القسم الثاني

انتهاكات قوات الامن الجزائرية لحقوق الانسان
كنا في
القسم الاول قد تطرقنا الى انتهاكات الجماعات الاسلامية لحقوق الانسان، و في هذا القسم سوف نتطرق الىانتهاكات قوات الامن الجزائرية لحقوق الانسان و موقف القضاء الجزائري :
تتقاعس قوات الامن الجزائرية بشأن التحقيق في حالات انتهاك حقوق الانسان التي ابلغتها بها المنظمات الدوليةالمعنية بحقوق الانسان، و لم تتخذ التدابير الازمة لايقاف مثل هذه الانتهاكات الجسيمة و منع وقوعها، و من ثم فانقوات الامن قد سمح لها بالتمادي في اقتراف هذه الجرائم و هي في مأمن تام من العقاب.
لقد تأكد بأن قوات الامن الجزائرية قد اعدمت المئات خارج نطاق القضاء بدلا من القاء القبض عليهم، و أكد شهود عيان ان قوات الامن قتلت افرادا عزل في منازلهم او بالقرب منها. و احيانا امام أسرهم و جيرانهم، و اضاف الشهود ان البعض قد قبض عليهم ثم قتلوا في الاعتقال!.
لقد دلت المعلومات التي جمعت من شتى المصادرالمحايدة على وجود نمط للاعدام خارج نطاق القضاء على ايديرجال الامن باعتباره بديلا للقبض او ردا على الكمائن و الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة على قوات الامنو المدنيين، يبدوا ان مثل هذه الممارسات تستخدم ايضا لثني السكان عن تقديم الدعم المادي و المخابئ الى الجماعات المسلحه او لحملهم على الابلاغ عن اعضائها، و يبدوا ايضا انالمشتبة في عضويتهم فيها يقتلون دون اي محاولة للقبض عليهم، اما الفئة الاخرى من الذين يشتبة في تقديمهم المساعده لهذه الجماعات، او عدم ابلاغهم عنها فيتعرضون للتعذيب.
تتبع قوات الامن ابشع اساليب التعذيب ضد المعتقلين و اكثر هذه الاساليب شيوعا هو اسلوب ( النشاف ) حيث يتم تقييد المعتقل الى ( دكه ) و حشر قطعة من القماش في فمه، و من ثم تصب مقادير كبيره من المياه القذرة و المخلوطةبسوائل التنظيف او غير ذلك من المواد الكيمياوية في فمه!، و تلقت منظمة العفو الدوليه في السنوات الماضية معلومات من المعتقلين و من أسرهم او من محاميهم و من الاطباء الذين شاهدوا او فحصوا ضحايا التعذيب تتعلق بمئات الحالات تشير الى ان استخدام التعذيبكان منتشرا على نطاق واسع في شتى ارجاء الجزائر. و انه يمارس من قبل الشرطة و الدرك و رجال الامن العسكري، و تستخدم قوات الامن هذه الاساليب بصفه رئيسيه لانتزاع الاعترافات من المعتقلين بشأن مشاركتهم المزعومة و مشاركة غيرهم في احداث القتل و غيرها من الاعتداءات على الافراد و الممتلكات. و تستخدم هذه الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب بصوره معتاده بأعتبارهاالادلة الوحيده في حالات كثيره، لادانه المعتقلين الذين يعنيهم الامر و غيرهم ممن يذكرون اثناء التحقيق معهم.
ان التعذيب يعد انتهاكا للدستور الجزائري اذ تنص الماده 23 منه على ما يلي :
تضمن الدوله حرمة الانسان و يحظر اي عنف بدني او معنوي...

موقف القضاء الجزائري
اعربت منظمة العفو الدولية، عن قلقها ازاء المخالفات الاجرائية التي تحدث في جميع مراحل التحقيق امام القضاء الجزائري، و اتسمت المحاكمات بأهدار حق المتهمين في الدفاع عن انفسهم، كما دأب قضاة التحقيق على تجاهل او رفض الطلبات التي يتقدم بها المحامون لاجراء الفحص الطبي على المعتقلين الذين يدعون انهم تعرضوا للتعذيب، و عندما كان المحامون و المتهمونيرفعون الشكاوي في المراحل التاليه للمحاكمات، فأن القضاة يرفضون اتخاذ اي اجراء بدعوى ان هذه المسائل ما كان يجبان تطرح على قاضي التحقيق! (في عهد النظام البائد في العراق كان بعض القضاة يستخدمون نفس هذه الاساليب ).
لقد كانت المحاكم في الجزائر تقبل الادلة القائمة على محاضر الشرطه التي انكرها المتهمون استنادا الى ان الاعترافات الواردة فيها قد انتزعت تحت وطأة التعذيب، و التي تحمل تأريخا مزورا لالقاء القبض او لا تحمل تأريخا له و لا تتضمن تواريخ و مواعيد كل جلسة من جلسات التحقيق.
لقد قدم الى المحاكم في الفتره من شباط 1993 الى حزيران 1994 حسب مصادر منظمة العفو الدولية 101940 شخصا و حكمبالاعدام 1127 متهما من هؤلاء و حكم على البعض بالسجن مددا متفاوتة من بينها المؤبد و بالبرائة على 2560 و على الرغم من ايقاف احكام الاعدام الصادرة فقد نفذ بالفعل بحق 26 شخصا منهم في نهاية عام 1993.
لقد تقاعس رجال القضاء عاى جميع المستويات، و قد اكدت ذلك منظمة العفو في احدى تقاريرها من ان المحاكم رفضت اجراء التحقيق في الادعاءات الخطيرة لانتهاكات حقوق الانسان و المخالفات التي ترتكبها قوات الامن و استعدادهم لقبول الادله القائمةعلى الاعترافات التي زعم انها انتزعت تحت وطأة التعذيب.
و اخيرا، و بعد هذه الاحداث الدامية يصدر الرئيس الجزائري امرا باجراء الاستفتاء الذي يهدف الى اجراء المصالحة الوطنية متمنين ان يتحرك رجال القانون في العراق و غيرهم من المعنيين الى وضع اسس المصالحة الوطنية*

القسم الاول

رياض العطار

كاتب صحفي