منذ عدة أيام دشن اتحاد الصناعيين السياحيين الروس حملة ضد المنتجعات المصرية بسبب قيام بعض الشركات المصرية بأعادة بيع حجوزات بعض السائحين الروس،ولابد من القول بأن هذه المشكلة ليست جديدة. وقد شهدت المواسم السياحية السابقة فى المنتجعات المصرية هذا النوع من الحوادث.ولكنها لم تشهد اى تحرك من الأتحاد المذكور.وتأتى هذه الحملة عقب تحرك قام به الأتحاد فى أواخر الصيف الماضى عندما أعلنت اللجنة الوزارية المختصة في إسرائيل موافقتها على اقتراح بإلغاء تأشيرات الدخول للسياح القادمين من روسيا وكلفت وزارة الخارجية ببدء مباحثات مع الجانب الروسي لإعداد اتفاقية بهذا االصدد.وطالبت اللجنة في قرارها السلطات الروسية بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل،أي أن تمنح روسيا الإسرائيليين نفس الامتيازات التي ستُمنح للمواطنين الروس.حيث سارعت السيدة ايرينا تيورينا السكرتيرة الصحفية لاتحاد الوكالات السياحية الروسيndash; التى تثير اليوم ضجيج حول السياحة فى مصر- للتأكيد بأن أتخاذ إسرائيل لقرار بألغاء تأشيرات الدخول للمواطنين الروس سيزيد من اعداد السائحين الروس إلى إسرائيل عدة أضعاف.واشار العديد من الخبراء أن هدف اسرائيل رفع عدد السائحين الروس الذين يزورن اسرائيل إلى ربع مليون سنويا بهدف تجاوز أزمة قطاع السياحة،وتجدر الأشارة إلى أن تقديرات وزارة السياحة الإسرائيلية قد حددت حجم السياحة الروسية إلى أسرائيل بحوالى 100 ألف سائح،يوفرون إيرادات تقدر بـ 100 مليون دولار.


وبالرغم من المقترح الأسرئيلى مازال معلقا ولم يخرج لحيز التنفيذ،إلا العديد من الأوساط الروسية سارعت للحديث عن اهمية المقترحنبل واعتبرت قرار الغاء تأشيرات الدخول لأسرائيل للمواطنين الروس(الذى لم يصدر بعد) يكاد ينتقل بالمجتمع الدولى لمرحلة جديد،لأنه سيعزز من دور روسيا فى تسوية أزمة الشرق الأوسط،وربما سينقذ البشرية من خطر الأرهاب،فقد طالعنا رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي ميخائيل مارغيلوف بتصريح أعرب فيه (عن ثقته في أن يعزز إلغاء العمل بتأشيرات الدخول بين روسيا وإسرائيل للسائحين الروس من دور موسكو بصفتها أحد رعاة التسوية السلمية في الشرق الأوسط.) وترافقت هذه الحملة مع اعلان كل من شركة quot;ترانس ايروquot; الروسية وشركة quot;العالquot; الأسرائيلية بزيادة عدد رحلاتهم بين موسكو وتل آبيب ليصبح 3 رحلات يوميا!!!


