أمازالت البصرة بسانا لقريش؟

البصرة دولة مغتصَبة
.....اغتصبها الفرس، ثم العرب، ثم العثمانيون، ثم البريطانيون،..ثم البعثيون.... لكنها في كل تلك الحقب السوداء كانت تثبت للآخرين انها دولة بكل ما تحمل الدولة من معاني،... مجتمع متآلف متعدد الاعراق والطوائف،.. حركة اقتصادية فاعلة،..حركة فكرية متواصلة،... علاقات خارجية طيبة،... والى كل ذلك بناء حضاري متفرد.
بقي المسلمون في مكة والمدينة،..وفي اليمن وبلاد الشام قابعين في غياهب الجهل والتخلف، منصاعين لفتاوى تحرم عليهم القراءة بدعوى ان النبي أمي، وتحظر عليهم الكتابة، بدعوى ان نبيهم منع الكتابة حتى لا يختلط القرآن بغيره من المطبوعات...... حتى جاءت البصرة لتشير الى عري مملكة الصحراء.. علمت العرب كيف تكون لهم عيون يبصرون بها.. وكشفت زيف أمة تدعي انها خير أمة ولم تؤلف كتابا واحدا... فكان كتاب العين فاتحة الكتب على اللغة...
والبصرة أعطت الآخرين فيزياءهم البصرية على يد الحسن ابن الهيثم
والبصرة علمت الآخرين كيف يكون العقل أبا للدين، وكيف يكون الاستقلال بالاعتزال
والبصرة علمت الآخرين كيف يتحد الفلاسفة الفرديون، فقدمت للعالم إخوان الصفا وخلان الوفا
والبصرة علمت الآخرين كيف يصدحوا بكلمة الحق أمام الطغاة، فوهبتهم الحسن البصري، وثورة الزنج، ومعركة الشعيبة، وانتفاضة 15 شعبان
والبصرة وحدها علمت الآخرين معنى الصداقة، فأعطت بشار بين برد المقتول على أيدي شرطة بغداد بالتعاون مع شرطة الرياض آنذاك، مثلما أعطت ابن المقفع بحكمته التي لم تطقها بغداد فأعدمته، كما قضت على كل من يؤمن بالعقل من المعتزلة..
والبصرة علمت الآخرين قبل والت ديزني كيف تكون القصص على ألسن الحيوانات
البصرة التي اختارها الله لتكون مكانا لجنة عدن على الارض
البصرة التي سكنها آدم كأول رسول للبشرية
والبصرة التي أنجبت نوحا حفيد آدم، فكانت كل الكرة الارضية من نسل البصرة، حيث لم ينج من الطوفان إلا أخيار البصرة
البصرة التي مازالت تعطي أكلها كل حين بإذن ربها..... لم يعطها الآخرون إلا الدمار، حتى بات اسمها مقرونا بالخراب
آن الوقت لتعلن البصرة عن هويتها
آن الوقت لتكشف البصرة عن اسماء مبدعيها، وقادتها
خجل البصرة وحياؤها لم يعد مجديا في وقت باتت فيه الكلمة للشعوب
فلتتحدث البصرة، وليستمع الجميع
البصرة أم الدنيا، وبستان الارض
وأهلها أهل الجميع

