هنا في "إيلاف" حمى الحريات الصحفية وميدان العمل الصحافي الجاد "وليتنافس المتنافسون" وصفت رئيس الوزراء الأردني المكلف معروف البخيت بأنه "أحد أذرع الحكم الملكي القوية" منذ لحظة تعيينه سفيرا للأردن في اسرائيل قبل عشر شهور لاتزيد ولاتنقص، وقد كانت شجاعة نادرة من الجنرال المحترف في ان يقبل ماجبن أمامه ساسة كثر احترفوا كل شئ النميمة والإشاعة والقول والباطل واغتيال الشخصيات، إلا شيئا واحدا عجزوا عنه وهو ان يكون شجاعا وفق ماتتطلبه مواصفات "القادة العظام" ومع ذلك وبوقاحة لاتخلو من النفاق والتملق كانوا يسوقون أنفسهم كمسؤولين آتين للبلاد والعباد.. والأردن الحر ظل منهم بريئا وسيظل.

تلك مقدمة أسوقها إليك سيدي الجنرال قبل ان تفاجأ في غضون أيام قليلة بصحفي في جريدة أردنية سيخرج علينا ليتحدث عن مشاورات لتعديل وزارتك!! وربما تغييرها!! وأجندة هذا الصحفي ستكون "معلومة" نالها أو سمعها اما في البرلمان أو في الصالون السياسي وقد صار بينهما بمنتهى الأسف كل التداخل والمصالح.. لماذا.. أنا لاأدري فتعال أقول لك كيف تدير بالك على حكومتك، الحكومة التي آمل ان تضع حملها بسلام خلال الساعات المقبلة.. وأصدقك القول بأن تكليفكم تشكيل الحكومة قد أثار ارتياحا من نوع غريب وغامض أخشى ان لاتحسن استثماره من خلال (طحشة) وزراء لالزوم لهم ان يكونوا وزراء في حكومة لن يقبل منها أي أعذار أو تبريرات وان كانت في محلها لأن الظروف والإمكانات وضيق ذات اليد هي قدر أردني لامفر منه.

أول شئ يجدر بك فعله ان تأمر بإلغاء تلقي التهاني في مقر رئاسة الحكومة وان تشكر الناس على مشاعرها.. وياليت كل المشاعر صادقة، لأن في ذلك ارهاق لصحة الرئيس والوزراء وكذلك تعطيل لمصالح الناس المعطلة منذ أكثر من شهرين حينما كان الوزراء في الحكومة السابقة لاهون بالحصول على أخبار ومعلومات رحيل حكومتهم ومصيرهم شخصيا.. لاتغضب مني وأنا لاأعرفك أبدا حتى الشهر الثاني من العام الحالي من خلال "غوغل" حينما بحثت عن صورة لك لإرفاقها بخبر عن تعيينك سفيرا في اسرائيل.. وياليتني وفقت فقد تطوع زميل مشكورا لتزويدي بصورة لك.. وهذا يفرحني لأنك تبدو زاهدا بالإعلام والبروباغندا الذي أضاع حكومات سابقة حاولت ان تصنع هالة حولها من خلال بضعة صحفجية كسبوا مالا حراما وخسروا شعبهم وضمائرهم.

سيدي الرئيس: ان رقبة حكومتك قد وضع مبكرا على مقصلة الذبح لسبب واحد وهو ان الصالونات السياسية تستشعر هيبة وقوة الحكومة المقبلة فستعمل سريعا لإسقاطها والتجريح بها بل واغتيالها عند أول منعطف على قاعدة " تعشى بحكومة البخيت قبل ماتتغدى علينا" نعم سيدي الجنرال يبدو الوضع قاتما.. وأصدقك القول انك لاتملك العصا السحرية للدفاع عن حكومتك إلا من خلال وجبة قرارات عسكرية..نعم عسكرية لإحداث هزة في النفوس والعقول.. قرارات تقول للناس ان الحق مستحق.. نعم نريد قرارات تحاصر صحافة اغتيال الناس بالباطل طمعا في رضى أصحاب أجندات.. ونريد قرارات تحاصر المساجد ومن فيها من شيوخ للذبح والتطرف.. رغم أنها قلة وذاك فضل من الله.

لاتجزع على مصير حكومتك ونظرة الناس لها لأنك من العسكر اللذين لهم حبا جما في قلوب الناس ومشاعرهم، فهم الأصدق في مشاعرهم وقربهم من الناس.. ماذا فعل الساسة اللذين جاؤا في تسع وثمانين حكومة.. والإقتصاديين والأكاديميين!! قل لي واذا لاتعرف أصدقك القول بأن خلاصك ونجاحك لايمكن ان يكون إلا برفض الولائم والتهاني في الصحف والإجتماع في الغرف المغلقة، لأن الخارجين منهها سيقولون للناس الإفك والإثم بما يجروح اطار صورة حكومتك في ذهن الرعية.. هل تعرف ماذا سيقولون للناس وللصحفجية : "قلت للرئيس" و"حذرت الرئيس" و" هدأت الرئيس" وربما "هزأت الرئيس" فيذهب صحفجي ليكتب عن ذلك اللقاء بين دولته والباشا منسوبا الى "شخصية كبيرة جدا" وفي آخر سطرين يتم تزريق معلومة بأن الشخصية الكبيرة قابلت الملك وسيكلفها قريبا تشكيل الحكومة.. هذا ماستسمعه بالضبط قريبا وقريبا جدا.. فارفش في بطونهم أرجوك ليسلم الأردن من فساد النخبة.

