كلما خطونا صوب الحضارة خطوة جديدة فإننا حتما نخطو نحو هيمنة المرأة خطوة مماثلة، فالمستوى الحضاري هو الذي يحدد موقع السيادة والسلطة وكلما اقتربنا من مراكز المدن الأكثر تحضرا وجدناها تقوم على وحدة الفرد الذي يتمتع بكيان حر مستقل بينما يقوم النموذج الثاني في المدن الريفية مثلا على وحدة الاسرة حيث توجد سلطة الاب المركزية التي تحدد لوحدها أسلوب حياة الآخرين وحجم الحرية التي يحق لهم التمتع بها.
لكن هذه الحضارة التي تزحف الى حياتنا بسرعة الصاروخ في مظاهرها المختلفة تغدو في المجال النسوي بطيئة كالسلحفاة في مجتمعات تدرك الحقوق وتستعرضها لكنها لا تسن التشريعات التي تضمن هذه الحقوق.
أما الاسباب.. فان أحدها مكشوف ومفهوم يتعلق بالثقافة الاجتماعية السائدة، الرجل ليس وحده اسيرها انما المرأة شريكته أيضا.
أما السبب الآخر المتخفي فهو خاص بالمرأة وتركيبتها السيكولوجية أو النفسية وما يتعلق برغباتها وذوقها الخاص، سبب تتكتم عليه هذه الانثى ذات الوجوه المتناقضة خبثا أو خجلا أو تغابيا..
فغالبا ما تشكو المرأة تسلط الرجل وهيمنته... فهو المخلوق الغليظ، فظ القلب، صعب المراس،
لكنها تتزوج هذا الرجل ؟
هذا المخلوق الذئب الذي يمثل نسبة كبيرة من أزواجنا المتسلطين أو الديكتاتوريين أو المجرمين أحيانا..
لماذا تتزوج المجرم أو الطاغية كما فعلت زوجة صدام حسين وما زالت تدافع عنه ؟
ولماذا تركت مؤخرا زينيا كينغ الام ذات الواحد وثلاثون عاما زوجها لتتزوج من مجرم مدان بجريمة قتل وينتظر تنفيذ حكم الاعدام عليه ؟
وما هي فلسفتها في قبول ما ترفضه علنا في خطابها النسوي ؟
لماذا حظى أشهر الطغاة عبر التاريخ بأفضل الزوجات وأكثرهن عددا ولم يتعارض ذلك مع سيرتهم أو طبيعتهم القاسية ؟
ثم كيف تجمع المرأة وهي الكائن الرقيق الشفاف والمسالم بين طبيعتها تلك والاتحاد أو الارتباط أو العيش مع رجل ذئب أو فظ مثلا؟
لكن هل يصعب على المرأة حقا تحطيم قيودها أو خلع موروثاتها الثقافية السائدة كما تخلع ثوبها القديم؟
لا أظن..
الواضح أنه من الصعب جدا عليها معاندة تكوينها السيكولوجي الذي يعتمد في أولويته الفطرية على اختيار عنصر القوة والسلطة كمطلب أول وأساسي لدى المرأة من الرجل فارس أحلامها..
تلك القوة تتجسد بمظاهر شتى كقوة المال أو السلطة أو الوجاهة الاجتماعية أو القوة الجسدية في حين لا يطيقها الرجل في أنثاه
ان النزعة (الماسوشية) لدى الانثى تبدو وكأنها تدفعها لا شعوريا الى عبادة القوة أو حب الالم المتأصل في شخصيتها وكيانها فهي تؤسس له بالحمل والإنجاب والتضحية لتشبع حاجاتها العميقة للخضوع والتبعية والتلذذ بآلامها.
وفي معظم الاحوال لا تضع المرأة القيم الاخلاقية في مقدمة شروطها في فارس الأحلام أمام القوة التي تجسد الرجولة، تماما كما لا يضعها الرجل في مقدمة شروطه أمام جاذبية المرأة وجمالها وضعفها الانثوي!
المرعب حقا.. ان المرأة تقبل الزواج من رجل متسلط ظالم بل وتدافع عنه في الوقت الذي تشكو فيه حالها البائس كمواطنة من الدرجة الثانية !
فهل تبدو المرأة فعلا كالظل.. اذا تبعته يهرب منك وإذا تركته يتبعك ؟
في النهاية.. اذكركم بحقيقة تاريخية تقول أن المرأة كانت هي الاقوى.. فقد كانت قديما الآلهة.. الانثى.. التي يعبدونها من خلال فكرة الخصب قبل أن يبدأ العهد الابوي مع بداية اكتشاف الزراعه وحاجة الارض لليد العاملة.
فهل ولدت المرأة..quot; الانثى التي نعرفها اليوم، أم أن المجتمع جعلها كذلك quot;؟
كما قالت سيمون دي بفوار قبل 55 عاما.
وبالمقابل.. quot;هل ولد الرجل ذئبا، أم أننا من جعله كذلكquot; ؟
كما أقول أنا اليوم.
حنان بديع
[email protected]
التعليقات