البصرة المغيَبة
قبل أن تعرض مسودة الدستور العراقي على الاستفتاء الشعبي، اختلف السنة مع الشيعة والكرد مع العرب والدينيين مع العلمانيين على الكثير من المفردات التي كانت سهلة الحل، إلا ان الجميع توقفوا عند مفردة صعبة النطق هي البصرة، نعم، اختلفوا كثيرا حول البصرة، كما اختلف آدم وإبليس عليها منذ بدء الخليقة، وكما اختلف عليها هابيل وقابيل من قبل، فقتل الآخر أخاه.
وكما ان القرآن الكريم ذكر قصة الخضر، العبد الصالح وموسى كليم الله، حيث كان موسى يتبختر على خلق الله بأنه أفضل الانبياء وأذكاهم، وبأن شعبه أفضل الشعوب وأذكاها، فجاءه رد الله مخيبا لآماله، قال له الرب هناك قوم أفضل من قومك هم أهل البصرة، quot;عابدهم أعبد الناس، وزاهدهم أزهد الناس، ومتصدقهم أعظم الناس صدقة، وتاجرهم أعظم الناس تجارةquot;، فيهم رجل اتخذ اسمه من خضرة الأرض ومن لون نخيلها، هو أفضل منك بمقدار لا أريد وصفه لك الآن، وهو أعلم الخلق بحيث لا تستطيع أن تتعلم منه، ناهيك عن أن تفهم شيئا مما يقول لك،...فغر موسى فاه، وقال بلهجة لا تخفي مصريتها، quot;وهو في حد أفضل من كليم اللهquot; ياربي، قال نعم هناك عند مجمع البحرين، حيث يلتقي دجلة بالفرات، ستجده قرب القورنة، الكورنر، أي القرنة، فحزم موسى أمتعته واصطحب خادمه وسافر الى البصرة قاصدا مدينة القرنة، جنة عدن التي ذكرتها الكتب المقدسة، والتي أصرت قوات التحالف أن تقيم فيها معسكرها الذي دعته بكامب إيدن،...كما اصرت ان تقيم معسكرها في الشعيبة..
القرآن لم يذكر البصرة عندما ذكر آدم وابناه هابيل وقابيل، ولم يذكر الهوير عندما ذكر نوح وفورة تنوره، أو عندما ذكر ان الناس الذين يملأون أصقاع الارض هم بصريون من ذرية quot; من حمل الله مع نوح في سفينتهquot; حيث لم ينج أحد في الفيضان إلا جماعة من أهل البصرة كانوا مع نوح،...!
والقرآن كذلك لم يذكر القرنة عندما ذكر الخضر، بل لم يذكره بالاسم، لأن أهل البصرة يريدون ان يعرف الناس نتاجهم دون اسمائهم مثلما فعل إخون الصفا وخلان الوفا عندما رفدوا الفلسفة بموسوعتهم دون أسمائهم، ومثل المعتزلة الذين لم يروجوا لأسمائهم بقدر ترويجهم لفكرة الاعتزال،..... هؤلاء هم البصريون الحقيقيون، لا ينظرون لمن قال وإنما ينظرون لما قال،.. البصرة التي أرادها علي بن أبي طالب عاصمة للأرض الاسلامية بدلا عن مملكة الصحراء التي لم تنتج إلا القتلة والمنافقين،.. لكن الناس quot;أفسدوا عليه رأيه وخططه quot; فانتقل الى الكوفة، لأن quot; لابن ابي سفيان وثبة عسكرية، أراد أن يكون قريبا منهاquot;
البصرة التي أعطت العرب أول كتاب، والتي أعطت الاسلام أول عقل.. وأعطت الفن والفكر والعلم أول حروفه، هي نفسها التي أنجبت الأوائل، ومازالت البصرة هي الأكثر حضارة من غيرها من مدن الدولة العراقية التي فصلتها بريطانيا العظمى، فالبصرة ليست كمثلها من الدول المجاورة، هي دولة مقموعة، وضعت في قنينية العراق الذي أهدر طاقاتها وبدد شمل أهلها ولم تر منه إلا الخراب.
البصرة التي اختلف عليها أبناء غيرها من مدن العراق، وباتت كما وصفها علي بن أبي طالب quot;أكلة لآكلquot; وقفوا يقولون انهم يختلفون على الفيدرالية وتوزيع الثروات، وهم يخفون لفظة البصرة.... وبالأمس تعهد الدكتور أحمد الجلبي ضمن برنامج قائمته الانتخابي بتوزيع ثروات البصرة على العراقيين بالتساوي،... فيما يضع وزير النفط بحر العلوم في كربلاء الحجر الاساس لمصفاة نفط البصرة المهدور، فيما مصفاة البصرة خربة كخراب البصرة، ومعمل بتروكيماوياتها يأكله الصدأ، ومعمل الورق، والموانئ تكاد تتهاوى أركانها لكثرة الاهمال...
وفي النجف ستهبط أولى الطائرات السياحية قريبا في مطارين أنجزا حديثا، فيما مطار البصرة مهجور منذ سنوات..
أي توزيع عادل للثروات وتلامذة البصرة يرتجفون في صفوف هي أكواخ من القصب، فيما يتدفأ بمواردها

مدرسة بصرية مع برميلي نفط في فنائها
أولاد الآخرين الذين يرفضون مبدأ الفيدرالية ويصرون على مبدأ توزيع الثروات..
أي حق للآخرين بنفط البصرة ومائها وثرواتها، فيما النفايات تملأ الانهار والشوارع، بانتظار مكرمات المدينة الملعونة، بغداد أم الطغاة،.... أو كما وصفها ابن البصرة السيابquot; بغداد مبغى كبيرquot;
البصرة زارها ويزورها الكثيرون هذه الايام، وقليل منهم من يلامسها، ويلامس أهلها، لأن اغلب من زارها سواق سيارات لا يرون على الرصيف إلا دراهم تمشي يودون لو تدخلونها سياراتهم..


