تدور حولها. الآن وبعد سبعة وخمسين عاما على موت اسمهان تأتي ببليوغرافية شريفة زهور لكي تفصل الاسطورة عن الواقع ولكي تعرض باعتبارها امرأة ايضا. كيف ان صورة المغنية وحياتها كانت محدودة بحاشية من الرجال المحيطين بها.
وفي أعقاب فشل ثورة الدروز في الاربعينيات في بلاد الشام جعل من عائلتها تهاجر الى القاهرة حيث حضرت مع والدتها الاميرة عالية المنذر وشقيقيها فؤاد وفريد الاطرش الى هناك.
إلتقاها الموسيقار داود حسني فأعجب بصوتها الساحر وآمن بموهبتها الغنائية وقرر ان تدخل المجال الفني، ورغم اعتراضات كل اهلها، ومحاولات منعها عن ذلك وقفت والدتها الى جانبها وبدأت الطريق الصعب مع شقيقها المبدع فريد
اسمها آمال ولكن داود حسين اسماها اسمهان، ووقع هذا الاسم كالبرق في اذهان الناس وانتشر انتشاراً لا يوصف، ولا يزال صداه الى يومنا هذا.
حاولت العائلة إبعادها عن الفن، فزوجوها من ابن عمها الأمير حسن الأطرش ولأسباب خاصة وقع بينهما الانفصال ومن ثم الطلاق العام 1939.
وفي العام نفسه 1939 غنت بالصوت فقط مع محمد عبد الوهاب وتحديدا في اوبريت "مجنون ليلى" الذي قدمه عبد الوهاب في فيلم "يوم سعيد" وللذكرى فقط نقول ان فاتن حمامة كان لها الظهور الاول في هذا الفيلم
أول افلامها كان "انتصار الشباب" العام 1941 وتقاضت عنه مبلغا اسطوريا انذاك وهو 1500 جنيه فقط
وآخر أفلامها "غرام وانتقام" وعرض لاول مرة بدار سينما استوديو مصر العام 1944 اي عام وفاتها وتقاضت عنه مبلغ 12 الف جنيه، وهذا المبلغ اكبر المبالغ انذاك واعتبر دربا من الجنون الإنتاجي ولا يصدق مع انه حقيقة، والملاحظ ان اسمهان وبسرعة سحرية أصبحت خلال عامين في مصاف كبار النجمات، إن لم تكن أفضلهن وأكثرهن شعبية.
اسمهان أحدثت تغييرا في الغناء العربي وجعلت من صوتها وجمال شكلها ملهمة الموسيقيين والملحنين والنقاد والكتاب!
ركبت السيارة وقيل حينئذ أنها تركت الاستديو بسبب مشاكل عائلية واتجهت مع صديقتها ماري قلادة إلى مدينة المنصورة، ولكن القدر كان أقوى، وسقطت السيارة في إحدى الترع بالقرب من مدينة المنصورة في 14 يوليو من العام 1944 ولا تزال إلى هذه اللحظة لغزا غامضاً.