هناك من يعتقد بتذبذب الموقف الروسى من التصعيد النووى الايرانى. فنجد تارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدعو المجتمع الدولي الى quot;الحذر الشديدquot; في التعامل مع الملف النووي الايراني رافضا اي quot;اجراءات متشددةquot; ضدها ومؤكدا ان ايران لم تستبعد بعد تماما امكانية تخصيب اليورانيوم في روسيا. وان روسيا ستواصل العمل مع نظرائها الامركيين والأوروبيينquot; من اجل ايجاد حل، مؤكدا ان مواقف روسيا واوروبا والولايات المتحدة quot;متقاربةquot; بشأن هذا الملف. وان طهران quot;لا تستبعد تماما الموافقةquot; على الاقتراح الروسى بنقل نشاطات التخصيب الايرانية الى روسيا لوضع حد للشبهات حول رغبة ايران بامتلاك السلاح النووي. رغم انه من الواضح المفاوضات الروسية الايرانية الجارية حول هذا الموضوع منذ مطلع الشهر الجاري لم تثمر حتى الان عن نتيجة. بل كررت ايران انها لا تقبل هذا الاقتراح الذي يدعمه الاتحاد الاوروبي وواشنطن الا اذا تمكنت طهران من تخصيب اليورانيوم على اراضيها ايضا.
وتارة اخرى نجد روسيا تقر بوضوح ان طهران تعطي حججا الى الإطراف التي تشتبه في انها تسعى لامتلاك السلاح النووي مشددة موقفها من حليفتها. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف quot;نقر بحق إيران في إقامة دورتها النووية الخاصة تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذريةquot;. وquot;لكن لا يمكن الا ان نأخذ في الاعتبار عوامل مثل عدم وجود جدوى اقتصادية (لتخصيب اليورانيوم على الاراضي الايرانية) وغياب الضرورة العلمية الفعلية وهي مسائل تبقي على الشك في أن هذا البرنامج له جانب عسكري خفيquot;. وانتقلت موسكو من الاطار العام الى كلام ملموس اكثر محذرة على ما يبدو طهران من ان صبرها بدأ ينفد حيال التعنت الايراني وانها لن تستطيع ان تبقي على دعمها لها لفترة طويلة. وشددت موسكو في هذا الاطار على تناقض بين تأكيدات ايران ومفادها ان برنامجها النووي هدفه الوحيد توفير الطاقة لسكانها وبين غياب الجدوى الاقتصادية لتخصيب اليورانيوم على اراضيها اذ انه يكلف اكثر مما لو أرادت استيراده. ووضع صورة قاتمة للوضع في ايران وحملت موسكو بشكل مباشر على التصريحات العنيفة الصادرة quot;باستمرارquot; عن طهران حيال إسرائيل وانها تحرج الدبلوماسية الروسيةلأنها ndash; على حد تعبير ها - تصب الزيت على النارquot;. وذكرت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الاميركية ان لافروف وزير الخارجية الروسى ابلغ نظيرته الاميركية كوندوليزا رايس ان روسيا لن تعترض على اللجوء إلى مجلس الأمن مع أنها كانت حتى الآن تؤيد ابقاء الملف بين يدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.تذبذب الموقف الروسى مرجعه
ان روسيا منذ وقت طويل تعتبر حليف ايران التقليدي الذي تبني له اول محطة نووية في بوشهر على الخليج العربى لكنها شددت لهجتها خلال الاسابيع الماضية اثر ما تعتبره تصلب الموقف الايرانى.لهذا تأتى التحركات الايرانية الاخيرة لطهران لمحاولة جذب روسيا الى موقفها بمغريات اقتصادية فى نفس الوقت الذى ارسلت فيه اسرائيل وفد رفيع المستوى الى روسيا لاقناعها بخطورة النظام الايرانى ليس على امن اسرائيل وحدها بل على الامن فى العالم ووفود اوربية تسعى لنفس المسعى الاسرائيلى حتى صارت موسكو هى قطب التحركات الدولية بشان الازمة النووية الايرانية.
واقع الامر ان هناك اتجاهين يتجاذبان الموقف الروسى بشأن تلك الازمة موقف تتخذه الخارجية الروسية وهو مؤيد للمساعى الغربية وموقف تتبناه وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية الروسية التى تتعاطف مع المكالب والحجج الايرانيةلكن بوتين لم يفصح بعد عن الموقف النهائى لروسيا بعد.


عبدالعظيم محمود حنفى
الخبير فى الدراسات الاستراتيجية
مدير مركز الكنانة للبحوث والدراسات القاهرة