لم يعد العماد لحود يجروء على القدح بقوى الرابع عشر من آذار بعد أن إعترف رسمياً أمام مجلس الوزراء بكامل هيئته أن لبنان بعد الرابع عشر من آذار ليس مثل لبنان قبله ؛ اعترف بذلك بالفم الملآن علّ تلك القوى تسمح له بإكمال فترة التمديد لولايته المطعون بشرعيتها حيث كان البرلمان اللبناني قد مدد له ثلاث سنوات تحت التهديد من قبل الرئيس السوري وعسكره في لبنان خلافاً لصريح النص الدستوري. من يقدح اليوم في قوى الرابع عشر من آذار هو العماد عون علّ قوى الثامن من آذار الموالية لسوريا المتمثلة بصورة رئيسية بحزب الله وحركة أمل ترفعه إلى سدة الرئاسة وقد باتت هدفه الأكبر. وحين يتلكأ عون بالقدح تغمزه سوريا بعيون حزب الله ويصرح حسن نصرالله بأن مرشحه للرئاسة هو الجنرال عون فيستفيق عقلاء كتلة الإصلاح والتغيير من مثل نعمة الله أبي النصر والشيخ فريد الخازن وغيرهما على أزيز مقدح الجنرال عون يوغل في قدح قوى الرابع عشر من آذار ومنهم أخيراً تيار المستقبل فيشكك بشهيد لبنان الأكبر، رفيق الحريري، ويصل الأمر به لأن يتخلى عن لاطائفيته المدعى بها متسائلاً بالأمس عن عدد المسيحيين بين كوادر الدولة العليا.
عندما عاد الجنرال من باريس كان أكبر من رئيس جمهورية لبنان، عاد وقد رسمته جماهير الشعب اللبناني بطلاً للحرية والإستقلال. لكن الجنرال ولشديد أسف مريديه بدأ ينكمش في مخيلة الشعب اللبناني بعد أن جعل من الوصول إلى القصر الجمهوري بكل ثمن همّه الأكبر وهو الهمّ الذي ليس من هموم جماهير الشعب الجائعة والمقهورة.
سوريا ومن خلال حزب الله من جهة والعماد لحود من جهة أخرى تؤكد دعمها لاستبدال العماد لحود بالعماد عون، تؤكد ذلك بمقدار إنسلاخة عن قوى الرابع عشر من آذار ومعاداته لها. يحار المرء كيف تنطلي مثل هذه المناورة المفضوحة على جنرال ذي خبرة كبرى في الإستراتيجية والتاكتيك، غير أن الأطماع كما هو معروف تعمي البصيرة. الجماهير المسيحية التي صوتت في الإنتخابات الأخيرة لقوائم عون، رغم إحتوائها على وجوه من أزلام سوريا لا تحظى باحترام اللبنانيين، لم تفعل ذلك إلا كردة فعل على قفزة وليد جنبلاط quot; الخيانية quot; من وجهة نظر الطوائف المسيحية وإعلانه الحلف الرباعي الإسلامي في الإنتخابات. ما كان ليسقط نسيب لحود وغابرييل المر ورافي مادويان في المتن وفارس سعيد ومنصور البون في كسروان لولا تلك القفزة الجنبلاطية غير الموفقة كما يعترف اليوم وليد بك. ما على الجنرال أن يعلم اليوم هو أن جماهير المسيحيين لن تصوت له في الإنتخابات القادمة التي يطالب هو بتبكيرها. السياسيون ذوو الأسماء الكبيرة على الصعيد السياسي لن يصطفوا معه في الإنتخابات القادمة فيخسروا تاريخهم النظيف. لن يجد الجنرال في صفه آنذاك إلا بعضاً من أزلام سوريا من مثل سليمان فرنجية وميشال المر وزاهر الخطيب وربما ناصر قنديل.
أيها الجنرال المحترم، الزمن الذي كان الأسد يسمي فيه الرئيس اللبناني كما يسمي محافظ درعا ولّى وانقضى. رفيق الحريري، أيها الجنرال، اشترى لبنان بدمه فسمح لك بالعودة إلى وطنك وما كنت لتعود بغيره ؛ ولعلي أتذكرك، لدى وصولك أرض الوطن، تنحني لتقبل ترابه، وتتوجه إلى ساحة الشهداء لتنحني إجلالاً لشهادة شهيد الإستقلال الثاني، مؤسس الجمهورية الثالثة، رفيق الحريري.
عبد الغني مصطفى
التعليقات