يقول اهل الفكر، ان لكل زمان، مصلح ونبي، ولكل نبي معجزة، تكون محور اصلاحه و هدايته للامة التي يبعث لها،القوة والرياضيات الروحية والفكرية مثل الفنون السحرية و العلوم الفلكية والقدرة الهندسية المعمارية هي الفن السائد في المجتمع الفرعوني، ولهذا كانت العصا السحرية والقوة البدنية والفكرية هي معجزة النبي موسى (ع) في أصلاح المجتمع الاسرائيلي وتحريره من السطوة الفرعونية.
القدرة الطبية في شفاء المرضى وسلاح المحبة هي معجزة النبي عيسى (ع) في أصلاح المجتمع الكنعاني وتحريره من السطوة الاسرائيلية والانطلاق به كفكر أنساني عالمي بفضل تعاليم المحبة والايثار والسلام.
الفصاحة، ومبادئ الخلّق العظيمة، وسلاح الرحمة كانت هي المعجزة التي بعث بها رسول الرحمة محمد (ص) في أصلاح المجتمع الجاهلي وتحريره من العصبية القبلية و أنطلق بالقران العظيم و بمبادئه الاخلاقية لتحرير البشرية من أعتى الامبراطوريات الرومانية والفارسية.
لكل جيل مصلح، يكسر قيود التحجر ويحرر شعبه من الجهل والفقر، ولكل زمان ثائر يكسر قيود الديكتاتورية، يحرر مواطنيه من التسلط والفردية المقيتة، و لكل عصر نكهة ومذاق خاص يتذوق بها الثائرين والمصلحين، نهج معين لتغيير مجتمعاتهم نحو الكمال.
فزمان الثورات الحمراء،لايصلح فيه ان يقوده الكواكبي والافغاني، فجيل جيفارا، لا يتذوق الا كتب حرب العصابات لماستي تونغ،ودعاة الثورات الزراعية والصناعية و لا يمكنها أن تنتظر رسائل (الاسدأبادي) حتى تبلغ تأثيرها،وتقوم بأنقلاب عسكري في تغيير الواقع.
وجيل الثورة البرتقالية والزرقاء لا يمكنه أن يحكمه العقلية البوليتارية، والحزب الاوحد والنظام المركزي الذي يتدخل في كل مرافق الحياة من الاسرة الصغيرة الى مؤسسات الدولة العسكرياتية.
فجيل ثورة الاصبع الازرق لا يمكن أن تكسر قيوده،بمنهج الدم والروح الثائرة والفوضى البناءة، فلكل زمان نكهته ومذاقه و أسلوبه الخاص، فجيل ثورة الحجارة قرر أن يكسر قيوده بمعجزة العصر (صندوق الاقتراع )، وجيل كربلاء قرر أن يكون أصبعه الازرق هو المعول الذي يحطم به الاغلال.
فأعراس الشعوب هي حين تتوجه الى صناديق الحرية و تقرر بأرادتها من هم مصلحيها، و زمان لغة الدبابات التي تختلس ليلا لتجعل من نهار شعوبها عرسا جديدا تبتهج به، هذا الزمان ولى وانتهى لا رجعة فيه.
و الشعب الذي لا تكون لغة حريته صندوق الاقتراع لا يستحق ان يحترم بين الامم الأخرى، والشعوب التي لا تنجب مصلحيها من صندوق أقتراع لا تجد لها مكانا مناسبا بين حكماء العالم.
فزمان القرية الكونية الصغيرة وتقنية المعلومات وسرعة انتشارها و أستحالة تزويرها لا يمكن أن تحكمه عقلية المنظمة السرية ودولة المخابرات الحديدية ومؤسسات الحرب النفسية والاشاعة وأجهزة تشويه الحقائق، وزمان الفضائيات والانترنيت والثقافات المتداخلة قد حرر صندوق الاقتراع من عقلية الفكر الاوحد، وجعل منه حكما وقاضيا ومرجعا تطمئن له الشعوب في كسر قيودها و التحرر من طغاتها.
فالمعجزة التي حققها الشعب الفلسطيني بيوم واحد من صندوق الاقتراع،أختزلت عشرات السنين من الكفاح الثوري المسلح لمنظمة فتح، والشرعية التي أكتسبها من صندوق الاقتراع وهو في ظل الاحتلال الاسرائيلي هي التي ستقرر مصيره رغم عشرات القرارات التي شرعتها له المنظمة الدولية، والرجال الذين تمخضوا من صندوق الحرية رغم عداء القريب والبعيد لهم سيكونون هم اقدر لتحويل حلم الشعب الفلسطيني الى حقيقة واضحة العيان.
والمعجزة التي حققها الشعب العراقي بصندوق الاقتراع و جعلت منه مارد الحرية، قهرت عشرات السنين من عهود جمهورية الخوف رغم القدرة التنظيمية لخلايا الرعب الهرمية التي تعمل تحت أرض وادي الرافدين. والشرعية لمؤسسات الدولة المدنية التي حققها من صندوق الاقتراع رغم تهديدات الخلايا النائمة بتفجيرها هي التي ستحقق له الرفاهية والعدالة، والمرجعية الدستورية التي تمخضت من صندوق الاقتراع رغم الحرب النفسية للفضائيات الصفراء له والكيل بمكيالين بين صندوق الحرية لشعب النخيل وصندوق السلام لشعب الزيتون هي التي ستبعث الروح العراقية من جديد من أرض الحضارات لوادي ما بين النهرين،و تجعل من صندوق أقتراعه معجزة العصر و لغة الزمان الامثل بين الشعوب المتلهفة للحرية و المتعطشة لكسر قيود الظلم والتحجر والاستبداد الفردي.

صلاح التكمه جي
[email protected]