المتابع لتصريحات الرئيس مبارك حول العراق الاخيرة منها أوالسابقة، يستنتج أن للعراق وشعبه مرارة في وجدان الرئيس المصري، وأن العراق أصبح علقما لا يتجرع، خصوصا حينما هبطت النعوش الطائرة في مطار المحروسة وما تبعها من تداعيات من حرب الخليج الثانية والثالثة ومن قبلها الاولى..الخ.
والظاهر أن قبل وصول الجثامين المصرية الى مطار القاهرة، كانت كيكة العراق لها حلاوة ومنبع مجاني لمليارات الدولارات، تدخل في ميزانية حكومة مبارك دون عناء وجهد، فمحرقة قادسية رمز العروبة،كان جل حطبها،من 65 % للشعب العراقي ( شيعة العراق )الذي تحدث عنهم مبارك في تصريحاته للعربية واعتبر ولائهم المطلق لأيران وليس لبلدانهم

أن حرب البوابة الشرقية، أصبحت فرصة لا تعوض لحكومة مبارك، فهي أستنفرتكل قواها الحكومية و الشعبية، فالقادة العسكريين المصريين يد بيد مع قادة صدام العسكريين، في اشعال فتيل حرب الخليج وارسال الملايين من شيعة العراق ليحاربوا الدولة التي يكنون بولاءهم لها (حسب تصريح مبارك للعربية)، و القيادة المصرية كانت ترسل عوضا عن كل عراقي يرسل لمحرقة القادسية ضعف عدده من المصريين، وذلك لسد فراغ اليد العاملة في العراق و بنفس الوقت حتى تملئ الخزينة المصرية بدولارات الشعب العراقي المحروم منها، فتقديرات المراقبين تذكر أن عدد المصريين البدلاء وصل الى مايقارب 4 ملايين مصري في فترة حرب الخليج الاولى، وكان كل مصري يرسل لبلده نتيجة عمله في العراق ما يقارب 30 دينار عراقي كحد أدنى، أي يعني ما يقارب 100دولار آنذاك، أي ما يعادل 400 مليون دولار ترسل شهريا من قوت غالبية الشعب العراقي، خدمة وولاءا للرئيس مبارك،( والذي نعتهم هم وشيعة المنطقة بالطابور الخامس الايراني ).

وحين انتهت محرقة القادسية وعاد( ولد الملحة) (الشباب العراقيين) الى منازلهم، فوجئوا بأن لا حق لهم في العيش، فسيد العمل هو( الجدع المصري) ورجل الشارع الذي لايرفع له حجاب هو ابن الرئيس مبارك، واصبحت الشعارات التي ترفع في الشارع العراقي وحتى في ملاعبههي المجد لمصر ورئيسه المبارك، وانفجر الموقف حين شاهد العراقي أن المصري أصبح بديلا له حتى في الفراش بتزويج الارامل العراقيات من المصريين والفضيحة الكبرى التي فجرها الاعلام حين بدأت تساق نساء الشعب الكردي الى ملاهي الاهرام، هناك أرتفعت الصيحة وبدأت المواجهة وانفلتت زمام الامور حتى من قبل حارس البوابة الشرقية (صدام العرب)، وبدات النعوش الطائرة تصل تباعا من ارض الرافدين الى مطار القاهرةثأرا لما تعرض له الشعب العراقيمن مهانة.

بعد سكون غضب الشعب العراقي، ثارت حفيظة الرئيس مبارك وذاق مرارة لا زالت تصاحبه، كل ما تلفظ بأسم العراق وشعبه، واصبح يتحين الفرص، لرد صاع صاعين وذلك لفقدان خزينته هذا المبلغ الضخم الذي كان يدر على أرض المحروسة من ارض الرافدين. و بالفعل عوض عن تلك الخسارة بالتعويضات التي أقرتها الامم المتحدة للمصريين الفارين نتيجة حرب الخليج الثانية وذلك مكافأةَ من العامل الدولي و وفاءا
لشعب مبارك في ضربه للبوابة الشرقية.

أستمر الرئيس المصري بتصريحاته السوداوية للعراق واهله، فتصريحاته المتوالية بعد حرب الخليج الثانية، كانت غالبيتها تحمل عقدة مستئصله في العقل الباطن للرئيس المصري، فتصريحه الذي حذر الامريكان بعدم مهاجمة العراق وعدم الاجهاض على طاغية العراق واسقاطه وذلكحتى لا تفتح أبواب الجحيم (حسب تعبير حسني مبارك)، وفعلا حدث المحذور، فرغم محاولات اجهزة مبارك السرية بفتح التطوع لألاف المصريين في حماية الطاغية صدام من السقوط. واستنفرت قوى واجهزة الرئيس المصري بسد الفراغ المحتمل نتيجة سقوط المؤسسة الفاشستية في العراق، وفعلا فتحت أرصدة لقادة البعث العراقيين في مصر و ذلك دعما لأستمرار عملهم الارهابي بأجهاض العملية السياسية في العراق، واستنفرت وسائل الاعلام المصرية خدمة لما يسمى بالمقاومة الشريفة والتي تفجر أجساد العراقيين برجالاتها الانتحاريين، القادمين من العمق العربي للبوابة الشرقية.

