نعم، مضى عام 2005 بحلوه و مره و إن لم تنتهي ملفاته الساخنة عند حدود مما يعني أن العام الجديد مرشح لأن يكون عاماً حافلاً بالأحداث و التطورات التي سوف تنعكس على مستقبل العالم. و بقيت منطقة الشرق الأوسط بإستحقاق تاريخي مركز الأزمات الدولي من خلال الملفات الساخنة المطروحة على جدول أعمال المشروع الديمقراطي المتعثر، نظرأ للظروف الصعبة التي يعيشها العراق جراء غياب الإستقرار و الأمن في ربوعه بعد مرور أكثر من عامين على laquo; تحريرهraquo; من النظام السابق بعد أن اصبحت ساحة تصفية الحساب بين الولايات المتحدة الأمريكية و المجموعات الإرهابية بقيادة القاعدة فضلاً عن الصعوبات التي تعترض العملية السياسية الجارية فيه نتيجة تعارض الإرادات بين مكوناته و أطيافه المجتمعية من جهة و تدخل دول الجوار في شؤونه الداخلية من جهة أخرى. أما فيما يتعلق بالملف الأسخن هذه الأيام و المتعلق حصراً بالملف السوري ndash; اللبناني و إنشغال المجتمع الدولي بجريمة الإغتيال بحق رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري و رفاقه في 14 شباط 2005 و الكشف عن مرتكبيها من خلال اللجنة الدولية الخاصة فهي ما تزال تشغل الإهتمام الأكبر كون التحقيقات ما تزال مستمرة وتطوراتها و مستجداتها تكاد تكون يومية سواءاً من خلال الكشف عن أسماء جديدة ضالعة في الجريمة أو من خلال إعتلاء شخصيات جديدة لمسرح الأحداث كما حدث مع تصريحات السيد عبد الحليم خدام بساعات معدودة قبيل العام الجديد. كما أن الملف النووي الأيراني مرشح للمزيد من حالة المد و الجذر في العلاقة بين أوروبا و إيران بالتزامن مع الضغوطات الأمريكية التي تحث على عرض هذا الملف على مجلس الأمن بغية تدويل القضية دولياً و تالياً إتخاذ عقوبات ضد إيران. ولعل في سياق الإزمات تبقى العلاقة الفلسطينية ndash; الإسرائيلية و نتائج الإنتخابات الإسرائيلية القادمة في آذار و الإنتخابات الفلسطينية الى جانب مشكلة دارفور في السودان و التهديد على جانبي الحدود بين السودان و تشاد الى جانب دخول حركة الإخوان المسلمين الى البرلمان المصري كأكبر حركة معارضة فيه من القضايا التي ستترك آثارأ متفاوتة على مستقبل العام الجديد.
لهذا لا يجب الإستخفاف بالظروف و الأحوال التي تعيشها شعوب المنطقة نظرأً لخطورة و صعوبة أزماتها و مشكلاتها. و هنا لا بد من التفريق بين نوعين أو إتجاهين تحكم مصير الإنسانية و مستقبلها. الأول، تكمن في صراع المصالح و أدارتها على المستوى الدولي و خاصة بين الدول العظمى و الثاني، يتمثل في تحقيق التنمية البشرية على كافة الأصعد و خاصة في الشرق الأوسط بما يحقق تقدم في قضية الحريات السياسية و المدنية و بناء المؤسسات الديمقراطية الحقيقية و محاربة الفساد و تهريب الأموال و معالجة آفة الإرهاب.
و إذا أخذنا بعين الإعتبار أن طبيعة العلاقات الدولية تقوم على أساس المصالح المشتركة بين الدول و إن التعارض في هذه المصالح كانت في العديد من الأحيان سبباً للعديد من المآسي و الكوارث على شعوب العالم فإنه من الضروري على دول العالم الثالث أن تبحث لنفسها عن موقع في الخارطة الدولية و ذلك ليس كقاعدة لتصدير الآزمات و إنما كمشارك في عملية إدارة المصالح المشتركة لصالح شعوبها. فدول الشرق الأوسط تستطيع أن تبقى مصدرأً أساسياً للطاقة و لكن عليها أن تبدأ عملية تنموية تقوم على إستثمار أموال النفط في مشاريع حيوية تمس مصالح شعوبها و تؤمن لها حياة أفضل من خلال جلب الإستثمارات و بناء البنية التحتية القوية و الصلبة و إستيراد التكنولوجيا و غيرها من الخطوات الإقتصادية المهمة لتحقيق الإزدهار و التقدم. بيد أن هذا التنمية لايمكن أن تتحقق في ظل أنظمة دكتاتورية و شمولية متهمة بالنصب و الإحتيال و الفساد و نهب أموال الشعوب و إنما تقوم التنمية في ظل إستقرار سياسي و أمني و في ظل وجود موسسات ديمقراطية تحميها.
و عليه فإن تحديات العام الجديد عظيمة و خطيرة في آن و هي مفتوحة على كل الإحتمالات تبقى من أهمها مسألة تحقيق التغيير الديمقراطي في المنطقة كخطوة أولى و أساسية على طريق حل كافة المشاكل و الآزمات.
زيور العمر
1-1-2006
التعليقات