قد يکون الرهان الايراني الملحوظ على علاقتها الاستراتيجية بکل من روسيا و الصين، بمثابة الدرع الوقائي لها بوجه الضغوطات الامريکية ـ الاوربية بخصوص ملفها النووي. هذا الرأي الذي يتکرر طرحه في مختلف الاوساط الايرانية و يأخذه بنظر الاعتبار العديد من المراقبين و المحللين السياسيين، يشکل العقدة الاساسية لدى الغرب. وهنا من الضروري الالتفات الى السعي الايراني لإمتلاک التکنلوجيا في أهم المجالات و أکثرها حساسية منذ عام2003 حين دعا المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الى الاخذ بناصية العلم في مختلف المجالات و جعل إيران دولة منتجة و مصدرة للتقنية المتطورة، حيث تکلل هذا الامر بإرسال القمر الصناعيquot;سينا1quot;الذي صنع نسبة معتبرة منها العلماء الايرانيون، فيما أنجز الباقي منه العلماء الروس. ومن المؤمل أن تنجز إيرانquot;مع روسياquot;القمر الصناعيquot;سينا2quot;قريبا والذي سيکون الدور الايراني فيه أکبر و أوسع. هذا إذا وضعنا جانبا مسألة إمتلاک إيران لصاروخquot;شهاب3quot;الذي يصل مداه الى إسرائيل، مع تلک الجعبة الملفتة للنظر من الاسلحة الکيمياوية و البايولوجية، نجد أن للقلق الغربيquot;على الاقل من وجهة نظرهمquot;له ما يبرره. وليس من الممکن للغرب أن لا يأخذ بنظر الإعتبار الدور الروسي تحديدا في إيصال إيران الى قاب قوسين أو أدنى من إمتلاک التقنية النووية والذي سوف يشکل مع شهاب3 هاجسا أمنيا قويا ليس للغرب وحده وإنما لدول المنطقة أيضا. موسکو التي تسعى الى سد عجزها الإقتصادي بکل السبل المتاحة و غير المتاحة، وجدت من طهرانquot;البقرة الحلوبquot;وهي لم تکترث أو تعبأ بکل تلک التحذيرات الدولية لها من مغبة هذا التعاون وإنما ظلت تراهن على تلک التطمينات التي کانت تعيدها طهران على أسماع القادة الروس. لکنهاquot;أي موسکوquot;تجد الان نفسها أمام موقف قد نستطيع وصفه بأکثر من صعب حين ترى العيون الغربية المؤنبة لها محدقة بها، وقد يکون السعي الغربي لفک عرىquot;العلاقةquot;التقنية الروسية ـ الايرانية من أهم المرتکزات التي سوف تستند عليها لتقليص القدرة النووية الايرانية. ولعل مساعي طهران السياسية التي بذلتها على أکثر من صعيد للوصول الى وضعها الحالي، يحتاج الى شئ من الوقوف عنده، إذ بدأت مساعيها وفق سياسةquot;تفکيک الخصومquot;التي إتبعتها مع أوربا و أمريکا والتي إستطاعت طهران من خلالها جني بعض المکاسبquot;المرحليةquot;، لکن الإصطفاف الاوربي خلف واشنطن أخيرا، أسدل الستار نهائيا على تلک السياسة، مما دفع طهران للإتجاه الى سياسة أکثر تعقيدا و خطورة وهي سياسةquot;شق المعسکر الدوليquot;من خلال توسيع الهوة بين الصين و روسيا من جهة، وبين أوربا و أمريکا من جهة أخرى. وهذه السياسة الجديدة التي ليس من السهل التنبأ بعواقبها و لا بمرتکزاتها، قد تکون من ضمن تلک الاولويات التي سوف يبحثها القادة الاوربيين مع أمريکا. وليس من الصعب على الغرب دفع روسيا للزاوية الحرجة وتحييد الصينquot;على أقل تقديرquot;، وعلى الرغم من المراهنة الايرانية على الدوين الروسي و الصيني، إلا إنها لو حمي الوطيس سوف تضطر الى عدم الإکتراث بإنفضاض حليفيها القويين عنها، وإن تلميحها بتسونامي إيرانية ضد دول المنطقة و العالم فيما لو بوغتت و صار الخيار العسکري هو الملاذ الاخير لحلحلة الازمة الايرانية، يدل على فلسفة نظام سياسي ـ فکري أرهق و أتعب دول المنطقة و العالم وهي فلسفة سوف لاتکون هناک من فلسفة تجاريها سوى تلک التي تشابها في الشکل و المضمون!

نزار جافِِ
[email protected]