الآن.. الحكم الديني يعني سقوط الدولة وتفتتها


اجتاحت القوات الأثيوبية الصومال، أسقطت المحاكم، بنفس سلاحها، المقاتلون الأجانب. شهور قليلة

في مصر بوادر تجربة مماثلة، تتصور في نفسها القوة، تتحدي سلطة الدولة، الفساد المستشري أغراها برفع شعارات استمالة الناقمين، هِرَم النظام جرأها. بوضع اليد سيطرت علي شوارع وجامعات ونقابات، تغلغلت باسم التجارة وفعل الخير، أساءت لكل من فكر علي خلافها
أمضتها المحاكم فيما يشبه السلطة، كررت الخطاب العتيق، المتشنج، المانع، الرافض، تجبرت رغم هشاشتها، طالبت الشعب بالصمود، فرت وهربت. الفضائيات لم تكذب، علي الملأ أذاعت مظاهر الفرحة بسقوطها، قهرت شعبها باسم الدين، استنجدت به بعد أن اِكتُسِحَت، هكذا كل جبار متسلط، تحت أي شعار، من أجل الشعب البطش وبه الاستغاثة عند الغرق.


قبلها كان إقصاء طالبان بعد أن قدمت نموذج يستحيل أن يُحتذي. بنفس الإخراج، أُبعد حزب الله عن جنوب لبنان، أُجلي عن أرضٍ كان يعتبرها حصنه وملاذه، يتغني بالنصر عن بُعد، بالمراسلة، يطالب بالثمن من استقرار لبنان ووحدته، يلعب بشارعٍ يسوده التقلب والغوغائية.


وبمحنة الجلوس علي كراسي السلطة اِبتليت أيضاً حماس، انتخبها الشعب أملاً في الخلاص، لم تستوعب العصر، اتشحت بنفس سلاح القهر، باحتكار الصواب، برفض الآخرين، بإنكار التاريخ، المعاهدات، الاتفاقيات. العالم الآن شديد الحساسية لهذا الخطاب، لا يصدقه، لا يثق به، يري فيه التنمر عند المقدرة، الخيانة المبررة.


في مصر بوادر تجربة مماثلة، تتصور في نفسها القوة، تتحدي سلطة الدولة، الفساد المستشري أغراها برفع شعارات استمالة الناقمين، هِرَم النظام جرأها. بوضع اليد سيطرت علي شوارع وجامعات ونقابات، تغلغلت باسم التجارة وفعل الخير، أساءت لكل من فكر علي خلافها، سلاح الدين مُشهر، به تمنح وتمنع، تبيح وتحلل، تقود المطحونين لويلات أكبر منهم. ما أخطر سيطرتهم أو حكمهم، المعاهدات التي ينكرونها ستهدر أرضاً غالية، إنكار المواطنة سيمزق الوطن، لا يملكون إلا كلام براق خادع وتاريخ محدود النماذج بالهوى يروونه وواقع بائس يائس فقير معدم، العالم يمتلك القوة والمقدرة، الشعب هو الضحية، مصر الدولة. ليعطوا الفرصة ليجربوا، كيف وهم لا يقدمون إلا هلاميات تثير الفزع، صراخ، تتطاول، تهديد، وعيد، لا مجال للتجربة، سوف تكون الأخيرة وبعدها الانهيار والتفتت.


بنك فيصل قدم النموذج، نظام قَبَلي يستبعد المخالفين في الديانة، يستغلهم ولا يسمح بمشاركتهم في اتخاذ القرار، في الحكم، كله باسم الدين. الوضع خطير، لا نملك ترف المجاملة، إخفاء الحقيقة والمخاوف، الدفاع عن أنظمة فيها عظات كل عاقل، الترويج لمن يرون أنهم الحل، ليسوا إلا الدمار علي عجل، الخروج من التاريخ والجغرافيا.


ا.د./ حسام محمود أحمد فهمي