تحتم الأحداث الدولية على المسلمين أن يتحدوا، ويقفوا صفاً واحداً، السنى بجانب الشيعى، ناسين خلافاتهم، متجاوزين تباين آرائهم فى بعض المسائل التى لا تمس الاعتراف بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولا، وبالقرآن الكريم ndash; وحى الله ndash; دستوراً، فالاختلاف فى التفسير والتأويل وقبول بعض الأحاديث ورفض البعض الآخر يمكن التجاوز عنه، وهو لا يفسد للود قضية فى هذه الظروف، خاصة وأن الصراع الدولى يوجب عليهم الوقوف صفاً واحداً، وإلا أُكِلوا واحداً بعد الآخر، ويومئذ ينطبق عليهم المثل الشعبى القائل : quot; أُكِلْتُ يوم أن أُكِلَ الثور الأبيض quot;.

ينبغى أن ندرس التاريخ دراسة جيدة، فنتعلم وندرك أن من الأسباب الرئيسية لضياع الأندلس، هو اختلاف المسلمين وتناحرهم، وتحالف بعضهم مع العدو ضد إخوانهم المسلمين، مما فتت قواهم، فأصبحوا لقمة سائغة، التهمها العدو، الواحد تلو الآخر، حتى استؤصلت شأفتهم من الأندلس. لانريد أن تتكرر هذه المأساة، ولا يحب أحد من السلمين أن يرى هذا المشهد مرة أخرى، ولذلك يجب أن يتحاور السنيون مع الشيعة، ليصلو إلى تكوين جبهة صلبة، تتمكن من مقاوة هذا الزحف الجارف على ديار الإسلام، الذى لن يبقى ndash; لا قدر الله ndash; على سنى، ولا على شيعى، فلنبدأ الحوار السنى الشيعى اليوم قبل غدٍ، على أن تشتمل أجندته على النقاط التالية :
1.
إحياء لجنة التقارب بين المذاهب التى دعا إليها فى منتصف القرن العشرين : الشيخ محمود شلتوت، وآية الله القمى، بحيث يكون نشاطها:
- إبرازَ مسائل الاتفاق فى الفقه والتفسير والحديث، فى صورة كتب وأبحاث تُنْشَر بين أنصار الطائفتين لخلق وعى عام بضرورة الوقوف جبهة واحدة أمام الأخطار الخارجية.
- الدعوة إلى نسيان الماضى بما فيه من أحقاد وكراهية بين التيارين.
- التركيز على وجوب التعاون والوحدة بين الفريقين، كى يستطيعوا مواجهة الهجمات الشرسة التى يتعرضون لها من مختلف القوى العالمية.
2 - عقد اتفاقات ثقافية بين الجامعات الإسلامية فى المجتمعات الشيعية ونظيراتها فى المجتمعات السنية، لتبادل المنح الطلابية، حتى يتخرج جيل يعرف كلٌّ ماعند الآخر من تفسيرات وتأويلات للنصوص الدينية، وكذلك لتبادل زيارات الأساتذة والباحثين لخلق جو علمى أكاديمى بين الفريقين، بعيداً عن المزايدات المذهبية، والانفعالات الوجدانية.
3 عقد ندوات ومؤتمرات للحوار بين الجانبين، يركز فيها على التواصل والتعاون، ويعلن فيها أن كلاًّ يعترف بالآخر، ويحترم رأيه، حتى يكون دافعاً لأصحاب القرار على اتخاذ ما يلزم للتقارب والتعاون على المستويات : الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، كى يظهر المسلمون أمام العالم بأنهم جبهة واحدة، وأنهم يتعاملون مع بعضهم بأسلوب حضارى، دعا إليه الإسلام، وإن اختلفت وجهات نظرهم فى تفسير وتأويل النصوص المقدسة ومما لاشك فيه أنه، إن حدث هذا، ستكون له آثار بعيدة المدى فى مجال الحوار الدينى مع غير المسلمين على المستوى الإقليمى والدولى.
4. تدريس المذاهب الإسلامية ndash; الفقهية، والكلامية، والفلسفية وغيرها ndash; بشعبتيها ndash; السنى والشيعى ndash; فى كل الجامعات الإسلامية.
ولن يتحقق هذا إلا إذا قام زعماء المؤسسات الدينية، وعلى رأسهم ndash; بل وفى مقدمتهم - شيخ الأزهر بمبادرة تجمع زعماء الطائفتين ndash; الشيعة والسنة ndash; فى العراق على مائدة المفاوضات، بحيث ترتكز على الأسس التالية :
نسيان الماضى وتجاوز ماحدث من مواجهات عبر التاريخ الإسلامى.
middot; جمع الطائفتين حول هذه المبادئ :
أzwnj;. الإيمان بالله الواحد.
بzwnj;.
التصديق برسالة محمد t.
تzwnj;. الإيمان بنصوص القرآن الكريم، بل بكل حرف من حروفه.
ثzwnj;. قبول السنة العملية، والأحاديث المتواترة.

هذه هى الأصول التى تجمع الطوائف الإسلامية كلها، وما عدا هذا من تفسير لنصوص القرآن الكريم وفهمه، واستنتاج للأحكام الشرعية، وتنوع فى قبول الحديث ورفضه على أساس الشك فى صحة نسبته إلى النبى r فهو خلاف فى الفروع، لايفسد للود قضية.
فإذا لم يقم زعماء المؤسسات الدينية بهذا الواجب، فهم مفرطون فى الالتزام بتعاليم القرآن الكريم التى نص عليها قوله تعالى :
quot; وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحو بين أخويكم...... quot; [1]

وليتذكر المسلمون ما حدث لإخوانهم فى الأندلس، حيث كان الأخوان يتقاتلان، وكان يستعين أحدهما بالعدو ndash; بل كان العدو هو الذى يشجعه على ذلك ndash; على أخيه، حتى أكله العدو هو بعد القضاء على أخيه، مما أضاع سلطان المسلمين كلهم فى الأندلس، واندثر ملكهم. فما أشبه الليلة بالبارحة، وصدق الله تعالى إذ يقول : quot; ولا تنازعو فتفشلوا وتذهب ريحكو. quot;

أ. د. محمد شامة