في عقد الستينات والسبعينات من القرن العشرين نشطت الدعوات الى الوحدة العربية كدول وشعوب وكان الهم العربي واحد ونشطت في نفس الفترة الدعوة الى التضامن الاسلامي، أما اليوم فنجد أن الدعوات الى الوحدة الوطنية على مستوى الدولة الواحدة فقط.

كان هناك من بين الحاضرين بعض المندسين الذين أخذوا يرددوا شعار quot;شيعهquot; فرد عليهم بالقول هذا الشعار quot;مرفوضquot;، أما تكرارهم بالقول quot;صدام حسينquot; فكان سائداً أثناء إلقاءهِ الخطاب فحين قام بذكر أسماء بعض الشهداء الفلسطينيين تكررت نداءات الجماهير بالقول quot;صدام حسين
كأن لسان حالهم يقول مالنا ومال دول الجوار وهو تأكيد على الهوية الوطنية في نطاقها القبلي أو المجتمعي الضيق ضمن إطار الدولة الواحدة quot;الجغرافية والسياسيةquot;، وهي من نتائج التقسيمات الإستعمارية للدول العربية وإتفاقيات quot;سايس بيكوquot;، ياله من فرق كبير بين الأمس واليوم وبين زعماء الأمس وزعماء اليوم وبين مواطني الأمس ومواطني اليوم.

بمناسبة الذكرى الثانية والأربعون لإنطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة فتح إحدى أكبر الفصائل المندرجة تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس quot;أبومازنquot; في خطابه العديد من الفقرات التي ندعوا للتركيز عليها بالتحليل والدراسة لمن يريد أن يتعرف على شخصية قائلها ولاسيما أنه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في هذه الحقبة الهامة من تاريخ القضية المركزية.

من أهم هذه النقاط مايلي:

الدعوة الى قيام سلطة وطنية واحدة وقرار واحد وسلاح واحد فإذا لم يكن الأمر كذلك فإنه لن تقوم لهذا الشعب قائمة.
إن الوحدة الوطنية ينبغي أن تقوم على التعددية نظراً لإختلاف العقائد والأديان والمذاهب السياسية في فلسطين.
حكومة وحدة وطنية على أساس الوفاق الوطني ووثيقة الأسرى.
قبول الطرف الآخر ولا للإقصاء ولا للفئوية ولا للحزبية ونعم للطرف الآخر حتى لو كان يختلف معي في quot;الفكر، والرأي، والموقفquot;.
التأكيد على أننا جزء من هذا العالم وقال نعم لسلطة تحترم إلتزاماتها وتحترم المجتمع العربي والدولي.

وفي أثناء حديثه الطويل أكد على أهم الثوابت الوطنية التي عدد بعض منها كما يلي :

الإستيطان بداية ونهاية غير شرعية.
لانقبل بدولة ذات حدود مؤقتة.
لاتنازل عن شبر واحد من القدس.
لا للتوطين.
لا للمساومة على قضية اللاجئين.
منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وذكر في خطابه العديد من النقاط الهامة والتي شدد عليها ومنها الفلتان الأمني وماتقوم به الميليشيات لأغراض غير سامية وصوَّر كيف كان الرد على مطالبته بالإنتخابات الرئاسية والتشريعية بالعنف والرصاص.

وتحدث عن رفضه للحصار وإنه ظالم وأكد على القبول بالديموقراطية بالقول quot;رضينا بالديموقراطية ولكن عوقبنا عليهاquot;، وحث الشعب الفلسطيني على عدم إطلاق الإتهامات فيما بينهم بالقول quot;لا إتهام بالخيانة أو العمالة أو الكفر أو نحو ذلكquot;.

كما شدّدَ quot;أبومازنquot; على أن الكل من أجل الوطن وفي سبيل الوطن وشدّدَ على حرمة الدم الفلسطيني وذكر الحديث الذي يقول quot;القاتل والمقتول في النارquot;، كما أكدّ على مشروعية مقاومة الإحتلال ولكنه في الوقت نفسه شدّدَ على السلام أي سلام، quot;السلام القائم على العدل والإنصافquot;، وأكدّ للدول الغربية التي تمارس quot;سياسة الكيل بمكيالينquot; بالقول quot;كفى للكيل بمكيالينquot;.

وشدّدَ على عدم الإختلاف وذكر الآية الكريمة quot;وأطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واٌصبروا إن الله مع الصابرين quot; الأنفال الآية 46.

وقال إن الشعب الفلسطيني لايعيش في جزيرة منعزلة عن العالم وإنما نحن من هذا العالم ولابد من التوافق معه.

وتساءل!!، كيف حولت القضية الفلسطينية من قضية وطن الى قضية لاجئين؟ وكيف حولت أيضاً من قضية وجود الى قضية حدود؟، وفي أثناء خطابه كان هناك من يطلق النار فقال quot;إطلاق النار مرفوضquot; وبعد أن إشتدّ إطلاق النار بين الحين والآخر أمر السلطات الأمنية بإسكات مصدر هذه النيران.

كان هناك من بين الحاضرين بعض المندسين الذين أخذوا يرددوا شعار quot;شيعهquot; فرد عليهم بالقول هذا الشعار quot;مرفوضquot;، أما تكرارهم بالقول quot;صدام حسينquot; فكان سائداً أثناء إلقاءهِ الخطاب فحين قام بذكر أسماء بعض الشهداء الفلسطينيين تكررت نداءات الجماهير بالقول quot;صدام حسينquot;، وكذلك عندما طالب الرئيس جلال الطلباني بالعمل على وقف المجازر بحق اللاجئين الفلسطينيين في العراق وحمايتهم مما يتعرضوا له من إضطهاد وتهجير.

وأثناء خطابه الطويل كرر بعض الآيات القرآنية مسترشداً بها فمثلاً ذكر قوله تعالى quot; ولاتكونوا كالذين تفَرقوا واٌختلفوا من بعد ماجاءهم البيّنت وأولئِك لهم عذاب عظيم quot; آل عمران الآية 105.

وفي موضع آخر ذكر قوله تعالى quot; من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ولقد جاءتهم رُسلنا بالبينت ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون quot; المائدة الآية 32.

وقبل نهاية خطابة إختتم حديثه بقوله تعالى quot; إنما المؤمنونَ إِخوةُُُ فأَصلِحوا بين أخويكُم واٌتقوا الله لعلكم تُرحمونَquot; الحجرات الآية 10.

من يتفكر في هذا الخطاب يلاحظ أنه خطاب معتدل ومتوازن ويتسم بالموضوعية والحياد والبعد الديني والإبتعاد عن الفئوية والحزبية كما كرر الدعوة الى التهدئة والتعقل وإعادة اللحمة والتوافق بين أبناء الشعب الفلسطيني الذي يطالب بحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.

لهذا ندعوا جميع الأطراف على الساحة الفلسطينية للتوحد ونبذ العنف والخلافات فيما بينهم لتحقيق مطالبهم العادلة والظهور أمام المجتمع الدولي كأمةُ واحدة من خلال حكومة وحدة وطنية إن أرادت أن يُرفَع عنها الحصار وتعيش بسلامٍ في هذه البقعة من العالم.

مصطفى الغريب