&
بعد عامين على اعتلائه العرش، لا يزال الملك محمد السادس محافظا على صورته كملك عصري لبلد يعاني صعوبات اجتماعية واقتصادية. لكن الملك الشاب يحاول جاهدا مع رئيس وزرائه عبد الرحمن
التحديث مع المحافظة على التقاليد
&اليوسفي انتشال المغرب من المأزق عن طريق تطبيق اصلاحات جوهرية.
لا يحب الملك الشاب(38 عاما) ان يتحدث عن جردة حساب لعامين في السلطة. ويقول ان الامر سابق لاوانه وفيه الكثير من الادعاء. يضيف: انا الان في بداياتي. لقد اخترت بدقة طريقة عمل غير استعراضية تقوم على خيارات تحمل معها الاستمرارية. يتابع قائلا: انا لا استيقظ في الصباح واقول انني يجب ان اغير الامور حتى اصنع الحدث للجرائد. انها قمة الخفة والديماغوجية. مقاربتي للاوضاع هي اكثر واقعية وعمقا. انها لا تتفق بالضرورة مع طموحات وقحة بان يفرض البعض علينا مراقبين يتحولون الى مدعين يحاولون وضع الملك والمغرب في دائرة الابتزاز.
يقول الملك المغربي ان حكمه يرتكز على مصلحة المغاربة فقط بما يحقق اوسع قدر ممكن من الديمقراطية. ديمقراطية تقوم على التوازن الاجتماعي والواقعية والعدالة. وقد تجاوب الشعب المغربي مع هذه التوجهات وكذلك المجتمع الدولي. والتجاوب الاكبر كان من قبل رجال الاعمال حيث ان المغرب للمرة الاولى في تاريخه يتخطى عتبة ثلاثة مليار دولار من الاستثمارات الخارجية المباشرة. علما ان عتبة الاستثمار قبل عشر سنوات لم تتخطى الـ50 مليون دولار في العام.
ويرى العاهل المغربي ان المعركة تقوم على جبهتين: اجتماعية ضد الامية واقتصادية ضد الفقر. ويعتبر في الوقت ذاته ان التقاليد لا تتناقض ابدا مع عملية التحديث. يقول ان المهم هو ايجاد صيغة تتلاءم مع وضع المغرب حيث غالبية السكان تعيش في الريف وضرورة ان يحمل التحديث حلا لهم حيث هم لا ان يذهبوا الى المدينة بحثا عن حل. اننا نعمل على مواجهة موجة من الجفاف تضرب كافة القطاعات. وهناك تقدم في ايصال الكهرباء والمياه الى القرى.
سئل عن التحديد السياسي لنظام ليس هو ملكية مطلقة ولا برلماني، فاجاب: لا يجب مقارنة ما لا يمكن مقارنته. مثلا كيف يمكن تشبيه شخصيتي بشخصية ملك اسبانيا خوان كارلوس. ورغم محبتي وتقديري للملك الاسباني فان المغاربة لا يشبهون الا المغاربة. انهم يريدون ملكية قوية وديمقراطية. الملكية عندنا تتناسب مع نص دستوري يعود الى العام 1962. فالملك هنا لا يكتفي بالحكم بل هو يعمل مع الحكومة في اطار دستوري واضح يحدد مسؤوليات كل جهة. لا غموض ولا تعقيد في ذلك. ومنذ 13 قرنا من الملكية عملنا في هذا الاطار وفق ارادة الشعب المغربي.
يتابع: في العصر الحاضر حتى الملك لا يمكنه ان يعمل وحيدا. اضافة الى ان هذا الاسلوب لا يتناسب مع شخصيتي وفلسفتي. احب العمل ضمن مجموعة. انا محاط بمستشارين يسدون رأيهم بكل صراحة. لدي ثقة بهم وهم يثقون بي. ولكن هذا لا يعني اني آخذ برأي شخص واحد. ولدي ميل لاسأل اكبر عدد ممكن من الاشخاص حول موضوع معين حتى يكون قراري في محله.
وحول توزيع العمل مع رئيس الوزراء، يقول: لا ارتجال في الموضوع. انه يعمل عمله وانا ايضا. اننا نتبادل الحوار والنقاش والمعلومات حول المواضيع الداخلية والدبلوماسية. رئيس الوزراء اليوسفي اسهم كثيرا في حمل بعض الدول على تغيير موقفها في موضوع الصحراء الغربية. اننا نتيادل الادوار الاستراتيجية والتكتيكية ونشكل فريق عمل متضامن.
وحول انتخابات ايلول 2002 يعتبر المملك محمد السادس ان الانتخابات لن تكون امتحانا للتغيير ولا عقابا له. يقول: انه ليست المرة الاولى التي يذهب فيها المغاربة الى اقلام الاقتراع. والحدث يكتسب اهميته من ان الانتخابات المقبلة هي الاولى في عهدي. في الديقراطيات الحديثة تشكل الانتخابات مسارا طبيعيا. والمغرب من هذه الديمقراطيات وستكون الانتخابات شفافة وتعكس ارادة الناخبين واختيارهم الحر.
وحول ما يشاع عن غموض في الحكم داخل المغرب، قال الملك محمد السادس: المغاربة يعرفونني جيدا ويعرفون اطباعي وافكاري وكل شيء عني. بعض الصحف الصقت بي تهمة الغموض بهدف تجاري محض ولسبب انني قبل ان اتكلم اريد ان تكون معلوماتي مؤكدة. وهذا الموقف ربما ازعج من يحبون الضجيج الاعلامي. على كل حال انا لست مرشحا للفوز في سباق فني.
وحول قضية المعارض المغربي بن بركة قال الملك" انه لا يعرف "ما حدث" في القضية وانه مستعد "للمساهمة بكل ما قد يخدم الحقيقة".
اضاف "لا اعرف ما حدث (...) كما ان العناصر الاساسيين في قضية بن بركة غابوا جميعا". تابع قائلا "كان باستطاعتي ان اطرح السؤال على والدي لكنني لم افعل لانه لم يكلمني عن الامر بتاتا. وقد احترمت صمته".
&وراى العاهل المغربي ان "ذكرى بن بركة تم التعامل معها بشكل غير مقبول فقد امست بالنسبة الى الصحافة وبعض الافراد سلعة تجارية. وهذه اهانة الى عائلته". معتبرا ان "من الطبيعي ان تسعى زوجة بن بركة وابنه الى معرفة مكان رفاته (...) ولا يجوز ان اطلب من البشير بن بركة نسيان وطي صفحة الماضي. ولن افعل. ولكن ربما حان الوقت لمعالجة هذا الملف من منظار آخر". وختم قائلا "انا مستعد من جهتي للمساهمة بكل ما يخدم الحقيقة. ولكنني ايضا ساعارض كل محاولة لاسترجاع هذه القضية واستخدامها كاداة تجارية او عقائدية".
(اجرى المقابلة شارل لومبروتشيني من صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية)