اثار اعدام الدكتاتور العراقى صدام حسين العديد من ردود الفعل الرسمية والشعبية،والتى تباينت بين

لعب صدام دورا متميزا فى اهدار ثروات وقدرات العراق،التى كانت تؤهله لآن يصبح فى مصاف الدول القوية،لان العراق امتلك الثروة والكادر الوطنى،فما كان من صدام إلا أن شن حربا ضد ايران(بصرف النظر عن موقفنا من هذا البلد وسياساته،التى لم تفرض علي العراق حرب) وخسر العراق ثرواته
مؤيد ومعارض،بل واحيانا معارض للتوقيت دون التصريح عن موقف من الحدث نفسه.وأعتقد انه لابد فى البداية حتى يكون الحوار مثمرا أن نتفق على بعض المبادئ التى قد تمكننا من التوصل إلى موقف تجاه هذا الحدث.

أولا: المعارضون لاعتقال ومحاكمة ومن ثمة أعدام صدام لم يتمكنوا من نفى الأتهام الموجه له منذ أكثر من ربع قرن بأنه ديكتاتور دموى فاشى،لم يكن يجيد فى لعبة الصراع السياسيى سوف تصفية معارضيه،بل أنهم لم يتعرضوا لهذا الأتهام بالبحث والتدقيق.وليسمح لى الأخوة بالقول انه من المعروف أن صدام حسين ومنذ بداية الثمانينات قام شخصيا او وقع قرارات بتصفية معارضين له ينتمون إلى التيارات الدينية واليسارية والقومية،بل وحتى قيادات بعثية اختلفت مع سياساتها،وتتردد اقاويل بأن صدام شخصيا قتل أكثر من 34 قيادى بعثى من معارضيه.وكان حكم الأعدام فى العراق هو الأكثر رواجا من وجبات الهامبورج،بل كان من الطبيعى أن تجد اشخاص قد حكم عليهم بالأعدام عدة مرات،وفى أطار اكتمال اللوحة العبثية تلزم اسرة الشخص الذى يعدم بسداد مصاريف الأعدام والدفن وما إلى ذلك!!!
ومما لاشك فيه أنه فى ظل حكم دموى فاشى ستختفى كافة أنواع الجريمة التى يقوم بها من هم خارج السلطة،وسيختفى حق المواطن ليس فقط فى التعبير عن رأيه،وانما ايضا فى الأعتراض على غلاء الأسعار،او سوء الخدمات لان هذا الأعتراض هو الطريق للأعتقال و التعذيب و الأعدام.

ثانيا: لعب صدام دورا متميزا فى اهدار ثروات وقدرات العراق،التى كانت تؤهله لآن يصبح فى مصاف الدول القوية،لان العراق امتلك الثروة والكادر الوطنى،فما كان من صدام إلا أن شن حربا ضد ايران(بصرف النظر عن موقفنا من هذا البلد وسياساته،التى لم تفرض علي العراق حرب) وخسر العراق ثرواته، وابناءه فى هذه الحرب التى لم تستفد منها سوى الولايات المتحدة،بل انه جر العراق إلى لعبة سياسية بأحتلال الكويت،منحت واشنطن المبرر للتواجد عسكريا فى المنطقة.

ثالثا : كشفت جولات المفتشين الدوليين فى العراق والحملة العسكرية الأمريكية،عن أن نظام صدام لم يبنى جيشا وطنيا قويا مجهز بالعتاد،وانما اقتصر الأمر على مجرد شعارات وهمية،وعنتريات قومية احيانا ودينية احيانا اخرى، تجعل من الصعب عليك تحديد توجهات هذا النظام.وما ان تعرض العراق لهجمة أمريكية حتى سقط خلال اسابيع معدودة.بل أن حربه ضد أيران كانت دليلا على أنه لم يكن فى آولويات نظام صدام بناء جيش قوى.مما يثير تساؤل حول مصير مليارات الدولارات التى قيل انها انفقت على بناء ترسانة عسكرية عراقية؟؟؟؟

رابعا : تعامل صدام مع الملف الكردى،وأكتفى بالأشارة لهذا الملف لأنها كافية للدلالة على حجم الكارثة التى سببتها سياسات هذا النظام الدكتاتورى الدموى،وهنا يوفر الدكتاتور جهد المعارضة لأن ما قام به هذا النظام من فظائع كافى لأدانته وتوحيد الجهود ضده،واذكر فى تلك المرحلة أن قطاعات واسعة من الرأى العام الغربى لم تكن تصدق ما ينقل عن دموية هذا النظام،وتعتبر ذلك من مبالغات المعارضين.

ولكن...ولكن...ولكن... صدام لم تتم ازاحته من السلطة واعدامه بيد اصحاب الحق، وانما بيد من استخدم نظام صدام لتحقيق أغراضه، وزجوا بالعراق فى حروب لحماية مصالحهم، بل وانقذوا هذا النظام فى بداية التسعينيات من السقوط لانه مازال صالح للخدمة،لقد ازاح الأمريكيون صدام بعد أن انتهت مدة صلاحيته، وقرروا التخلص منه،لانهم يحتاجون لتراكيب جديدة تحقق مصالحهم...مما يعنى بالضرورة أن المشكلة لم تحل بعد، والأزمة مازالت قائمة، وحقوق ومصالح الشعب العراقى مازالت مهدورة.
لايمكن الأنكار بأن صدام كان كارثة بكل المقاييس ولكن جوهر المشكلة ليس فى وجود أو غياب صدام، وانما فى القضاء على من كان يستخدم نظام صدام، ثم قرر تصفيته لانه لم يعد مفيدا، واستبدله بوضع طائفى مريض،يقسم البلاد إلى شيعة وسنة.. مسيحيين ومسلمين..الخ.

مازن عباس

موسكو