لاشك أن هناك إختلاف بين القادة العرب على مسئولية رفع الحصار السياسي والإقتصادي عن الشعب الفلسطيني وحكومته المنتخبة ومنهم من يرفض فرض أي شروط أو مواقف على حكومة الوحدة الفلسطينية، ولكن يحمل الفلسطينيين وحدهم المسئولية عن ذلك، وهذا فيه إجحاف بحق الفلسطينيين والقضية الفلسطينية التي تسبب العرب جميعاً في نتائجها السلبية إثر حروبهم الخاسرة ضد إسرائيل والآن جاء اللوم على الفلسطينيين وحدهم لماذا؟ هل من أجل مزيد من الضغوط على الحكومة الفلسطينية؟، وكأن الإعتراف بإسرائيل أصبح مطلب عربي وجاء تأكيد هذا المطلب على لسان أحد القادة العرب الذي طالب حكومة الوحدة الإعتراف بشروط الرباعية الدولية والرباعية العربية.

أهذا هو التشاور والتنسيق المشترك بين العرب جميعاً؟ أين العرب من فك الحصار؟.

فيما يبدوا لي أن الكثير من الدول مستفيدة من بقاء الوضع السياسي والإجتماعي للفلسطينيين على ماهو عليه، وهناك تناقضات أخرى أيضاً بين أصحاب الرأي فبعض الفلسطينيين يقولون إن quot;الموقف الفلسطيني والسياسات الفلسطينية التي سوف تتبناها الحكومة الجديدة، هو شأن فلسطيني، وفي الطرف الآخر نجد أن بعض القيادات الفلسطينية قالت إن فك الحصار هو مسؤولية دولية وعربية وهنا نجد أن الهدف الموحد قد ضاع بين هذه التناقضات وتلك.

ويخطيء من يقول إن quot;رفع الحصار السياسي والاقتصادي لن يتحقق بالنداءات لكنه رهن بقدرة الجانب الفلسطيني على أن يعلي المصلحة الفلسطينية فوق مصالح الفصائل وأن يتحدث بصوت واحدquot; ونسوا أن من يفرض الحصار على الشعب الفلسطيني ليس إسرائيل وحدها وإنما أطراف عديدة من المجتمع الدولي ومنها العربي وإلا فما هو المبرر من إمتناع البنوك العربية عن فك الحصار تحت التهديد الدولي كي تفلت من الإتهامات التي قد تجر عليها مصاعب وهنا نجد أن هذه البنوك غلبت المصلحة المادية على المصلحة القومية، ونتساءل ماهو دور الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل في فك هذا الحصار؟.

توصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد جولته العربية والدولية الأخيرة الى تأكيد كلاً من بريطانيا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا عن إستعدادها للتعاون مع حكومة الوحدة الفلسطينية إذا شكلت على أساس اتفاق مكة، ونتسائل أين التنفيذ؟

إن بعض السياسيين توقعوا أن يساهم التقارب والتوافق الفلسطيني الداخلي، خاصة بعد اتفاق مكة المكرمة، في التخفيف من حدة وحجم الضغوط الخارجية التي يتعرضون لها، غير مستبعدين حدوث شرخ في المواقف الدولية تجاه حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وأكدوا إلى أن القضية الفلسطينية ظلت طوال عقود محل تجاذبات دولية وعرضة للضغوطات من جهات مختلفة، لكن تغليب المصلحة الوطنية على الإصغاء لتلك الضغوطات يجعل الموقف الفلسطيني أشد صلابة وأكثر قدرة على مواجهة تلك الضغوطات.

إن المتابع لهذه القضية يدرك أنها شهدت في السنوات الأخيرة تأثيرات خارجية كبيرة على الأجندة الفلسطينية دون أي مقابل لصالح الشعب الفلسطيني، وآخر هذه التأثيرات محاولة كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية للتأثير على القيادات الفلسطينية وتحالفاتها.

أما النتيجة الأهم لوحدة الموقف الفلسطيني وهذا التقارب فهي الخروج عن عصا الضغوطات الخارجية، وبالتالي الضغط على المجتمع الدولي بشكل قوي ووضعه أمام الأمر الواقع كي يتعاطى مع حكومة الوحدة الفلسطينية، ولهذا نجد أن الجانب الفلسطيني قد فهم المعادلة جيدا خاصة بعد أحداث غزة الدامية وأدرك أن الحرب الأهلية خيار خاسر والأولوية هي لإعادة ترتيب البيت الداخلي التي تعتبر أهم من quot;أوهام التسويةquot;.

وهنا نؤكد على أن صلابة الموقف الفلسطيني مدعوماً ببعض المواقف العربية والدولية ستساهم في تفتيت المواقف المتشددة، حيث أعلنت بعض الدول أنها ستتعامل بإيجابية مع الحكومة المقبلة، بل ذهب رئيس الوزراء البريطاني لأبعد من ذلك حين أعلن استعداده للتعامل مع مسؤولين كبار من حماس وهذه الصلابة التي يولدها الموقف الفلسطيني الموحد أمام الرغبات والضغوطات الخارجية لاشك تسهم بشكل فاعل في فك الحصار، وفي حال استمرار هذا التفاهم بين الفصائل وفي مقدمتها حركتا فتح وحماس فإن المجتمع الدولي لن يجد خيارا سوى التعامل مع الأمر الواقع.

إن مؤتمر quot;قمة التضامنquot; على الأبواب ومطلوب منه أن يتخذ قرارات تخدم القضية الفلسطينية ويعمل على تفعيل مبادرة السلام العربية التي أصبحت الإطار الجامع لأي حل أو تسوية بين الأطراف المتنازعة بالضغط على إسرائيل وأمريكا لفك الحصار وعليه نخلص الى القول أن رفع الحصار هي مسؤولية جميع الأطراف سواء كانت عربية أو دولية وليست فقط فلسطينية.

مصطفى الغريب

كاتب فلسطيني