المتابع لنشاطات مرشحي المجلس التشريعي الفلسطيني للانتخابات القادمة المزمع عقدها يوم الأربعاء القادم سيصاب بخيبة أمل كبيرة من غالبيتهم، أو سيضحك قهقهة من باب quot;شر البلية ما يضحكquot; ولو أنّ الضحك في الأراضي الفلسطينية أصبح عملة نادرة، وسأتحدث عن مشاهداتي في دائرة محافظة القدس بهذا الخصوص، فمما يصيب المواطن العادي أو المتابع للأحداث بالدهشة، ولنشاطات المجلس التشريعي المنتهية ولايته، هو مشاهدة بعض أعضاء المجلس ممن انتخبوا عن دائرة محافظة القدس، وقد رشحوا أنفسهم مرة أخرى، ويطلون عبر الفضائيات التي خلقت منهم نجوما، ويتكلمون عن quot;تحرير القدس، وعن quot;تثبيتquot; المقدسيين في مدينتهم، وعن quot;الحفاظquot; على الأماكن المقدسة وعن.... الخ وأكثرهم تنظيرا او حديثا عن هذه المواضيع هم من لم يدخلوا المدينة المقدسة منذ وصولهم الى المجلس التشريعي في بداية العام 1996 إلاّ نادرا في زيارة شخصية، ولم يقدموا للمدينة شيئا، بل قدموا لأنفسهم من خلال تأسيس منظمات غير حكومية، يقفون على قمة هرمها للاثراء الشخصي، ويمكن اعتبار هؤلاء من ضمن قائمة أثرياء الحروب، وامعانا منهم في إذلال شعبهم، فإنهم يرشحون أنفسهم مرة أخرى على اعتبار
ان الشعب ضعيف الذاكرة.
ومن بين المرشحين أشخاص غير معروفين حتى في عائلاتهم صغيرة العدد، ومع ذلك فإنهم رشحوا انفسهم بناء على نصيحة مستغليهم، وأربابهم في العمل الذين يتلقون دعما من مؤسسات اسرائيلية وأوروبية وأمريكية، ويعطون المرشح quot;التعيسquot; شعرة من جمل، مقابل فشله المؤكد، وعدم قدرته على الحصول على مئات الأصوات.
ومن بين المرشحين من صحا فجأة من سباته العميق، فبدأ ينشط في بعض الأحياء التي لم يدخلها في حياته، موزعا الوعود بايجاد عمل لكل من يعاني البطالة، وحلّ مشاكل الأحياء بدءا من انشاء شبكات المجاري، وانتهاء ببناء المساكن، وكأن الرجل يملك خزائن قارون، ويتفوق على حاتم الطائي بكرمه وواضح أن مثل هؤلاء لا يعرفون مهام عضو المجلس التشريعي، وبالتأكيد فهي لا تتعلق بتقديم الخدمات.
ومن بين المرشحين أيضا من يعد بمراقبة السلطة التنفيذية، ومحاربة الفساد بكافة أشكاله، ومحاربة الفلتان الأمني، وبعض هؤلاء يتعامون كما النعامة التي تضع رأسها في الرمال، عن أنه في حال سن قوانين لمحاربة الفساد، وفي حال سيادة القانون، فإنهم سيكونون من بين الأوائل الذين سيقبض عليهم لممارستهم الفساد، ولمساهمتهم في حالة الفلتان الأمني.
لكن الخير في شعبنا تماما مثلما هو في بقية الشعوب، حيث أن هناك مرشحين نقيي السيرة والمسيرة، ونقيي الجيوب، وذوي كفاءات عالية، وصادقون في طروحاتهم وممارساتهم، لكنهم لم ينالوا حظوظهم في الفضائيات، ولم ينالوا حظوظهم أيضا في الدعاية الانتخابية في وسائل الاعلام المحلية، نظرا لقلة ما في الجيوب، ونظرا لعدم تذيلهم للممولين غير المحليين، وبالتالي فهم معروفون في أوساط نخبوية محدودة العددة وتبقى حظوظهم في الفوز قليلة، وحالهم لا يختلف عن حال الشاعر الراحل معين بسيسو، عندما ترشح لعضوية الهيئة الادارية لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في بداية تأسيسه قبل ما يقارب الأربعة عقود، وكان حينها أبرز شعراء فلسطين، لكنه لم يفز في الانتخابات، لأن التنظيمات الفلسطينية في حينه حشدت في عضوية الهيئة العامة عناصرها العاملين في المكاتب الاعلامية من فراشين، وموظفين عاديين لا علاقة لهم بالأدب أو الصحافة، وعندما سئل معين بسيسو عن سبب عدم نجاحه قال:- quot;والله في مثل هكذا هيئة عامة، لو خرج المتنبي من قبره لما فازquot;، ونصلي لله ان يتحلى ناخبونا بالوعي الكافي، وأن يعطوا أصواتهم للمرشحين الكفؤين بغض النظر عن انتماءاتهم
السياسية، وأصواتهم العائلية والعشائرية، خصوصا وأن المرحلة القادمة من أخطر المراحل في مسيرة شعبنا.

جميل السلحوت