من أين بدأت الحكاية وهل للسلطات المصرية دور في تفاقم القضية؟!!

والسؤال كيف منح هؤلاء وبهذه العددية تأشيرات الدخول إلى مصر في فترة فرضت على السودانيين دون سواهم تأشيرات الدخول حيث كان أغلب رعايا الدول العربية والأوربية والأسيوية تدخل بدون تأشيرات بما فيهم الاسرائليون اليهود.. وحجبت عن السودانيين والفلسطينيون!! والمؤشرات تقول أن هنالك فرضيات واضحة وان تجمع أو تكدس هذه الأعداد من طالبي اللجوء في مصر لم تأت من فراغ. و نعتقد - ويمكن أن نحول هذا الاعتقاد إلى مرحلة الجزم بالبحث في بعض المعطيات - أن هنالك ادوار كانت موزعة بين جهات عدة لا يسلم من تمثيل أدوارها الفاعلة جهات ذات علاقة بجانب الظروف التي كانت محيطة ومنها تذبذب مؤشر العلاقات الخارجية وتأتي في المرحلة الثانية دور فاعل للمفوضية والسلطات المصرية و التجمع المعارض وبعض الشخصيات الاعتبارية وغيرهم كثيرون.. ولسنا في حاجة في أن نوضح مغزى تواجد هذه العددية من رعايا دولة كالسودان في تلك الفترة!! والسياسة والساسة لهم أجندتهم الخاصة ومواقفهم تتبدل لخدمة مصالحهم الخاصة أما الرعايا والشعوب فهم مجرد أدوات قد يحتاجون إليها ليحركوا أو ينالوا من خلالهم مقاصدهم!! ولا تسأل عن شرعية أو أحقية تلك المقاصد هل هي كريمة ومقبولة أو هي مقاصد مرفوضة!! وهؤلاء الذين تجمعوا في القاهرة وحلموا بالسفر إلى أوربا وأمريكا وانتظروا الشهور بل السنين تبددت أحلامهم. لان الذين استخدموهم كأدوات نالوا مقاصدهم من خلالهم.. ولا حاجة لتواجدهم، بل لاحت لهم فرصة استخدامهم مرة ثانية لنيل مقاصد أخرى ومكاسب!! وسوف يستمر العرض!!

ولنا وقفة أخرى وتأملات حول هذا الحدث!! فكل الجهات الرسمية تدرك تماما قصة هؤلاء الذين احتلوا بتواجدهم العشوائي ميدان في قلب القاهرة وفي أرقى أحيائها!! لم يكن تجمعهم واختيارهم لذاك الموقع اعتباطا.. فهم يدركون الميزات والمعنى والدلالة!! وكان تواجدهم كما تقول جهات ذات علاقة أنها بدأت منذ شهور وبتدرج منطقي.. فهم في بداية الأمر كانوا يتجمعون في ذاك المكان نهارا ويتفرقون في المساء عندما يجنح الليل.. بمعنى آخر كانت الفرصة متاحة للسلطات المصرية أن تضع من التدابير الأمنية اللازمة! وهم بالطبع اقدر من غيرهم في اتخاذ مثل تلك التدابير!! ولكن هنالك علامات استفهام حول عدم اتخاذ تلك التدابير التي كانت متاحة؟ كما أن استنطاق السلطات المصرية وبتعمد واضح لعدة جهات حول أمر هؤلاء ( طالبي اللجوء ) يوحي بأن الأمر كان مرتبا. فقد استنطقوا أولي الشأن بدءَا بالمفوضية والخارجية السودانية وأحزاب المعارضة السودانية والمصرية وسفير النوايا الحسنة وبتغطية إعلامية مصاحبة!!. ففي سبيل المثال نقلت وسائل الإعلام محاولات جهات عدة مثل السيد للصادق المهدي وعادل إمام.. وكثيرون آخرون نقلت وسائل الإعلام محاولاتهم وما توصلوا إليه وكان يشار إليه دوما (بالطريق المسدود ).. وبعد أن استنطقوا كل تلك الجهات أقدموا إلى تلك الخطوة التي نتج عنها موت عدد من رعايا دولة السودان.. وهم تحت حماية ومسؤولية جهات ومنظمات دولية!! وفي مقارنة بسيطة مع أحداث فرسنا نجد أن الفارق هنا كبير من حيث عدد القتلى والمتضررين.. فقد أنهت السلطات الفرنسية تلك المأساة وبحسم شديد دون أن تقتل فردا واحدا من مسببي الضرر، بل كانت الخسائر المادية والشغب ومقتل بعض الرعايا وما إلى ذلك هي التي دفعت السلطات ووزارة الداخلية الفرنسية بالتعامل الذي وصفتها وسائل الإعلام في حينها أنها كانت قاسية.!!! رغم أن تلك القسوة لم ينتج عنها وفيات!! أما ذاك التعامل الموصوف من قبل السلطات المصرية أنها كانت كريمة، نتج عنها عدد كبير من الوفيات!!! مقارنة بعدد مثيري الشغب هنالك وعدد طالبي اللجوء هنا!!! ربما نتج ذلك من سوء تعامل بعض الأفراد الخانقين والمتذمرين أصلا من تواجد أولائك الأفراد وبتلك الصورة التي أخلت بل أزعجت اغلب سكان تلك المناطق وربما تصرفوا كأفراد بقسوة مستوحاة أو مستمدة من جهات مستاءة أصلا من تواجدهم..

والكل يعرف مقدرة السلطات في لي عنق الحقيقة وكنا نعتقد أن تلك الخاصية تتميز بها السلطات في وطننا العربي بصفة خاصة وفي دول العالم الثالث بصفة عامة ولكن أثبتت الشواهد أن ( الكبار تعلموا من الصغار) بل أجادوها أكثر منهم. فإذا أرادوا أن يوظفوا هذا الحدث (لو يخدم أجندتهم ) لفعلوا ذلك ووضعوه في قالب من تلك القوالب الجاهزة.. وربما السلطات المصرية تعرف ذلك جيدا فاختارت الوقت المناسب!!! وربما يخيب ظنهم حسب مؤشر المصالح..

ولكن في الحقيقة كل الجهات التي تعاملت مع الحدث يدركون جيدا ما ستؤول إليه.. والسلطات المصرية لم تكن غائبة عنها أو أنها لم تتوقع غير ما حدث.!! حيث أنهم كانوا يعلمون جيدا، ولهم تصورهم وتصنيفهم في كل الذين وفدو إلى دولتهم لتكون معبرا لطالبي اللجوء.. فتعاملوا معهم من ذاك المفهوم والتصور!!

وحتى لا نتهم بالجهوية والتحيز نقول أن السلطات السودانية هي في الأصل ضالعة منذ البداية في هذا المسلسل بتسببها في خلق تواجد شريحة كانت صادقة في طلبها للجوء.. ولحق بهم بعض المنتفعين الحالمين برغد الحياة في الغرب، وبعض الانتهازيين، ومن في شاكلتهم..!! وقد استنطقت السلطات المصرية قمم الأجهزة السودانية ذات العلاقة وكانوا بذلك مشاركين في اللعبة المخطط لها. ولهم أن يتحملوا نتائجها.. ولا نبرئ جهة من نتائج تلك التداعيات.. وستبقى الشعوب في خدمة مصالح الساسة والسياسيين!! ولهم أن يرتضوا بذلك طوعا أو كرها فهذا هو قدرهم!!

محمد سليمان احمد (ولياب)

الرياض