بعد نجاح قمة التضامن وإصدار البيان الختامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، يأتي الدور العربي والدولي لترجمة بنود مبادرة السلام العربية على أرض الواقع من خلال العديد من الإجراءات لتفعيلها وأول خطوة ينبغي القيام بها هو إصدار قرار تشكيل لجنة عربية ودولية لمتابعة نتائج الإتصالات التي ينبغي في النهاية أن تؤدي الى إقرار مؤتمر دولي للسلام تشارك فيه جميع الأطراف الدولية الفاعلة.

ونتمنى أن يدعم قرار تشكيل هذه اللجنة ويحظى بالمتابعة الشخصية من خادم الحرمين الشريفين وإخوانه الزعماء والقادة العرب ونرجوا أن يتم تشكيل اللجنة في أسرع وقت ممكن وتأتي أهمية هذا القرار من أهمية الأشخاص المشاركين في عضوية اللجنة ومنهم ممثلين عن الدول العربية والإسلامية والإتحاد الأوروبي ومجلس الأمن والولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول العظمى الممثلة في مجلس الأمن.

ومما سبق أعلاه يتضح مدى حرص القادة والزعماء العرب على تفعيل مبادرة السلام العربية ولهذا نحث جميع الأطراف لتتعاون فيما بينها لمساندة هذه المبادرة التي تحظى بقبول عام والعمل بجوهر محتواها ووضعه حيز التنفيذ لنثبت للعالم بأننا كعرب ومسلمين دعاة سلام وطلاب حق.

ويبقى أيضاً أدواراً عديدة نرجوا القيام بها لتفعيل مبادرة السلام العربية ومن جميع الأطراف بلا إستثناء وفي هذا الإطار أيضاً لابد أن يقوم مجلس الأمن بإيداعها في هيئة الأمم المتحدة كوثيقة مرجعية وإصدار قرار موجه الى جميع الأطراف المتنازعة بالإلتزام بهذه المبادرة نصاً وروحاً ولهذا نأمل أن تقوم إسرائيل بدور مشجع للتعامل مع هذه المبادرة بإيجابية حتى ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي الذي دام عقود دون تحقيق السلام والأمن لجميع الأطراف.

كما نرجوا العمل الجاد والنية الصادقة التي نود من الجميع الإلتزام بها وخصوصاً وسائل الإعلام من جميع الأطراف حتى لاتفرغ المبادرة من محتواها أو تخرجها عن سياقها بل ينبغي العمل على الإلتزام بالتصريحات الإيجابية التي تعزز إتفاق سلام وعدم الخوض في التأويلات والتفسيرات التي لاطائل منها إلا إبقاء حالة الصراع على ماهي عليه.

كما ينبغي من الجميع التأكيد على نقطة هامة وهي معادلة quot;لاغالب ولامغلوبquot; لأن الهدف المشترك هو تحقيق السلام القائم على العدل لخدمة شعوب المنطقة بأسرها والعالم أجمع من خلال الوعي المشترك وكذلك الإحساس بالمسئولية تجاه شعوب المنطقة وأهدافها الواضحة والعادلة وأنه لابد من الإنطلاق للقيام بحملة سياسية واسعة النطاق من أجل إنهاء الإحتلال وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية.

ونأمل من الجميع التعاطي بإيجابية ومسئولية وعدم نسيان الدور السعودي ودور الأشقاء العرب الذين ساهموا بشكل إيجابي وعملوا بصبر وبهذه المناسبة نود أن نؤكد أن التصريحات التي أدلت بها وزير الخارجية الإسرائيلية كانت غير مبررة على الإطلاق حيث قالت quot;ان تل ابيب تتوقع من القمة العربية حين تناقش خطة السلام السعودية، ان تسعى الى تطويرها كي تصير اكثر ايجابية من جهة اسرائيل quot;، كما ونندد بأي تصريحات مماثلة ومن أي ناطق رسمي إذا كانت لاتخدم السلام الحقيقي القائم على قرارات الشرعية الدلية، وأن أمثال تلك التصريحات لا تخدم سوى الجهات المتطرفة التي تريد أن تعطل quot; إتفاقية السلام العربية quot;.

وطبقاً لقرارات الشرعية الدولية كان ينبغي على هذه الأصوات إذا كانت لا تريد أن تقول شيئا إيجابيا ففي الحد الأدنى عليها أن تصمت لأننا الآن بصدد الدخول في مرحلة تبادل الثقة وبداية الخطوات العملية لتفعيل قرارات الشرعية الدولية لنقطع الطريق على من لايريد السلام.

ولاننسى أن هناك أطرافاً دولية لاتريد لهذه المبادرة العربية أن تنجح أو تحقق أهدافها ومن هذا المنطلق نؤكد على أهمية هذه الفرصة التاريخية.

وتأتي هذه المبادرة ضمن جدول أعمال مؤتمر القمة لتدعم ببنودها كل مامن شأنه أن يحقق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني وتخفيف المعاناة عن اللاجئين من خلال رؤية سياسية واحدة لتفعيل المبادرة العربية وإيجاد الآليات المناسبة لتنفيذها على أرض الواقع.

ومن قراءتنا للمستقبل نجد أن الظروف السياسية في العالم الآن مناسبة وتدعم تحقيق السلام الشامل والعادل وهي فرصة مناسبة لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني الذي مازال يعاني لأكثر من نصف قـرن من الإحتلال والعيش في المخيمات سواء في الداخل أو في الشتات.

مصطفى الغريب

كاتب فلسطيني