في خطاب السيد الرئيس بشار الأسد 21/1/2006 أمام المؤتمر العام المحامين العرب الذي عقد في دمشق تحت شعار الدفاع عن سوريا، الكثير مما يجب التوقف عنده ولكنني آثرت الكتابة للسادة المحامين العرب في أجواء هذا الخطاب، أولا نشكرهم لأنهم يريدون الدفاع عن سوريا ولم أعرف في الواقع ممن؟ خصوصا أن الهتافات والقصائد التي جادت بها علينا قرائح المحامون العرب ذكرتنا فعلا بأيام عبد الناصر / ومعذرة على التشبيه صدام حسين /، ومع ذلك كان هنالك قسما مهما: صامت يتفرج على ما يدور من فن مسرحي غاية في سوء الإخراج.
حتى نخرج عبد الناصر من هذه الدائرة الجهنمية، عبد الناصر مثل رمزين:
الأول ـ رمزية الحلم القومي العربي في لحظة صعود مابعد الاستقلال. والرجل مات قبل أن يرى نتائج خطابه وكارزميته.
الثاني ـ وهذا يهمني جدا لأنه مسكوت عنه رغم أنه الأهم في شخصية الراحل من وجهة نظري وحسب معلوماتي: إنه النزاهة الشخصية والترفع عن تلويث يديه بالمال العام هو وأولاده وإن كان قسم من نظامه كان فاسدا. وليس معنى كلامي أنني أشكك بنزاهة السيد الرئيس: مطلقا فأنا ليس لدي معلومات عن هذا الأمر سوى ما يقال عن ورثة مالية ضخمة انتقلت إليه من المرحوم والده ومن المرحوم أخيه باسل حافظ الأسد. وبالتالي لم يعد بحاجة لتلويث يديه بالمال العام الذي هو مال الشعب السوري. وبغض النظر عن كل شيء أتمنى أن يكون السيد الرئيس بشار الأسد مثل عبد الناصر في هذه الناحية. وعلى هذا الأساس علينا إخراج عبد الناصر من كرنفالات الجميع الذين يريدون التقرب من الزعامات العربية أو من الذين يطلقون هذا اللقب على الطالع وعلى النازل على كل رئيس عربي. ولا أعتقد أن زعيما عربيا مر بعد عبد الناصر كان يتمثل عبد الناصر في هذه الناحية المهمة والمسكوت عنها في الحديث عن الرجل، رغم أنه كان ديكتاتورا لايشق له غبار.
ونأتي الآن للسادة المحامين الذين كانوا في المؤتمر:
من المفترض أن المحامين هم الأقدر على فهم مواضيع: دولة القانون واستقلال القضاء..الخ وهم الأقدر على معرفة ماذا تعني قوانين الطوارئ والأحكام العرفية.. ومحكمة أمن الدولة، والسجون التي تغص بمعتقلي الرأي وغيرهم وأهم من هذا هم أكثر إطلاعا على قضية أستاذي عارف دليلة والذي يشبه عبد الناصر في نظافة اليد رغم كل ما كان يمكنه أن يحصل عليه لو أنه تخلى عن قضية الشعب السوري من أجل الحرية ومكافحة الفساد والمفسدين، المعتقل والمحكوم زورا وبهتانا عشر سنين ومن حكمه: واحد من كبار الفاسدين في هذا النظام والذي هو قاض في محكمة أمن الدولة العليا. رغم معرفتي الأكيدة أنه تلقى الحكم عبر رقيب مراسل من الاستخبارات السورية، في رسالة مكتوب عليها: سري للغاية..!
والسادة المحامون أكثر من يدرك أن الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ تضع الشعوب في قفص الاتهام دوما، وتصبح الشعوب متهمة حتى لايثبت العكس!! ولن يثبت أبدا في ظل مثل هذه الأحكام والقوانين الاستثنائية.
كما أن كل هؤلاء المحامون الذين هتفوا ومجدوا يدركون أكثر من غيرهم أن السلطة عندما تعقد صفقة مع أمريكا لن تستشيرهم أبدا!!
إذا تحول المحامون إلى مدافعين عن سلطة سياسية / استبدادية /... فلايمكن التعويل عليهم في معركة استقلال القضاء التي يحاولون فيها منذ تأسيس الدولة العربية / القطرية / الحديثة.
كيف لهم أن يعقدوا مؤتمرهم وكل الشعب السوري قانونيا ووفق ما ذكرنا من حكم الطوارئ والاستخبارات في قفص الاتهام؟
وكنا نتمنى عليهم أن يتسألوا ولو سؤالا واحدا علنيا:
لماذا لم يتم الإفراج عن الدكتور عارف دليلة وبقية المعتقلين من كورد وعرب والبقية الباقية التي لانعرف بهم منذ أيام عقد الثمانينيات من القرن المنصرم؟
على هذا السؤال العلني كان يمكن للمحامين العرب أن يصدقوا أنهم فعلا عقدوا المؤتمر في دمشق كي يدافعوا عن سوريا... وشكرا لكم على أية حال.. ونتمنى النجاح لمؤتمركم في إخراج سوريا والشعب السوري من قفص الاتهام.
غسان المفلح
التعليقات