ما مستقبل البصرة?
ليس تفضلا من أحد أن يكون سعر التمر والماء والنفط في البصرة أرخص لأهل البصرة من غيرهم،..
وليس منة من أحد ان تكون شوارع البصرة وجامعاتها وأسواقها الفخمة وفنادقها أفضل من غيرها من بلاد الخليج، فتلك إرادة الله قبل ان تكون إرادة أهلها.
البصرة مدينة باركها الله بالموارد، وعندما قسم حظوظ البلدان جعل حظ البصرة وافرا
البصرة بلد طيب، يخرح نباته بإذن ربه، فلماذا لا ننصاع لمشيئة الله ونقر بأن الله فضل البصرة على غيرها من البلدان، هل أنتم خلقتهم البصرة، هل انتم من أقر النفط في ارضها،.. هل انتم من أجرى انهارها وأنبت شجرها
أهل البصرة أولى بخيرات الله التي أودعها في أرضهم، والله يعلم أين يستودع رسالاته وثرواته...
واليوم آن الأوان ليفكر كل بصري وبصرية بمستقبلهم
فالدستور الذي أعطانا حقنا في التفكير بأنفسنا قبل أن نفكر بالآخرين هو دستور الله الذي علمنا أن نبدأ بأنفسنا قبل غيرنا، وأن يكون الاقربون أولى بالمعروف
الدستور الذي يمنحنا حرية إعمار البصرة هو دستور الله الذي يطالبنا كل يوم قائلا: هو الذي خلقكم في الارض واستعمركم فيها، أي طلب منكم أن تعمروها... بكل معاني العمران
مستقبل البصرة رهن بقرار أهلها أن يكونوا أوائل، أو أن يطمحوا بالصدارة
فتكون جامعة البصرة أولى الجامعات في العالم
ومطار البصرة أعظم المطارات في العالم
واقتصاد البصرة أفضل اقتصاد في العالم
مستقبل البصرة أن تستقل بقرارها، ولا تنقطع عن محيطها، بل تكون مصباحا يضيء الطريق للآخرين
ربما ليست كولاية في الولايات المتحدة
ربما ليست كإمارة من الامارات العربية المتحدة
ربما ليست كسلطنة بروناي
ربما ليست كدولة الكويت
ولكنها إقليم يشعر الآخرين بأنه قدوة لهم
البصرة لا تحتاج الى قيم يعلمها كيف تصنع مستقبلها
أهلها أولى بها
وهل هناك من هو أحرص على البصرة من أهل البصرة!
فلتعملوا يا أهل البصرة على عمران بيوتكم قبل بيوت غيركم
لا تدعوا منطقة في العراق تسبقكم الى الخير
إن بُنيبت مدرسة عند غيركم ابنوا في البصرة أفضل منها
وإن شيد سوق عند غيركم شيدوا ما هو خير منه
quot;تنافسوا في الخيراتquot;
البصرة مدينة الله، وأهلها أهل الله،
فلتكن البداية بالتوكل على الله
لنعمل من أجل البصرة
ولنتخلق بأخلاق الله


ناصر الحجاج


* مرفق مشروع علم البصرة
الالوان
لازرق: للبحر والنهر وللمعرفة، وللسندباد
الابيض: للنقاء البصري، وللسلام، كما ان أحد معاني كلمة البصرة هي الحجارة البيضاء
الأخضر: لأرض السواد للعراق الذي تمثله البصرة، للزراعة، ولجنة عدن
والبني: للثروات وللصناعة، وللانتماء للأرض.
الأشكال: الألوان عمودية ترمز للنهضة والقوة والسمو
رأس النخلة: مركب من قمة السعف، كما يرمز لكتاب مفتوح الصفحات، وللنافورة التي تدل على تدفق الخير والعطاء البصري، كما تمثل الخطوط البينية إلتقاء دجلة والفرات عند البصرة
جذع النخلة: مركب من قطع تشبه المثلثات في الكتابة السومرية، وتمثل شكل أسنان الآلة الصناعية
قد يصلح العلم للعراقgt;