أثبتت الوقائع والاحداث التي مرت على العراق منذ بدايات تأسيسه وحتى اليوم ان مدينة كركوك كانت العقدة ومفتاح الحل لجميع مشاكله التي ادت الى معظم تلك الصراعات والحروب الداخلية والخارجية التي مرت على هذ البلد المنكوب والتي كانت تتواصل وتستمر مما تؤدي الى حدوث ألمآسي والقتل اليومي للعراقيين والمواجهات المسلحة وتدهور الخدمات الاساسية وتفاقم المشكلات الحياتية اليومية بسبب غياب الامن والاستقرار في بلاد الرافدين،حيث ظلت المناوشات مستمرة وحالة الاستنفار متواصلة وما تبعها من توقف عجلة البناء او سيرها بشكل بطيء وهو ما ادى الى ضياع الفرص العديدة من حياة العراقيين الذين قدموا من التضحيات الكثيرة التي استنزفت من ثروات بلدهم وحياة ابنائهم الشئ الكثير.

لقد ظل العراق بعيداً عن السلام بسبب ان الحكومات التي تعاقبت على العراق لم تنظر الى قضية الكرد الا بالقدر الذي يمنحها الوقت لسحب انفاسها عند كل تغيير او ما يسمي في بداية كل ثورة او انقلاب حيث كانت تلك الانظمة تدعي انها سوف تقوم بحل القضية الكردية وتمنح الكرد كامل حقوقهم المشروعة الا انه ثبت من خلال الاحداث والسنوات التي مرت اننا كنا بعيدين عن السلام بسبب ان الانظمة و الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق وآخرها النظام السابق عملت كل مافي وسعها في الوقوف ضد الحقوق والتطلعات المشروعة للكرد اللذين عانوا من الظلم والاضطهاد بدرجات متفاوته حسب المكان الذي يتواجدون فيه الا ان اقسى انواع الظلم الذي تعدى الى القتل والاعدامات الجماعية والتهجير القسري وتغيير الواقع السكاني وفرض سياسة التعريب وتغيير القومية ومنع امتلاك وتحويل بيوت السكن باسم المواطنين الكرد شمل مدنا معينة بشكل منظم ومخطط ومبرمج بحيث رصدت له الميزانية والتخصيصات المالية الضخمة وساهم جهاز الدولة والحزب في النظام السابق بفرضه وتنفيذه في مدن معينة مثل الموصل و زمار وسنجار والشيخان وخانقين وكركوك التي اصبح اسمها عنوانا وعلما لكل المظالم والانتهاكات التي تعرض لها الكرد في المناطق الاخرى والذين هم لا يقلون وطنية واعتزازا بقوميتهم الكردية عن باقي مدن وقصبات كردستان، فقد شمل الترحيل سكان هذه المناطق واجبروا على ترك منازلهم ونقل قيودهم وسجلاتهم المدنية (سجلات النفوس ) الى مناطق ومدن بعيدة مثل الكوت والرمادي والشطرة والناصرية وسوق الشيوخ والنجف وكربلاء وغيرها من المدن التي احتضن اهلها اخوانهم الكرد وفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم للكرد المظلومين واقاموا معهم العلاقات الانسانية بما فيها علاقات الزواج والمصاهرة ومشاعر الحب والتقدير والاحترام.

وفي المقابل كانت الخطط والبرامج مستمرة في احلال البديل للسكان الاصليين من الكرد والتركمان في كركوك بجلب اعداد كبيرة من سكان المدن الاخرى الذين منحوا مكافآت وقطع اراضي سكنية ووظائف بحيث تشكلت عشرات الاحياء السكنية والتي شكلت مع مرور الزمن مدن ومستوطنات داخل المدن الكردية التي شملها التعريب.

لقد استبشر العراقيون جميعا والكرد بشكل خاص بالخير وملئت قلوبهم بالامل بعد سنوات الظلم الذي عانوه ايام النظام السابق حيث كان من المفروض ان يتم اعادة السكان الى مناطقهم وتعويضهم وازالة كل آثار السياسات الشوفينة ووفقا لما قرره قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية في المادة 58 الا ان الحكومتين المؤقته والانتقالية التي تولتا ادارة البلاد لم تتقدما باية خطوات تعيد الحق الى اصحابه وظلت معاناة اهالي تلك المدن شاهد حي ومثال ناطق للمعاناة الانسانية.

ان تطبيع الاوضاع في مدينة كركوك والمدن الاخرى واعادة الاحوال الى ماكانت عليه قبل سياسات النظام السابق والتي احدثت بالعراق ودول الجوار ما احدثت، هو مفتاح الحل لكل مشاكل العراق التي عاناها سابقا ويعانيها اليوم وانه سيعانيها في المستقبل اذا لم يتم الحل وفق ما قررته المادة 58 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية والتي وجدت لها مكانا في الدستور الدائم الذي تم الاستفتاء والمصادقة علية حيث نصت المادة 136 من الدستور مكانة واهمية وضرورة تطبيق المادة 58 وفق سياق زمني ينتهي امده بنهاية عام 2007.

ان العراق لا يستطيع ابدا اجتياز المرحلة الراهنة وتعقيداتها نحو المستقبل الذي لن تكون آفاقه مفتوحة الا من خلال اعادة الحق الى اصحابه وعودة كركوك الى حضن كردستان لتكون قلبه النابض ( كما وصفها الملا مصطفى البارزاني الخالد ) الذي يشع بالخير والمحبة الى جميع مناطق العراق الاخرى وبما يؤدي الى ألاستقرار والتفرغ للتنمية الشاملة حتى يمكن ان ينعم العراق بألأمن والسلام والامان ويتفرغ شعبه للتنمية والبناء.

عبدالستار رمضان

نائب مدعي عام في محاكم اقليم كردستان

[email protected]