لايستطيع احد تجاهل المشاكل التى وجهها السائحون الروس فى المنتجعات المصرية ليس فقط فى هذا الموسم السياحى،وانما فى المواسم السابقة،وتعود هذه المشاكل إلى عدة اسباب،ابرزها تعامل الشركات الروسية مع بعض الشركات المصرية المغامرة الصغيرة-تحت اغراء رخص الأسعار-.اضافة إلى أن انتعاش حركة السياحة نحو المنتجعات المصرية وتدفق السائحين من بقية الدول ادى لحدوث هذه المشكلة. إلا أن تكرار هذه الحوادث فى السابق لم يحظى بأهتمام الاتحاد الروسي للصناعة السياحية والسيدة ايرينا تيورينا.
ومما لاشك فيه انه لا يمكن اعفاء الجانب المصرى من مسؤوليته عن هذه الحوادث،بل ومطالبته بتعويض المتضررين،ولكننا فى نفس الوقت لابد أن نتساءل عن دوافع الضجيج الذى آثاره اتحاد الصناعيين السياحيين الروس حول هذه المشكلة فى هذا التوقيت ولأول مرة،ولم يهتم الأتحاد بتعويض السائحين الروس وانما اتخذ قرار بخفض رحلات quot;تشارترquot; لنقل السائحين الروس إلى مصر اعتبارا من 20 نوفمبر،ما يخدم بشكل مباشر شركات السياحة الأسرائيلية.أن الحملة التى يقودها اتحاد الصناعيين السياحيين الروس فى توقيت دقيق يسبق وصول موسم السياحة فى المنطقة إلى ذروته،لابد وأن يدفع لاستنتاج نأمل أن يكون غير صحيح،وهو أن اتحاد الصناعيين السياحيين الروس يدخل فى المنافسة داخل سوق السياحة فى المنطقة لحساب الشركات الأسرائيلية.وهو بالتأكيد امر غير مفهوم.وبدلا من حماية رغبات ومصالح السائح الروسى، يقوم الأتحاد بتوجيه السائحين الراغبين فى قضاء عطلتهم على شواطئ البحر الأحمر للأبتعاد عن المنتجعات المصرية والتوجه إلى منتجعات أخرى.

من المعروف أن السياحة فى العديد من دول العالم بشكل عام ودول حوض البحر المتوسط بشكل خاص من احد اهم مصادر الدخل القومى،اذ تتميز بلدان الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط،بتوفر المناخ الملائم والمشهد الممتع لكى تتبؤ الصدارة فى سوق السياحة العالمى.وتشير الأحصاءات الرسمية إلى أن السياحة فى تونس ومصر قد شهدت أنتعاشا ملحوظا خلال الفترة الماضية،حيث حققت عائدات للحكومة التونسية تزيد عن مليار يورو، فيما تجاوزت عائدات السياحة فى مصر 7 مليارات دولار،حيث استقبلت المنتجعات المصرية أكثر من 9 مليون سائح.بينما مازال قطاع السياحة فى اسرائيل يحاول الخروج من أزمته،بعد أن كاد أن يتعرض للأنهيار بسبب الحرب التى شنها يهود اولمرت رئيس الحكومة ضد لبنان صيف عام 2006،والتى سببت خسائر تزيد عن 2.5 مليار دولار لشركات السياحة الأسرائيلية،ومازالت ثلث غرف الفنادق فى اسرائيل خالية،تبحث عن السائحين الذين اصبحوا يتجنبوا زيارة اسرائيل بسبب الأضطرابات المستمرة فى مختلف مناطقها.


وقد قررت اسرائيل أن تخوض المنافسة فى سوق السياحة العالمى لجذب السائح الروسى فى صيف هذا العام، بهدف أنعاش قطاع السياحة،ما وضعها فى منافسة حادة مع مصر وتركيا،حيث يبلغ عدد السائحين الروس إلى المنتجعات المصرية سنويا حوالى مليون سائح.


ويبدو أن المشكلة التى لم يحاول اتحاد الصناعيين السياحيين الروس حلها،وانما قرر أستئصالها، بدأت تأخذ ابعاد اكبر من مجرد بيع حجوزات بعض السائحين الروس،وأن البعض يبذل جهود لأحياء السياحة إلى اسرائيل دون أحترام لقواعد المنافسة الحرة،وانما بقرارات لن تؤدى إلا لزيادة اسعار تذاكر الشارتر الى المنتجعات المصرية وتقليل حجم السائحين بشكل متعمد.بدلا من علاج الأزمة بشكل جاد يحقق رغبات ومصالح السائح الروسى،بدء من عدم تعامل بعض الشركات الروسية مع الشركات الصغيرة التى تقدم اسعار رخيصة مبالغ فيها، بهدف زيادة الأرباح،مرورا بالحصول على ضمانات من وزارة السياحة المصرية لاتقتصر فقط على حل هذه المشاكل بشكل فورى وتحمل مسؤولية الخلل فى هذه الحوادث، وانما ايضا بتوفير مستوى جيد للخدمات التى تقدم للسائح الروسى،وانتهاءا بإلزام الشركات المصرية بتعويض المتضررين من السائحين الروس.ولكن ما يحدث يبدو ان لديه أولويات أخرى.

مازن عباس

موسكو