وعلى سيرة الفساد والإرهاب الذي تنوي حكومتك اصدار قوانين رادعة لهما فيكفي قانون واحد لأن الفساد الطريق الآمن الذي يسلكه الإرهاب.. فالصحيفة الأسبوعية التي تقول ان الوزير الفلاني فاسد لأنه كما يتضح لاحقا رفض اجراء مقابلة صحفية هي صحيفة ارهابية وناشرها فاسد.. نعم فاسد أقولها بالفم الملئان.. فالصحافة ليست محكمة للوزراء الفاسدين ان وجدوا لأنه لدينا قضاء استقرت تقاليده وترسخ عدله والصحيفة التي تتغذى على شروخات طفيفة في جسد الوحدة الوطنية فإنها صحيفة ارهابية وناشرها فاسد.. ألم أقل لك صديقي الجنرال والسياسي الحاذق أنك لاتحتاج أكثر من قانون واحد.. وكذلك المساجد التي فيها شيوخ وأئمة تبيح الدم العراقي تحت مسميات الجهاد والمقاومة هي مساجد فاسدة وكل مصل فيها لايضرب الإمام أو الشيخ علقة ساخنة من على منبره هو ارهابي وضلالي ومنافق وخطره على الأردن أشد وأقوى من خطر الزرقاوي على مملكتنا الغالية..انا لاقبل ولاأطيق دموعهم وشموعهم على شهداء الأردن، فيما يبيحون الدم العراقي الغالي في الوطن العراقي الذي ندعي له ولأهله بالسلم والسلام لأن عاصمتهم الراغدة قد حملت قبل قرون اسم السلام.

لكني في المقابل أريد لحكومتك ان تدرك بأن لدينا ملفات فساد مسكوت عنها وفساد كبير.. ولاينحصر معنى ودور الفساد في سرقة الملايين وتكديس الأصفار في البنوك وحسب وانما الواسطة كذلك التي تنخر مؤسساتنا وعلى رأسها مجلس النواب هي فساد مسكوت عنه أيضا.. اذهب يوم الجمعة المقبل ان استطعت وأظنك تستطيع الى مطعم شعبي للحمص والفول واسمع بأذنيك كيف ان الناس البسطاء وفقراء الوطن لازالوا يعشقون ثرى الأردن وملكيه وجباله وبواديه برغم كل مانالهم من أذى الحكومات والوزراء.. ومع آخر لقمة من المائدة في المطعم ستجد ان صاحبه يرفض ان تدفع ثمن ما أكلت ليس خوفا منك لأنه قد لايعرف انك رئيس للوزراء بل أنه سيظنك زائرا وغريبا عن الحي فيريد ان يقوم معك بواجب الضيافة.. ومادامه لايعرفك اسأله ماشئت فقد تستفيد منه أكثر من جيوش المستشارين اللذين يملؤون وزاراتنا دون أي عمل حقيقي.. أرجوك افعلها أيها الجنرال لمرة واحدة.

سيدي الجنرال ابطحهم وفي ذاك عدل وشفاء للنفوس.. لأن من يتراخى في بطحهم وتحمير العين لهم سيكتب عند الله والناس جبانا.. ولاأظنك ترضى أو تقبل من الناس المستبشرة بقدومك ان تكتبك كذلك.. مصلحة الأردن فوق كل اعتبار.. جهز لباس الفوتيك ودعهم وماسيقولون.. وابحث عن وزراء فدائيين في مرحلة أزعم وأعرف أنها صعبة وصعبة جدا. سألني أحد الزملاء هل ستكتب لحكومة البخيت برنامجها قلت له نعم لأنه برنامج الناس اللذين لم تصغ لهم أي حكومة.

أما عني دولة أبوسليمان الغالي فأنا صحفي أمارس عملا حياديا وسأهاجم حكومتك ان أخطأت أو قصرت أو تجاهلت أولويات ومصالح الناس.. ولاتدع مستشاريك يقولون لك كما قالوا لسلفك الطيب بأن "إيلاف" زودتها بالإنتقاد من خلال مراسلها في عمان ويحرضونك علي لأننا كل عام نسمع عن رئيس وزراء سابق بينما ولامرة سمعنا ان هناك صحفي سابق.
العمر المديد لكم.. ولحكومتكم أيضا.

عامر مخيمر الحنتولي
كاتب وإعلامي أردني
[email protected]