لم يكل ولم يتعب الرئيس مبارك من تصريحاته المتشائمة للعراق، وحاول بكل جهده لتغيير السياسة الامريكية، أتجاه العملية السياسية في العراق وذلك حين قام بسفراته المكوكية لارض العم سام، ولعل أكبر انجاز قدمه لحليفه الاسبق حارس البوابة الشرقية عندما أرسل موظفه المطاع عمرو موسى في الايام الاولى لسقوط صدام ليصدر تقريرا عن الوضع العراقي بأسم الجامعة العربية، وفوجئ المراقبين أن التقرير يحذر من الشيعة والاكراد ويوصي بعدم اعطاءهم فرصة في حكم العراق.

واستمرت تصريحات مبارك المرة أتجاه العراق تتوالى، ففي مقابلة سابقة له للعربية ذكر انه عاش في العراق 6 اشهر حين كان يتدرب على الطيران في معسكر الحبانية، ووجد شعبا معقدا صعب المراس، لا يمكن السيطره عليه الا بالقوة ولديه تجربة قاسية مع العراقيين حين عاش معهم.

الا ان تصريحه الاخير أعتبرته الوسائل الاعلامية، قنبلة من العيار الثقيل كما وصفته أحدى الصحف الخليجية، والحقيقة أن تصريحه هو لغم أنتحاري من مبارك لا يفرق كثيرا عن ألالغام البشرية الانتحارية المهداة من الزرقاوي لشيعة العراق وغيرهم، ويذكرني هذا التصريح برواية حدثني بها أحد المسؤولين العراقيين بندوة عقدها في لندن، وذلك حين سئلته: ممكن تحدثونا عن ما جرى في لقاءكم مع الرئيس المبارك؟ أجاب المسؤول العراقي((الذي رفض ذكر أسمه حين تنقل الرواية لوسائل الاعلام) أن أكثر
ما أثار أستغرابي هو جواب الرئيس مبارك وذلك حينما طلبت منه موقف واضح في حماية البوابة الشرقية ودعم العملية السياسية في العراق. فاجابه الرئيس مبارك: ( ياسيدي البوابة الشرقية بتاعتكم، طلعت مخرومه، وما فيش فايده فيها )

ثم عقب المسؤول العراقي ( لو كان منطق اكبر زعيم عربي بهذا الاسلوب، فلا عتب على منطق التكفيريين بأرسال رجالهم الانتحارييين لتفجير أجساد العراقيين حتى يحصلو على وجبة غذاء مع الرسول والصحابة)

وفي الحقيقة أن بوصف مبارك، لشيعة المنطقة طابور خامس للايرانيين كان تصريحا أنتتحاريا سيفجر ملفات مسكوت عنها، وتساؤلات مطلوب الاجابة عليها بشكلواضح و صريح خصوصامن الذي اطلقها، ولعل أهم تلك التساؤلات الموجهة للرئيس المصري هي: هل لك أن تفسر لنا ياسيادة الرئيس مبارك كيف يمكن للشعب العراقيالذي هو غالبيته من الشيعة( وكما أدعيت يشكلون 65% من سكانه) يحارب أيران ويحاول أن يسقطها وهو عميل لهاويعتبر في نظرك طابور خامس لها؟

وهل لك أن تفسر لنايا سيادة الرئيس مباركأن الارض العربيةالوحيدة ( جنوب لبنان) التي حررت بعز وكرامة من يد الاسرائيليين هي على يد شيعة المنطقة( حزب الله ) وليس بيد غيرهم هذا التحرير الذي اصبح فخرا لكل عربي.

اذا كان هم طابور خامس وليس لهم ولاء لأرضهم ( كما تدعي) فكيف يمكن لهم ان يحرروها؟

و هل لك أن تفسر لنا ياسيادة الرئيس مبارك، كيف يمكن أن تتنعم غالبية الشعوب العربية وحكوماتها
من النفط العربي، وأن أهل هذه المناطق هم طابور خامس للفرس وغيرهم؟ حيث غالبية الاراضي التي تستقر عليها شيعة المنطقة سواء في المنطقة الشرقية للسعودية أو جنوب العراق يصدر منها ما يقارب60 % من النفط العربي. فاذا كان ليس لشيعة المنطقة ولاء لحكوماتهم فلماذا لا يخربوها ولا يدعون المنطقة والحكومات العربية تستفيد منها؟

بلا شك أن هذه الاسئلة وغيرها و التي سيطرحها كل المنصفين،سينتظرون أجابتها في المقابلة القادمة للرئيس مبارك مع العربية أو غيرها؟

صلاح التكمه جي