الضربات الاستباقية استراتيجية امريكية قديمة قننت لها احداث ايلول

احدى اهم الاستراتيجيات التي شاعت بعد الحادي عشر من ايلول 2001 هي ما يسمى بالضربات الاستباقية او الوقائية، بمعنى انك تسقط وابلك التنكلوجي العسكري على كل من يفكر في المماطلة معك والمراوغة في الانصياع لمصالحك، او رايته يشكل خطرا امنيا او عسكريا على امنك القومي او مصالحك في مختلف بلدان العالم، وهذا بالضبط ما فعلته الولايات المتحدة الامريكية حينما اختارت ذلك الخيار الذي يعتبر خطوة امنية متطورة لطمانة الداخل الامريكي الذي يعيش هواجس الارهاب.

جميع ذلك لا يكاد يختلف عليه اثنان الا ان ثمة نقطة محددة من يتوخى الدقة فيها قد يجد نفسه يختلف مع الاخرين الذين يعتقدون ان بداية الضربات الاستباقية كانت بعد الحادي عشر من ايلول.

فانه مخطئ من يظن ان تلك الاستراتيجية بدات بعد احداث الحادي عشر من ايلول وانما كانت البداية قبل ذلك بكثير، والكلام على هذا الصعيد يجرنا الى عام ( 1981 ) حينما تم ضرب المفاعل النووي العراقي بسلاح الجو الاسرائيلي خوفا من التهديدات المستقبلية التي يمكن ان يشكلها ذلك المفاعل على اسرائيل، ولا يخفى على احد لغة الدفاع المشتركة بين الولايات المتحدة الامريكية والاسرائيلين.

اضافة الى تلك الحادثة تلوح في افق الضربات الاستباقية الضربة التي وجههتا الطائرات الامريكية لمصنع دواء سوداني كان يعتقد انه ينتج اسلحة جرثومية، وبغض النظر عن صحة الاتهام فان الفعل بحد ذاته يعد في صميم الضربات الاستباقية.

اما النموذج الاكثر اثارة في هذا الجانب هو فضيحة طبس، حينما ارادت حكومة كارتر ان تنقض على الثورة الايرانية الفتيّة آنذاك ونهاية القصة ختام تراجيدي يعرفه الجميع.

ان الكلام في فيما سبق يقودنا الى عدة معطيات مهمة جدا في تطبيق استراتيجية الضربات الاستباقية التي تراهن عليها الولايات المتحدة الامريكية في مستقبلها الامني والعسكري بنفس الوقت :ـ

الاول: ان استراتيجية الضربات الاستباقية لم تكن وليدة الحادي من ايلول بل يمكن رصدها قبل ذلك بكثير، نعم قد يكون ذلك التاريخ شهد اعلان الولايات المتحدة الامريكية عن تلك الاستراتيجية واعطائها جرعة اكثر من ذي قبل ساهمت في تفعلها وخروجها الى سطح الاولويات الامنية بشكل واضح في خطوة توظيفية للحدث كان للدهاء الامريكي دور كبير في استثمارها، بينما خطوات من هذا النوع تجد لها غياب واضح في بلدان العالم الثالث.

الثاني:ان ظاهرة الضربات الوقائية عادة ما تكون مخصصة لتطال بلدان لا تتمتع بخاصية الردع السريع، اي انها تنفذ في بلدان العالم الثالث كالعراق وافغانستان وايران.. ولا تنفع مع بلدان من قبيل فرنسا اوروسيا او الصين او حتى الهند بحكم امتلاكها التكنلوجيا العسكرية المتفوقة وانما وضع استراتيجية امنية من نوع آخر تناسب الخطر الذي تشكله تلك الدول وهكذا ولد مشروع الدروع الصاروخية الكبير والذي يؤكد هذه الافتراضية هو استقصاء بسيط على ابرز الاهداف التي يمكن ان تكون مثال بارز للضربات الاستباقية فان النتيجة ستكون في الغالب اهداف من العالم الثالث.

جمال الخرسان

كاتب عراقي

[email protected]