عقب الاعلان عن اصابة رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون بنزيف فى المخ ونقلة فى حالة خطيرة الى المستشفى انطلقت زغاريد السيدات الفلسطنيات تعبيرا عن فرحهن وسعادتهن.. وخرج الاطفال الى الشوارع يوزعون الشوكلاتة والحلوى على الناس كما لو ان المناسبة كانت يوم العيد !!

وقد ذكرتنى مظاهر الفرح او التشفى فى مرض شارونبردود الافعال الصبيانية السخيفة التى ابداها عدد من الفلسطنين فى غزة والضفة الغربية عندما علموا باغتيال الرئيس المصرى الراحل انور السادات..حيث خرج بعضهم الى الشوارع يرقصون ويطلقون العيارات النارية فى الهواء تعبيرا عن فرحهم بموت الرجل !!

ورغم انى كنت ولا زلت متفهما تماما للاسباب التى ادت الى ردود افعال بعض الفلسطنين المبالغ فيها تجاة مرض شارون الا اننى كنت اتمنى ان ان يتعاملوا مع الامر بطريقة اكثر حكمة وعقلانية ودبلوماسية لكى يكسبوا احترام العالم لهم وتعاطفهم.. كنت اتمنى الا يكرروا نفس الخطأ التى ارتكبوة فى حق الشعب المصرى بعد موت السادات وبعد احداث 11 من سبتمبر الشهيرة..

والحق يقال ان الوحيد الذى اتسمت تصريحاتة بالتعقل والاتزان عندما علم بمرض شارون كان الرئيس الفلسطينى محمود عباس الذى تعامل مع الموقف باسلوب دبلوماسى راقى متحضر وتمنى الشفاء للرجل عكس الكثيرين من الفلسطنين الذين تمنوا لشارون ان يذهب الى الجحيم.

على اى حال فاننى اود ان اوضح للاخوة الفلسطنين والعرب ان مرض شارون او موتة لن يغير شيئا فى سياسات اسرائيل تجاهم او تجاة الدول العربية ولن يبدل كثيرا فى الصورة الحالية لمنطقة الشرق الاوسط.

واذا كان بعض الفلسطنين او العرب يتصورون انة بعد رحيل شارون سوفياتى زعيم اسرائيلى اخر يتازل للفلسطنين عن اراضيهم المحتلة ويعطيهم حقوقهم كاملة بسهولة ويسر فى يوم وليلة.. فقطعا يكونوا حالمين او واهمين لان الحاكم الاسرائيلى _ منذ الاعلان عن قيام الدولة الاسرائيلية فى عام 1948 والى الان _ لايملك سوى خدمة اهداف وطموحات وتطلعات اسرائيل ولا يستطيع ان يحيد عنها ابدا او يسير على هواة والا وجد نفسة خارج الملعب وفقد مقعد السلطة..على العكس من الحكام العرب الذين يسخرون النظام من اجل خدمتهم وخدمة اهدافهم الشخصية..

ان الحاكم القادم فى اسرائيل ايا كان انتمائة الحزبى لن يحيد عن الطريق الذى سار علية من قبل بن جوريون وجولدا مائير ومناحم بيجن ونتاهو و شارون وغيرهم. والدارس لتاريخ اسرائيل لن يجد اختلافات تذكر بين فكر وفلسفة الحكام الذين مسكوا بزمام الامور فى اسرائيل.. وربما كان الاختلاف الوحيد بينهم ان بعضهم كان اسرع من الاخر فى تنفيذ ما كلفوا بتنفيذة من قبل الشعب الاسرائيلى.. وبعضهم الاخر كان يتمتع بدبلوماسية ولباقة فى الحديث اكثر من غيرة.

اننى ارجو من الاخوة الفلسطنين بصفة خاصة والعرب بصفة عامة التعامل مع الواقع بحكمة وعقلانية وبعد نظر والابتعاد عن ردود الافعال العاطفية والحركات الصبيانية التى كثيرا ما تفقدهم تعاطف العالم مع قضيتهم واحترام الاخرين لهم..واخشى ان اقول لهم ان موت شارون لن يكون نهاية المطاف لمتاعبهم ومعاناتهم لانة سوف يأتى شارون اخر واخر يكون هل همة وشاغلة الاوحد خدمة المصالح العليا لاسرائيل وشعبها وتحقيق حلم اسرائيل الكبرى.

ولا اعتقد ان غياب شارون او زغاريد نساء فلسطين او صواريخ القسام او العمليات الانتحارية التى يقوم بها بعض الفلسطنين سوف يحل مشاكل الفلسطنين ولكن الحل الوحيد امامهم كى يستردوا حقوقهم هو التفاوض مع الاسرائيلين بجدية وصدق وصبر والابتعاد تماما عن العنف والتطرف والظهور بمظهر متحضر امام العالم..خلاف ذلك فهو مضيعة للجهد والوقت والطاقات المادية والبشرية وتبديد الفرص فى ايجاد سلام دائمبين جميع الاطراف حتى يكون هناك امل فى مستقبل افضل للاجيال القادمة سواء كانوا عربا او يهودا.

صبحى فؤاد

استراليا

[email protected]

9/1/2006