الرحمة ياأهل الحكم فى مشرقنا العربى. نرجوكم عندما تسرقون أن تفعلوا ذلك ببعض الشفقة على الشعوب التى تسرقونها. إسرقوا قليلا قليلا واتركوا بعض الفتات لكى تنموا، فلعل من يأتى بعدكم يجد شيئا يسرقه بدلا من أن لا يجد ما يسرقه فيسرق الناس بأشخاصها. الأمريكان ينبهون على من يأتى لأراضيهم أن لا يأخذ معه مالا عندما يتجول ليلا فى مناطق معينة خطرة حيث إحتمال أن يتعرض لسطو من شخص مسلح هو إحتمال كبير، ولكنهم يشددون على أن يحمل الشخص معه عشرين دولارا على الأقل لأن اللص قد يستبد به الغضب ويقتل الضحية إن وجده معدما تماما وأغلب المجرمين عندما يشلحون شخصا ما ماله يتركون له عشرين دولارا منها. ونحن لا نرجو منكم سوى أن تتركوا لنا هذه العشرين دولارا فلا يقتلنا من يأتى بعدكم ويتبين له إفلاسنا التام وعندئذ لن يتورع عن قتلنا غضبا، ولسوف يتغنى المتغنون بنزاهته من الناحية المالية وهى طبعا ليست وليدة تعفف.
كيف تنمو ثروات كل أهل الحكم فى العالم العربى الى ملايين ثم مليارات ثم عشرات المليارات من الدولارات خلال مدة حكمهم؟ كيف فى بلد فقير مثل سوريا تبلغ ثروات أهل الحكم وأساطين الحزب ورجال المخابرات والجيش وكل أصحاب المواقع الى مليارات تتوزع عليهم وعلى عائلاتهم. ما الذى أغضب اهل الحكم فى سوريا أن أمريكا جمدت حسابات أحد أركان الحكم بها من رجال المخابرات؟ كيف لهذا العروبى القح حساب فى أمريكا؟ وكم قيمته حتى أن تجميده أغضب رأس الحكم وليس فقط الشخص المجمدة أمواله؟
كيف فى مصر التى شبعت سرقة خلال عقود يجد أهل الحكم فيها مالا يمكن سرقته عن طريق بيع بعض البنوك فيشرونها باسم شركات، هم أو أعضاء عائلاتهم أكبر المساهمين فيها؟ ويتبجحون بأنهم قد إستقالوا من مجالس إدارة تلك الشركات، ويلهون الشعب المغيب الذى لا يتسائل فيما إذا كانت حصيلة نشاط الشراء المذكور قد صبت فى جيوبهم بوصفهم لازالوا مساهمين فى الجهات المشترية أم لا، وحتى لو صدقت روايتهم فى الإستقالة من مجالس إدارتها؟ يلهون ذلك الشعب المغيب بانقلاب حزب الوفد ولجنة السياسات ولا بأس من فتنة طائفية هنا، وإحراق كنيسة فى بلدة الأقصر تتصدر نشرات الأخبار، ويشرب البلهاء المقلب.
كيف فى العراق الذى يصارع ويستجدى إلغاء بعض من ديونه التى ورطه فيها الحكم البائد أن يستولى القائمون على السلطة فيه ndash;ولو كانت مؤقتة- على مليارات الدولارات وليست فقط ملايين؟ ماذا يفعل اللص بمليار دولار؟ ألا يكفيه خمسين مليونا لكى يعيش هو وأولاده وأحفاده حتى عاشر جيل فى بحبوحة؟ وإذا سرق مليار دولار لماذا يبحث عن مزيد، ماذا سيفعل بكل هذه الأموال؟ لماذا قصر فى اسكوتلاند وآخر فى باريس وشقة فى مانهاتن؟ نعلم نحن الشعب العربى التائه أن لكل صاحب سلطة فى بلاد الأعراب* أن يؤمن إقامة ما فى بلد آخر، وأن يؤمن لأولاده وأحفاده وأحفاد أحفاده حساب محترم فى بنوك الغرب، بعيدا عن الإنقلابات والثورات وما أسماه الرئيس quot;المؤمنquot; السادات بأنه الحقد، حقد الفقراء المسروقون على من سرقهم من الأغنياء؟ نعلم حاجة سراقنا الأغنياء لمثل ذلك تأمين، ولكن الذى لا نعلمه هو لماذا يسرقون أضعاف مضاعفة لحاجتهم تلك!
أما ثالثة الأثافى فهم سراق الشعب الفلسطينى. شعب يعيش على المعونات الأجنبية سواء منه شعب الداخل وأكثر منه شعب الخارج اللاجئون فى بلاد الأعراب. شعب كهذا يتسول ما يسد رمقه ولكنه أيضا يسرق! سراق الشعب الفلسطينى من أسفل وأحط السراقين. هم يسرقون من التبرعات التى يحتاج أفراد ذلك الشعب كل قرش منها، يسرقون من تلك التبرعات مليارات الدولارات ايضا وليس فقط ملايين. العجيب أو أولائك السراق لا يستثمرون حصيلة سرقاتهم فى بلادهم فلم يبنى سارق مصنعا أو مجمعا سكنيا أو مشفى أو مدرسة ولو بمصروفات، هم يحملون سرقاتهم بقضها وقضيضها الى بنوك الخارج ولكن للحق والأمانة أغلبهم لا يقبل عن ودائعه فوائد، لأن الفوئد الربوية حرام! شفتوا الأمانة؟
ياأهل الحكم والسلطة فى بلاد الأعراب نرجوكم الرحمة بنا نحن أهل البلاد التى فتحها الله عليكم، نرجوكم الرحمة بأن تسرقوننا على خفيف ndash;بشويش ndash; حبة حبة. فنحن الشعب الأهبل الذى يبيض لكم بيضا ذهبيا فبالله عليكم لا تذبحوننا سواء بأيديكم أو بأيدى من سيأتى بعدكم ولا يجد ما يسرق.
*الأعراب ليس وصفا لجنس ولكنه توصيف لسلوك بعض العرب الذين بلغت بهم السفالة والحطة والجشع والشراهة كل مبلغ.
عادل حزين
نيويورك
[email protected]
التعليقات